نشطاء يوزعون المياه والطعام على متظاهري جنوب العراق

نشطاء يوزعون المياه والطعام على متظاهري جنوب العراق

17 يوليو 2018
دعم المتظاهرين ولو عبر تقديم المياه (فيسبوك)
+ الخط -
يوزع نشطاء عراقيون من المجتمع المدني، قناني مياه باردة ووجبات سريعة منزلية على المتظاهرين في جنوب العراق، في محاولة للتعبير عن التأييد الشعبي الواسع لحركة الاحتجاجات ضد الحكومة للمطالبة بالإصلاح وإنهاء البطالة والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات الضرورية.

وتدخل الاحتجاجات في مدن البصرة والقادسية وذي قار والمثنى والنجف وكربلاء وبابل وواسط وميسان أسبوعها الثاني، في أطول موجة احتجاجات تشهدها المنطقة الجنوبية بالعراق.

ومع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار الاحتجاجات لساعات أطول، بدأت العوائل العراقية في المدن والأحياء السكنية القريبة من مكان الاحتجاجات بتوفير المياه الباردة بالدرجة الأولى للمحتجين بالشارع، وكذلك بعض الأطعمة الخفيفة، وهي عادة سكان الجنوب القديمة في مواسم الزيارات الدينية والمناسبات العامة الاجتماعية المختلفة.

وفي البصرة تحمل سيدة في العقد السادس من العمر، قناني مياه باردة وتوزعها على الشباب وهي تردد عبارة: "برد قلبك ابني حتى تبرد قلوبنا بالنهاية"، في إشارة إلى تأييدها للاحتجاجات.

وتقول الحاجة أمينة عبود الساعدي (65 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنها تريد أن تقدم شيئاً لقضية تراها عادلة، وهي الاحتجاج على فساد الأحزاب الدينية"، وتضيف "لم يسرقونا فقط بل سرقوا سنوات عمرنا وبثوا الطائفية بيننا".

ولا تقتصر مياه الحاجة الساعدي على المتظاهرين فقط، بل توزعها أيضا على قوات الأمن الذين يقفون أمامهم. وتقول عن ذلك: "هم لا يختلفون عن المتظاهرين كثيرا، الفرق الوحيد بينهم هو أنهم نجحوا في الحصول على وظيفة".

من جهتها، توضح الناشطة شفق الربيعي أن "أفضل ما نستطيع تقديمه للمتظاهرين المطالبين بحقوقهم جميعا، هو تزويدهم بمياه الشرب وبعض الطعام وهم يتجمعون في الشوارع والساحات العامة".

وتقول الربيعي لـ"العربي الجديد"، إنّ "حرارة الجو شديدة وأشعة الشمس حارقة خلال ساعات النهار، والمتظاهرون يتجمعون في الشوارع والساحات العامة، وأغلبهم لا يعودون إلى منازلهم إلا في أوقات متأخرة، لذلك فهم في حاجة ماسة للماء والطعام".

ولأن الخروج إلى المظاهرات يشكل خطراً شديداً على النساء، فقد وجدن طريقة للمشاركة فيها، سواء في بغداد أو محافظات الجنوب، عبر شراء قناني المياه الصغيرة ووجبات الطعام وتوزيعها على المتظاهرين.

تقول زينب الزبيدي: "يصعب علينا التظاهر مع الشبان بسبب حرارة الجو من جهة، وخطورة الأمر من جهة ثانية نتيجة القمع وإطلاق الرصاص، وفي الوقت ذاته نشعر بالخجل من بقائنا مكتوفي الأيدي دون تقديم شيء".

وتتابع "وجدنا في إطلاق هذه الحملة فرصة لإعانة المتظاهرين في هذا الجو شديد الحرارة، وبدأنا ننسق مع بعضنا لشراء قناني الماء البلاستيكية والخبز وبعض الغذاء، ثم توزيعه على المتظاهرين على مدار الساعة وخاصة في ساعات النهار".

فرقد الموسوي، أحد متظاهري النجف، يقول: "عندما نخرج إلى الشوارع للمطالبة بحقوقنا  نكون بالآلاف ونقطع أحيانا مسافات طويلة نحو الساحات العامة والدوائر الحكومية للتظاهر ونجد صعوبة في الحصول على الماء والطعام".

ويوضح أن "ناشطين من كلا الجنسين أخذوا على عاتقهم توزيع الطعام والماء علينا خلال ساعات النهار وحتى في ساعات الليل، وهذا ما أسعفنا كثيراً وأشعرنا بأهمية ما نقوم به من تظاهرات مشروعة لتغيير الواقع المؤلم".

لكن الأمر لم يقتصر على توزيع الماء والطعام فقط، بل شكل ناشطون آخرون مجموعات شبابية مهمتها التواصل مع المتظاهرين لاستقبال المصابين وعلاجهم في المنازل بعد اعتقال القوات الأمنية لعشرات الجرحى في المستشفيات.

وفي السياق، يقول حامد المدني: "خلال التظاهرات سقط عشرات الجرحى، وفي بداية الأمر من الطبيعي أخذهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، لكننا فوجئنا بقيام القوات الأمنية بمداهمة المستشفيات واعتقال الجرحى، وهو ما دفعنا إلى التفكير في تقديم الإسعافات والعلاجات الضرورية لهم في المنازل".

المساهمة في دعم التظاهرات (فيسبوك)

ويضيف "شكلنا مجموعات شبابية وهيأنا بعض المنازل مع المستلزمات الطبية لاستقبال الجرحى ومعالجتهم، باستثناء الحالات الصعبة والخطرة، وهو ما سهل مهمة علاج الجرحى وإنقاذ أرواحهم بوقت أسرع، لأن قوات الأمن تقطع الطرق المؤدية إلى المستشفيات وتعتقل الجرحى داخلها في حال تمكنهم من الوصول إليها".


من جانبهم، أخذ شباب ونشطاء آخرون على عاتقهم مهمة تصوير ما يجري للمتظاهرين من عمليات إطلاق النار والغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن، وتسريب المقاطع المسجلة لكشف ما يجري.

وتشهد محافظات بغداد والبصرة وكربلاء والنجف وبابل والديوانية والمثنى وميسان مظاهرات حاشدة انطلقت شرارتها الأولى في محافظة البصرة قبل نحو أسبوع، احتجاجاً على استمرار انقطاع الكهرباء وتردي الخدمات العامة وتفشي البطالة بين الشباب.