مخاوف من تزايد حالات انتحار كبار السن في المغرب

مخاوف من تزايد حالات انتحار كبار السن في المغرب

16 يوليو 2018
دفء العلاقات الاجتماعية والرعاية حاجة ضرورية للمسنين(فيسبوك)
+ الخط -
توالت حوادث انتحار مسنين وشيوخ في أكثر من منطقة بالمغرب خلال الآونة الأخيرة، واختار كبار في السن من عمر الستين وما فوق الإجهاز على حياتهم بطرق مختلفة، لأسباب عائلية أو نفسية، وأخرى تظل غامضة.

وقرر رجل في عقده السابع، وأب لتسعة أبناء ولديه أحفاد أيضا، أن يهني حياته بطريقة مؤسفة يوم الجمعة الماضي. وأقدم على شنق نفسه داخل بيته في إحدى ضواحي مدينة تاونات، غير أن الأسباب ما تزال غامضة باعتبار أن الهالك لم تكن لديه مشاكل نفسية وفق مقربين من عائلته.

وقبل انتحار الشيخ السبعيني بيوم واحد، اختار شيخ في عقده الثامن بمدينة سطات غرب البلاد، الانتحار أيضا لكن بطريقة أخرى لا تقل مأساوية، بتناوله مادة سامة تستخدم في إبادة الفئران. وأثير لغط عن مشاكل نفسية حادة اعترته قبل أن يقرر فجأة إنهاء حياته انتحارا.

وفي بداية الشهر الجاري، انتحر شخص في عقده السادس بإضرام النار في جسده، فسكب مادة حارقة على نفسه وسط الشارع العام بمدينة أغادير، لكنه فارق الحياة بعد نقله إلى المستشفى بوقت قصير، رغم محاولة مواطنين إنقاذه من النيران التي التهمت أجزاءً من جسمه.

وإذا ظلت أسباب انتحار المسن الأول غامضة، والثاني دفعته مشاكله النفسية نحو مصيره المؤلم، إلا أن أسباب الستيني المنتحر حرقا كانت عائلية وفق مصادر مقربة من أسرته، فلم يستطع معها تحمل الحياة، وقرر إنهاء حياته بطريقة درامية هزت مدينة أكادير.


وقبل أسابيع قليلة عرفت منطقة تارودانت جنوب البلاد حادثة أليمة تمثلت بانتحار شيخ في عقده الثامن، وُجد مشنوقا داخل إسطبل للمواشي. كما شهدت مدينة شفشاون شمال البلاد في الشهر المنصرم انتحار رجل ستيني بعد أن لف حبلا على عنقه متدليا من شجرة، وكان يعاني من اضطرابات نفسية.

ويورد الباحث في مركز الدراسات الاجتماعية بجامعة الرباط، كريم عايش، أن ظاهرة انتحار المسنين في المغرب تنامت في الآونة الأخيرة باتت تثير للاهتمام، مع تزايد الضغوط النفسية المرتبطة أساسا بحالة الإحباط المزمنة، والحنق حيال الأوضاع الاجتماعية، وغياب أي آفاق للاستمتاع بالحياة كما تروج لها قنوات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويتابع عايش بأن هؤلاء المسنين يجدون أنفسهم وحيدين ومعزولين وسط أحوال اجتماعية مزرية تحرجهم من سؤال المساعدة ومد اليد بطلب المعونة. ويركز على تواري الأهل والأصحاب في بعض الحالات، وغلبة السلوك الفرداني داخل المجتمع والاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة في التواصل بين الناس.

ويسترسل الباحث بأن هذا الواقع يزيد الصعوبات أمام الأشخاص المسنين غير قادرين على مواكبة التطور التكنولوجي، والانسجام مع التغيرات الجديدة التي يزيد من عزلتهم. ويرى أن "فقدان الدفء الاجتماعي يؤدي بالمسنين إلى الانعزال، فضلا عن غياب أي سياسة وطنية تهتم بهذه الشريحة من المواطنين الذين يُتركون لأنفسهم وللإهمال، وفي أفضل حالاتهم يُحالون إلى دار العجزة".