عودة الجدل حول توصيات لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس

عودة الجدل حول توصيات لجنة الحريات الفردية والمساواة في تونس

21 يونيو 2018
من ضمن ما تضمنه التقرير المساواة في الإرث (تويتر)
+ الخط -

تأجّج الجدل من جديد في تونس منذ صدور تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة وتسليمه للرئيس الباجي قايد السبسي، ما دفع أعضاءها إلى دحض الاتهامات والبحث عن سبل لإقناع الرأي العام بمنافع وميزات التوصيات والمقترحات.

واعتبرت الحقوقية وعضو مجلس الشعب ورئيسة اللجنة، بشرى بالحاج حميدة، أنّ مخرجات  تقريرها هي بمثابة إصلاحات ترتبط بالحريات الفردية والمساواة، مشيرة إلى أن التوصيات والاقتراحات لا تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي ولا مع أحكام الدستور كما يروج لها.

وبينت بلحاج لـ"العربي الجديد"، أنّ المحاور التي تطرق إليها التقرير تستحق أن تكون موضوع نقاش مجتمعي، وأن يتم فتح حوار حولها، مشيرة إلى أنّ الإصلاحات التي تم اقتراحها تندرج في إطار تنزيل الحقوق الواردة في دستور الثورة، وأيضا لتفعيل الاتفاقيات والبرتوكولات المكرسة لحقوق الإنسان الكونية والحريات الفردية التي أبرمتها تونس وتبنتها والتزمت بتطبيقها.

ودعت المتحدثة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلى التفاعل مع التقرير وإبداء الرأي من أجل إثراء النقاش حوله.

ولقي التقرير منذ تسليمه إلى الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، معارضة شديدة بالخصوص من المنظمات والجمعيات الإسلامية التي تعتبر أن فيه مسّا بتعاليم الإسلام والمقدسات التي يحميها الدستور الجديد ويسهر على فرض احترامها في بنوده.

ونددت عدد من الجمعيات بالتنصيص على المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وبإلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء تجريم المثلية الجنسية وغيرها من النقاط التي اعتبرت استفزازا لمشاعر الشعب التونسي المسلم، على حد تعبيرهم.

من جانب آخر، عقدت لجنة الحريات الفردية والمساوة، ندوة صحافية، أمس الأربعاء، في محاولة لامتصاص الغضب المجتمعي وتفسير بعض النقاط الغامضة والتسويق للتقرير الجديد.

وشدد أعضاء اللجنة على أن التوصيات والمقترحات الواردة في التقرير استندت إلى النهج الاجتهادي التحديثي الذي سلكته تونس منذ القرن 19 للتكيف مع متطلبات التطور الحضاري والمجتمعي، معتبرين هذه الخطوة شبيهة بما أقدم عليه المفكر والمصلح التونسي الطاهر الحداد في كتابه "امرأتنا بين الشريعة والمجتمع"، وما لحقه من ثورة مجتمعية بإصدار مجلة الأحوال الشخصية التي كسبت من خلالها تونس الريادة المجتمعية على المستوى العربي والإسلامي.

وكشف أعضاء اللجنة أن مقترحاتهم لا تقطع مع الماضي وإنما تستلهم منه لتعزيز بناء مجتمع متطور، مضيفين أنه تمت بلورة هذه المقترحات بعد أن تم الرجوع إلى أساتذة من جامعة الزيتونة واستشارتهم.

في المقابل، اعتبر أستاذ علم المقاصد بجامعة الزيتونية ووزير الشؤون الدينية الأسبق، نور الدين الخادمي، أن التقرير مرفوض شكلا ومضمونا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية وفي موضوع الحريات الفردية، مؤكدا تضمنه لمقترحات معادية لنظام الأسرة في الإسلام، بالإضافة إلى تعارض مقترحاته مع ما ورد في توطئة الدستور.

وأشار في تصريح إذاعي إلى أن ما ورد في التقرير "يبيح الشذوذ ويلغي القوامة ويحرم  المرأة حقها الشرعي في النفقة"، على حد قوله. 

ودعا الخادمي مفتي الجمهورية وديوان الإفتاء إلى إصدار فتوى وإبداء رأي تخصصي واضح  في التقرير، كما دعا رئيس الجمهوربة لاستقبال عدد من العلماء في مجال القضاء والقانون
والعلوم الاجتماعية، لإبداء رأي علمي تخصصي في ما يتعلق بتقرير لجنة الحريات الفردية
والمساواة.



من جانبها أكدت المتحدثة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، أن تونس "تعيش لحظة تاريخية وأن مقترحات اللجنة ثورية"، قائلة إنه من المنتظر أن تحدث هذه المقترحات في حال المصادقة عليها تغييرا عميقا في تونس، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية سيتولى اختيار صيغة مشاريع القوانين التي سيتم عرضها للنقاش على أعضاء مجلس النواب.