تونس تعدّ قانوناً لحماية اللاجئين

تونس تعدّ قانوناً لحماية اللاجئين

11 يوليو 2018
لاجئتان في مخيم الشوشة قبل تفكيكه (Getty)
+ الخط -
تسعى تونس إلى إقرار قانون لحماية اللاجئين على أراضيها والحفاظ على حقوقهم ودمجهم في المجتمع، ما يعكس تقدّماً على هذا الصعيد في المنطقة. بالتالي، سيتمتع اللاجئون بالحق في العمل والتنقل والصحة والتعليم 

قبل أكثر من ست سنوات، سعت الحكومة التونسيّة إلى صياغة مشروع قانون خاص بحماية اللاجئين بإشراف وزارة العدل وحقوق الإنسان، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، بهدف وضع إطار قانوني يحدّد صفة اللاجئ وحقوقه في الاندماج في البلد المستضيف وكيفية التعامل مع مسألة اللجوء في البلاد. يضاف إلى ما سبق الاستعداد للأزمات الإنسانية الناتجة عن الحروب وما قد ينجم عنها من تداعيات أمنية، خصوصاً أنّ الدستور التونسي نصّ على حماية اللاجئين. بذلك، يكون هذا أوّل مشروع قانون وطني خاص باللّجوء في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بحسب مركز الدراسات القانونية والقضائية التابع لوزارة العدل.

وكان المشروع ثمرة جهود مشاورات ولقاءات بين الوزارات المعنية، أهمّها وزارة العدل، ممثلة بمركز الدراسات القانونية والقضائية. ويقول رئيس اللجنة في المركز طه الشابي، لـ "العربي الجديد": "المشروع لا يمثل نسخة نهائية، وما زالت المشاورات مستمرة لإعداد نسخة نهائية، قبل عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه وعرضه على البرلمان".



يذكر أنّ تونس استقبلت منذ بداية الحرب في ليبيا في عام 2011 آلاف اللاجئين من ليبيا من جنسيات عربية وأفريقية مختلفة، وخصصت لهم مخيّم الشوشة في الجنوب. في 19 يونيو/ حزيران في عام 2017، فُكّك المخيّم وأجلي من بقي فيه من لاجئين.

ويبيّن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بن حسن لـ "العربي الجديد" أنّ المشروع سيحلّ مشكلة التعامل الأمني مع مسألة اللاجئين، ويساهم في حمايتهم ودمجهم في المجتمع، ومنحهم حريّة التنقل وحق التعليم والصحة والعمل. ويؤكد أنّ القانون سيعرّف اللاجئ ويحدد الشروط للحصول على صفة لاجئ. ولن تمنح صفة لاجئ لمن شارك في أعمال إرهابية أو إجرامية.

وبحسب مشروع القانون المكوّن من 48 فصلاً، يمكن أن يتقدّم بطلب لجوء كل شخص أجنبي يدخل التراب التونسي ولا يستطيع أو لا يريد العودة إلى الدولة أو الدول التي يحمل جنسيتها، بسبب خوف جدي وحقيقي له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لفئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية. أو كل شخص عديم الجنسية يدخل التراب التونسي ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف العودة إلى الدولة التي كان يقيم فيها.

لاجئ من السنغال (كريس ماكغراس/ Getty) 


وينصّ مشروع القانون على أن يتساوى اللاجئ مع المواطن التونسي في ممارسة حرية المعتقد والقيام بالشعائر الدينية، ما لم تخل بالأمن العام، والحق في التعليم الأساسي والصحة. ويتساوى اللاجئ مع الأجنبي وفقاً للتشريع الجاري العمل به في التمتع بالملكية، وحرية التنقل، والإقامة داخل البلاد، والعمل، والضمان الاجتماعي.

على صعيد آخر، سيُتيح القانون إنشاء هيئة وطنية للجوء تتولّى متابعة أوضاع اللاجئين وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، وتعدّ دراسات حول كلّ ما يتعلّق بهم. كذلك ستتولّى النظر في طلبات اللجوء وإسنادها أو منعها. وتتألّف الهيئة من ممثلين عن الوزارات المعنية والمنظمات الوطنية والدولية المعنية باللاجئين، على غرار الهلال الأحمر ومفوضية اللاجئين.

ويتعيّن على الهيئة الوطنية لحماية اللاجئين والسلطات الوطنية المكلفة تطبيق أحكام هذا القانون احترام الضمانات الدستورية والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية في مجال حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، خصوصاً الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين.



كذلك تقرّر الهيئة الوطنية لحماية اللاجئين الامتناع عن منح صفة لاجئ إذا ما توفرت لديها أسباب جدية تدفع للاعتقاد بأنّ طالب اللجوء قد ارتكب جريمة ضد السلام، أو جريمة حرب، أو جريمة ضد الإنسانية، استناداً إلى الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية، أو ارتكب جناية خارج التراب التونسي لا تحمل طابعاً سياسياً. كما لا يمكن أن تسند صفة لاجئ إلى كل شخص صدر ضده حكم من المحاكم التونسية بسبب جريمة إرهابية، أو حكم يقضي بسجنه مدّة عشر سنوات على الأقل، وكان وجوده على التراب التونسي يشكل بصفة مباشرة أو غير مباشرة تهديداً خطيراً للنظام العام أو الأمن العام. هنا، تعلّق إجراءات النظر في طلب اللجوء إلى حين صدور حكم نهائي.

وينصّ الفصل 10 على أنّ الهيئة تقرر إبطال صفة لاجئ عن كل شخص سبق أن منح هذه الصفة، في حال تبيّن أن منح صفة لاجئ بُني على معطيات غير حقيقية، ولم تكن هذه المعطيات متوفرة لدى النظر في طلب اللجوء. ويحقّ لطالب اللجوء، بحسب مشروع القانون، البقاء داخل التراب التونسي إلى أن تبت الهيئة المختصة في طلبه ويستوفي حقه في ممارسة الطعون التي يكفلها هذا القانون.



من جهة أخرى، يمنع مشروع القانون اللاجئ من ممارسة أي نشاط سياسي فردي أو جماعي، وارتكاب أي عمل من شأنه النيل من مصالح البلاد التونسية. ويتعيّن على كل لاجئ أن يُعلم الهيئة الوطنية لحماية اللاجئين فوراً بكل تغيير يطرأ على وضعيته، خصوصاً الحالة المدنية والاجتماعية وعدد الأبناء أو مقر الإقامة. وفي كلّ الأحوال، يتعين على كل لاجئ تقديم تصريح للهيئة مرة كل ثلاث سنوات منذ تاريخ حصوله على صفة لاجئ، يتضمن كلّ المعطيات المتعلقة به.

وبحسب ممثل المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مازن أبو شنب، فإنّ نحو 650 لاجئاً موجودون في تونس، ومسجلون لدى المفوضية، ومعظمهم من السوريين. وهناك أكثر من 23 جنسية للاجئين في تونس. يذكر أنّ وزير الخارجية التونسية خميس الجهيناوي أفاد في نهاية الشهر الماضي بأنّ تونس تعارض أيّ مشروع يهدف إلى تحويلها إلى منصة لاستقبال اللاجئين، وذلك رداً على مساعٍ أوروبية تقودها ألمانيا لإقناع الحكومة التونسية بتوفير منصة للمهاجرين غير النظاميين واللاجئين على أراضيها. ويشير إلى أنّ الفكرة التي تحاول بعض الدول الأوروبية تمريرها لن تحلّ المشكلة، لأنها تقوم على ترحيل أو نقل المشكلة من البحر إلى الأرض.

المساهمون