الفرنسيون يستعدون لاستقبال منتخبهم الفائز بكأس العالم 2018

الفرنسيون يستعدون لاستقبال منتخبهم الفائز بكأس العالم 2018

16 يوليو 2018
فرنسا تحتفل بفوز منتخبها بكأس العالم(تويتر)
+ الخط -
يتابع الفرنسيون بكل أطيافهم وانتماءاتهم احتفالاتهم في ساحة الشانزيليزيه في العاصمة باريس بعد ظهر اليوم الاثنين، ويحتشدون مجدداً لاستقبال منتخبهم الوطني لكرة القدم، ورؤية اللاعبين والمدرب الذين أحرزوا النصر الكبير وهم يلوحون بكأس العالم، مواصلين مظاهر الفرح التي عمّت كامل التراب الفرنسي.

ولم ينتظر الفرنسيون عودة فريقهم القومي حتى يحتفلوا بهذا الانتصار النادر، بل تدفقت الجماهير بعد الصافرة الأخيرة مباشرة نحو الساحات العمومية، في المدن والبلدات، واستمرت الحفلات حتى الصباح. عشرات الآلاف احتشدوا في جادة الشانزيليزيه، في باريس، ومثلهم في مدن مارسيليا وبوردو وليل وغيرها، قبل ساعات على بدء المباراة النهائية، عيونهم معلقة بالشاشات العملاقة يترقبون الفوز.

فرنسا قبل الكأس ليست هي ذاتها بعده، مع إحرازها لقب البطولة للمرة الثانيةٌ بعد عشرين عاماً، إذ قطفه زين الدين زيدان ورفاقه آنذاك. وقد رفرفت الأعلام الفرنسية وأعلام البلدان التي ينحدر منها معظم لاعبي المنتخب الفرنسي، من المغرب والجزائر وموريتانيا ودول أفريقية أخرى، وعلقت الشعارات بالفرنسية والإنكليزية: "حققنا الفوز"، "نحن الأبطال"، "شكرا للاعبين"، "تحيا الجمهورية"، وغيرها.

الأطفال والبالغون، النساء والرجال، الفرنسيون وغير الفرنسيين، احتفلوا حتى ساعات الصباح في الشوارع الكبرى وفي المقاهي والحانات، أطلقوا المفرقعات والألعاب النارية، وكان الحفل مباحاً، هذه المرة. لا ضير من الإزعاج، وإطلاق أبواق سيارات، فالفرنسيون جذلون بهذا الإنجاز الذي تحدى العمالقة، البرازيل والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا.


استيقظت فرنسا وشوارعها بصعوبة بعد احتفالات الأمس لكن الفرح مستمر. ومعظم الفرنسيين الآن في عطلة، تنسي المرء همومه فلا تشغله زيادات الأجور ولا القدرة الشرائية. لذلك هي بالنسبة للغالبية العظمى بمثابة استراحة المحارب، أكسبها الفرح بكأس العالم طعم راحة إضافية.

الانتصار الرياضي لفرنسا وحّد الفرنسيين، كانوا جميعهم خلف المنتخب، فرنسيين متعصبين ومهاجرين، سياسيين وغير سياسيين. حتى مارين لوبان، رئيسة حزب يميني متطرف ومعاد للأجانب، وجهت "التحيّة للمدرب وكلّ لاعبي المنتخب". ما يذكر بموقف والدها جان ماري لوبان، الذي سخر من إنجاز 1998، بقوله "ليس فريقا وطنيا فرنسيا، لأن معظم لاعبيه سودٌ وعرَبٌ".

الإنجاز الفرنسي جعل كل الفرنسيين محللين رياضيين، ومتسامحين أيضاً، لأن النصر يُنسي ما عداه. انتهى زمن انتقاد اللاعب جيرو، وغياب كريم بنزيما، وعدم استفادة المدرب من اللاعب فقير وضرباته الصاروخية، ومن سوء أداء هذا اللاعب وذاك. و"لو لم يكن اليوم عطلة صيفية، لسمحت للأطفال بألا يحضروا إلى مدارسهم"، يقول لنا رئيس إحدى بلديات الضاحية الباريسية. ويضيف: "أي شيء أكثر سعادة من فرح يتقاسمه الجميع، خصوصاً الأطفال".

المحال التجارية مفتوحة في موسم التخفيضات الذي يدوم 6 أسابيع. والحديث فيها لا يتوقف بين الباعة والزبائن عن كرة القدم. في حين يحوم الأطفال باحثين عن قمصان نجومهم، "امبابي" و"غريزمان" و"بوكبا"، وآخرين. والمؤسسات الحكومية مفتوحة، لكن بالحد الأدنى من الموظفين، الذين يظهرون الود والتساهل، إنها ثمرات الفوز والنصر بادية عليهم. حتى المهاجرون قانونيين كانوا أم غير قانونيين، يحدثونك لو التقيت أحدهم عن لحظات وُدّ تقاسموها مع فرنسيين، وتبادل عناق وقبلات مع أشخاص لا يعرفونهم.

يقول لنا الباحث قدور زويلاي، بنوع من السخرية: "إن دور الكتيبة الأجنبية، أو اللفيف الأجنبي في الفريق الوطني، كان حاسما"، فالفرنسيون، من أصول أجنبية، عرفوا كيف يُحضرون الفرحَ والأمل لعموم الشعب الفرنسي.

"لن تختفي العنصرية والإسلاموفوبيا، بالكامل بفضل كرة القدم، ولا حتى عن طريق تصويت النواب الفرنسيين، مؤخرا، لمنع استعمال كلمة عِرق". هذا ما أشار إليه الباحث الفرنسي محمد بن الطاهر، حين استشاط غضبا في صفحته على "فيسبوك"، تجاه حرص بعض وسائل الإعلام على تجاهل أصول اللاعب إمبابي الجزائرية، ويكتب "والدة امبابي من أصول جزائرية، لكن وسائل الإعلام لا تزال في زمن الجزائر الفرنسية، إذن فهو ليس إلا كاميرونيّاً".

الفرنسيون بانتظار منتخبهم


الحشود التي كانت أمس في الشانزيليزيه ستعود اليوم، وتصل ذروتها عند الساعة الخامسة والنصف مساء (بالتوقيت المحلي)، لأن المنتخب سيخترق الحشود في هذه الجادة الجميلة، ويلوّح لاعبوه والمدرب بالكأس ويحيون الجماهير رغم تعب السهر والسفر واللعب، قبل أن ينزلوا في قصر الإليزيه، ضيوفاً على رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون.

وتضاعف الشرطة الفرنسية يقظتها، حتى لا يتكرر ما حدث أمس، من طرف مجموعة ملثمة أقدمت على تكسير بعض المحال، قبل أن تطاردها قوات الأمن وتعتقل 102 شخص.

وليس من النادر في مثل هذه المناسبات حدوث أعمال شغب تنغص بعض الفرح، إذ قبل يومين، أي في عز الاحتفال بالعيد الوطني، أحرقت أكثر من 845 سيارة في أرجاء البلاد. ​