عشرات الغرقى والمفقودين في تونس... واتهامات للحكومة بتجاهل المأساة

عشرات الغرقى والمفقودين في تونس... واتهامات للحكومة بتجاهل المأساة

04 يونيو 2018
تجمع لأهالي المفقودين من المركب الغارق بتطاوين (فيسبوك)
+ الخط -
رغم الفاجعة التي عاشتها تونس يوم أمس الأحد نتيجة غرق مركب يقل مهاجرين سريين إلى إيطاليا، وموت أكثر من 47 شخصاً بحسب آخر المعطيات، وفقدان العشرات، غابت الحكومة والمسؤولون عن المشهد دون أي تعليق أو مواساة للعائلات المنكوبة.

وقالت وزارة الدفاع التونسية إن قواتها بالاشتراك مع قوات الدرك تمكنت من إنقاذ 68 مهاجراً، في حين نقلت جثث الغرقى إلى مستشفى مدينة صفاقس قبل تسليم جثامين من تم التعرف عليهم إلى أهاليهم.

وبدأت المدن التونسية تحصي قتلاها، وتأكدت من فقدان تسعة شبان من مدينتي الحامة وتطاوين في جنوب تونس، وغيرها من مدن ومحافظات أخرى.

وانشغلت صفحات التواصل الاجتماعي بنشر صور القتلى والناجين، كما ألغيت فعاليات ثقافية أمس الأحد في بعض المدن حداداً على من قضوا في تلك الفاجعة التي جعلت يوم أمس "أحداً أسود".

وساد في تونس أمس حالة من الاستغراب للغياب الملحوظ و"السبات العميق" للرئاسة والحكومة والأحزاب والنواب في خضم الحدث المفجع، وكأن ما حدث لم يكن سوى حادث عابر لم يخلف هذا العدد الكبير من الشباب القتلى الذين راهنوا بحياتهم من أجل ظروف أفضل. وحافظت البرامج التلفزيونية على نفس برامجها، عدا إشارات عابرة للخبر كأن شيئا لم يحدث.

ولم تتفاعل أي مؤسسة رسمية مع هول ما حدث، ولم تعلن الحداد الرسمي على أرواح القتلى، ولم تخرج عنها أية تعزية للعائلات الثكلى. في حين كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد يتجول في سوق أسبوعية لبحث الحد من الاحتكار وارتفاع الأسعار وتكثيف المراقبة، بحسب ما أورده موقع حكومي.



وفي خطأ قاتل لوحظ، رئيس الحكومة يبتسم وهو يحاور المواطنين في أحد البرامج، بينما كانت العائلات في نفس التوقيت تئن لصور أبنائها وجثثهم ونهاية أحلامهم في عرض البحر الأبيض المتوسط.

ولم يكلف المسؤولون ولا زعماء الأحزاب المعروفون أنفسهم بالإشارة إلى الحادثة لا من قريب ولا من بعيد. وخلت صفحاتهم الرسمية من أي موقف تجاه الكارثة وأسبابها ودوافعها.



في حين كتب مستشار الغنوشي لطفي زيتون على صفحته الرسمية اعترافا قال فيه "بقدر ما كانت لنا الشجاعة أن نحمل النظام السابق مسؤولية ما حصل من كوارث في عهده وأدنّاه به، بقدر ما يجب أن تكون لنا الشجاعة نفسها لنعتبر أن لنا نحن السياسيين في الأحزاب أو في الحكومة جزءا من المسؤولية عمّا يحصل من كوارث في البلاد اليوم، بما في ذلك كارثة غرق عشرات الشباب من ضحايا القهر الاقتصادي اليوم. هذه مسؤولية أمام الشعب وأمام الله، وهي أيضا استقامة على قيم ومبادئ الوطنية التونسية. رحم الله الشباب وغفر لنا تقصيرنا".






وكتب النائب عن الجبهة الشعبية، منجي الرحوي: "تلقينا ببالغ الأسى فاجعة غرق قارب بسواحل قرقنة، اليوم أكثر من 40 عائلة أخرى غربت عليها الشمس وهي تفتقد أحد أفرادها(...) يوم حزين في تونس أين يرمي الشاب نفسه بين أحضان الموت مقابل بصيص أمل في حياة كريمة. صورة تلخص حالة وطن(...) وطن يغرق في حصيلة حكومات متعاقبة من الفشل والمغالطة والتغطية على الفاسدين".


وأضاف الرحوي: "سيذكر التاريخ في صفحاته القاتمة وطنا كان شبابه مستعدا للهروب منه حتى إلى الجحيم، شباب ذنبه الوحيد أنه تقاسم وطنا مع الخونة والعملاء فكان عليه أن يواجه قدرا قاسيا وخيارات محدودة بين الموت ظلما وقهرا أو غرقا وحرقا(...)تعددت الأسباب والنتيجة محتومة".

واعتبر عماد الدائمي، أمين عام حزب حراك تونس الإرادة أن ما حصل "فظيعة جديدة تعكس حجم الإحباط الذي يسود شباب البلاد. ليس أثقل على نفس الإنسان من أن يعيش نفس المصيبة مرات متعددة ويعرف أنه سيعيشها مستقبلا دون أن يقدر على إيقاف هذا المسار اللعين".




وكتب على صفحته الرسمية: "يهربون من الموت البطيء في البلاد بسبب التهميش والفقر والبطالة وغياب الفرص وغياب العدالة والإحباط والدمار الذاتي، دون خوف من الموت السريع والانتهاء لقمة لسمك المتوسط الذي تعود بلحم البشر(...) وجلهم يعتبر الموت السريع أرحم من الموت البطيء".


 




وتساءل الدائمي "إلى متى تتواصل هذه الكوارث، وكيف يمكن للمجموعة الوطنية أن توقف هذا النزيف الرهيب في الأرواح والتدهور الفظيع للمعنويات الجماعية. وكيف يمكن إقناع شباب تونس الأبرار أن الأمل موجود في بلادهم وأن أوضاعهم قابلة للتحسن، وأن الأمل من وراء المتوسط كاذب وأن أوروبا لم تعد ولم تكن أصلا جنة، وأن الحياة كدح ونضال(...) وأنه بالنضال ستتغير البلاد".

وعدا تلك المواقف القليلة، لم نعثر على مواقف مهمة لشخصيات أخرى تفاعلت مع الحدث برغم البحث في صفحات الأحزاب والشخصيات. ويستفيق الجميع اليوم الاثنين على هول ما حدث وعلى التقصير الكبير الحاصل، ويحاولون القفز على الحدث بكثير من التأخير، في محاولة لتسجيل نقاط سياسية تعود عليها التونسيون.

المساهمون