بكالوريا الجزائر في درجة حرارة تتجاوز الـ 40

بكالوريا الجزائر في درجة حرارة تتجاوز الـ 40

24 يونيو 2018
المكيفات ضرورية (فاروق باطيش/ فرانس برس)
+ الخط -
يُجري تلاميذ ولايات الصحراء في جنوب الجزائر امتحانات البكالوريا في درجة حرارة تتجاوز الأربعين درجة، ما يجعلهم عاجزين عن التركيز ويؤدي إلى انخفاض نسب النجاح 

في درجة حرارة تتجاوز الأربعين، يُجري تلاميذ ولايات الصحراء جنوب الجزائر امتحانات البكالوريا، أسوة بنظرائهم في مدن الشمال وتلك الساحلية. وعلى الرغم من المناخ القاسي وغياب وسائل التكييف وظروف أخرى، يتحدّى التلاميذ الظروف الصعبة، طامحين إلى النجاح والالتحاق بالجامعات.

خلال اليوم الأوّل من امتحانات شهادة البكالوريا، شهد مركز امتحان في منطقة رقان جنوب البلاد، حالات إغماء وإرهاق بسبب ارتفاع درجات الحرارة في هذه المنطقة، علماً أنّ السلطات لم تستطع توفير مكيّفات هواء في مراكز الامتحان، ما يعني أن التلاميذ اضطروا إلى إجراء الامتحانات في ظروف صعبة. وإن لم تبلغ الحرارة أقصى درجاتها بعد، إلا أنها أثرت بشكل لافت على أداء التلاميذ.

ويؤكّد مبروك كاحي، الذي صار أستاذاً في كليّة العلوم السياسية في جامعة ورقلة جنوب الجزائر، أن "شقيقته وأحد أبناء عمومته، يواجهان الظروف نفسها التي عاشها قبل سنوات في مراكز الامتحان بسبب ارتفاع الحرارة". ويلفت إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يؤثر على تركيز التلاميذ، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أنه "مع اجتياز التلاميذ امتحان البكالوريا منذ الخميس الماضي وحتى يوم غد، يتذكر درجة الحرارة التي بلغت أمس الأول 45 درجة، ومروره بتلك التجربة القاسية، التي تتداخل فيها عوامل الحرارة ونقص الإمكانيات مع الخوف والقلق من المستقبل". ويشير إلى أن "ضعف المجتمع المدني وقلة حيلة أعيان مدن الجنوب جعل الضغط على الحكومة لتوفير ظروف أفضل لتلاميذ البكالوريا أمراً صعباً".



قبل ثلاث سنوات، رفعت منظمات أولياء أمور التلاميذ في ولايات الجنوب مطالب إلى الحكومة لتنظيم "بكالوريا خاصة" بتلاميذ الجنوب بسبب ارتفاع درجات الحرارة في هذه المناطق خلال شهر يونيو/ حزيران، وتجاوزها الأربعين درجة. وفي ظل غياب الوسائل التي تسمح بتوفير ظروف مريحة للتلاميذ لاجتياز الامتحانات، اجتمع أولياء الأمور في عام 2015 من ولايات أدرار وتمنراست ورقلة، لرفع لائحة إلى الحكومة بهذا الشأن، ودعوتها إلى مراعاة الظروف المناخية للتلاميذ في هذه المناطق، أو إقرار الامتحانات في شهر مايو/ أيار، أي قبل بدء ارتفاع درجات الحرارة. لكنّ الحكومة لم تستجب لهذا المطلب، وﺳﺒﻖ ﻟها ﻓﻲ سنوات 1996 و1997 و1998 ﺃﻥ ﻧﻈﻤﺖ ﺛﻼﺙ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ، ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟتلاميذ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ، ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻟتلاميذ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ منظمات أولياء التلاميذ، وكانت التجربة ناجحة ولم تشهد حدوث أية مشاكل.

لكن الحكومة الجزائرية تراجعت لاحقاً، واعتبرت أنّ ارتفاع درجات الحرارة لا يمكن أن يكون عائقاً أمام التلاميذ. كما أن تنظيم امتحاني ﺑﻜﺎﻟﻮﺭﻳا يحتاج ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺩ ﻭﻭﻗﺖ، سواء لإعداد الأسئلة أو لتصحيح الامتحانات.

ويؤكّد الناشط المدني إيباك عبد المالك أن الظروف التي يجري فيها تلاميذ الجنوب امتحاناتهم غير منصفة بالمقارنة مع مناطق الشمال. ويقول: "يفترض أن تزود مراكز الامتحانات الخاصة بتلاميذ الجنوب بالمكيفات بسبب درجة الحرارة العالية. وقبل البكالوريا، اجتاز تلاميذ المتوسط امتحاناتهم في ظروف مماثلة، إذ تجاوزت درجات الحرارة 42". يضيف أن "ارتفاع درجة الحرارة ليس المشكلة فقط. ثمة أيضاً نقص في وسائل النقل للتلاميذ المقيمين في المناطق النائية والبعيدة".

ويرى التربوي ولد امبارك جودي أن الظروف التي يجري فيها تلاميذ الجنوب امتحاناتهم غير منصفة. ويقول إن "إجراء تلاميذ الجنوب امتحان شهادة البكالوريا في درجة حرارة عالية، وسط انعدام التكييف في معظم مراكز الامتحان، جريمة". وتدفع الظروف المناخية الصعبة عدداً كبيراً من الناشطين إلى مساعدة التلاميذ في مناطق الجنوب، وتوفير ما أمكن للحد من تأثير الحرارة المرتفعة، وتأمين الإقامة للتلاميذ القادمين من البلدات النائية".



وبادر ولد امبارك إلى نشر إعلان ورقم هاتفه على صفحات فيسبوك، لعرض كل أشكال المساعدة للتلاميذ القادمين للامتحان من خارج مدينة رقان، أقصى جنوب الجزائر، إذ تبعد المسافات بين البلدات والمدن في الصحراء الجزائرية، ويقل فيها النقل أيضاً.

وبسبب الحرارة، يضطر التلاميذ الممتحنون للبقاء داخل المؤسسات التربوية بعد تناول وجبة الغداء. ونشر ناشطون من الجنوب صوراً في مدينة ورقلة جنوب الجزائر، تظهر نوم التلاميذ في مراكز الامتحان وبعض المساجد، قبل إجراء الامتحان المسائي.

وتسجل مناطق الجنوب الجزائري في الغالب نتائج متدنية في عدد الناجحين في امتحانات البكالوريا لأسباب عدة تتعلق بضعف تكوين التلاميذ، ونقص الأساتذة في عدد من المواد، وضعف البنية التحتية، والمواصلات. لكن العوامل المناخية في منطقة تعرف بارتفاع درجات الحرارة فيها إلى مستويات قياسية تصل أحيانا إلى 45 درجة، والظروف التي تجري فيها الامتحانات النهائية، تشكّل أيضاً عاملاً إضافياً في تدني مستويات النجاح في هذه المناطق، ما خلق تبايناً واضحاً في المستويات المعرفية والثقافية بين مناطق الجنوب ومناطق الشمال في الجزائر.


المساهمون