الحرب تنعكس على ألعاب الأطفال في العراق خلال العيد

"داعش والجيش"... الحرب تنعكس على ألعاب الأطفال في العراق خلال العيد

17 يونيو 2018
توعية بمخاطر اللعب بالأسلحة البلاستيكية (فيسبوك)
+ الخط -


لم يمنع قرار المجلس المحلي في العاصمة العراقية بغداد، بحظر استيراد أو بيع ألعاب الأطفال من الأسلحة البلاستيكية التي تقذف الكرات الصلبة، بعض التجار من إدخالها بطرق غير قانونية وبيعها خلال عيد الفطر، بل بقي قانون المنع الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي حبراً على ورق.

وتغّيرت ألعاب الأطفال القديمة، من القفز على الحبل والمكعبات وألعاب القطارات والسيارات البلاستيكية، التي تساهم في تطوير القدرات الذهنية وروح المنافسة، إلى التوجه نحو الرشاشات والصواريخ البلاستيكية متنوعة الأشكال والأحجام. وبرزت خلال العامين الماضيين لعبة جديدة تُعرف باسم "داعش والجيش"، يلعبها فريقان من الفتيان في مجموعتين، الأولى تمثل عناصر تنظيم "داعش"، والثانية تمثل الجيش، وتقع بين المجموعتين حرب وملاحقات وفق خطط عسكرية يضعها هؤلاء الفتيان.

ويقول صالح البهادلي (37 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الرشاشات البلاستيكية لـ"العربي الجديد"، "سبب إقدام الأطفال خلال أيام العيد على شراء الأسلحة البلاستيكية بدل الألعاب الأخرى، هو رخص أسعارها وتنوع أشكالها وألوانها المغرية بالإضافة إلى طريقة استخدامها التي تشبه مثيلتها الحقيقية التي تستخدمها القوات العراقية أو الأميركية".

ويضيف الدراجي: "أبيع في اليوم الواحد من أيام العيد، أكثر من 40 قطعة سلاح بلاستيكي، وعشر قطع خلال الأيام الاعتيادية"، مبيناً أن "حكومة بغداد منعت استيرادها، لكني أستغرب وجودها لدى التجار في أسواق الشورجة، ولأنني أسعى إلى الربح أبيعها للفتيان".

وعن أسعار الأسلحة، يشير إلى أن "كل قطعة سلاح بسعر، فليست الأسعار متساوية، ولكنها تتراوح بين ألف دينار عراقي (80 سنتاً)، و12 ألف دينار (10 دولارات أميركية)، وهناك الرشاشات والمسدسات والبنادق، ولكل شيء سعر".

ألعاب الحرب والأسلحة تنمي العدائية بين الأطفال(العربي الجديد) 




وتسببت هذه الأسلحة في عيد الأضحى 2017، بأكثر من 250 حالة إعاقة دائمة، بعد إصابة الأطفال بمناطق الوجه والعيون، بحسب الطبيب عبد الرزاق حافظ، في مستشفى الراهبات ببغداد.

ويقول الطبيب لـ"العربي الجديد"، "أكثر من 250 طفلاً تعرضوا خلال العيد الماضي إلى إصابات في مناطق العين والوجه ما تسبب لهم بإعاقة دائمة وعاهات بسبب تلك الألعاب التي تستخدم مقذوفات بلاستيكية، إضافة إلى ما تلحقه من ضرر نفسي وبناء التربية العدائية بين الأطفال". ويلفت إلى أن "هذه الأسلحة صارت منتشرة كثيراً ووجودها مؤثر في الأسواق المحلية، لكنها أحدثت أضراراً اجتماعية واقتصادية ناتجة عن تكاليف علاج الإصابات من هذا النوع من الألعاب".

الأسلحة البلاستيكية للأطفال منتشرة رغم التحذير والمنع(فيسبوك) 


من جانبه، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي اسكندر وتوت، لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة التجارة العراقية منعت قبل عامين استيراد أي من هذه الألعاب، لكنها لا تزال تصل إلى البلاد بطرق غير قانونية بواسطة مهربين"، مبيناً أن "الوزارة مسؤولة عن أي ضرر يصيب الأطفال، ولا بد من تفعيل فريق خاص لمصادرة كل الأسلحة البلاستيكية في الأسواق العراقية".

ويشير إلى إن "التجار ربما يقدمون رشاوى للعاملين في السلك الأمني وفرق وزارة التجارة، كي لا يحاسبوهم. على وزارتي التجارة والصحة والقوات الأمنية إنشاء لجنة مشتركة، وتفعيل فريق يختص بمصادرة الأسلحة، ويلقي القبض على المتسببين بدخول هذه الألعاب إلى المناطق العراقية".

مصادرة أسلحة بلاستيكية من الاطفال في العراق(فيسبوك) 


وترى الأستاذة بعلم الاجتماع علياء العميري، أن هذه الالعاب أدت إلى تعزيز "عسكرة المجتمع" الذي تسعى له الكثير من الأطراف السياسية والفصائل المسلحة في بغداد. وتقول لـ"العربي الجديد"، "الأطفال قبل عام 2003، لم يهتموا بالأسلحة، بل كانت هواياتهم مختلفة مثل كرة القدم، أما اليوم فالقنوات الفضائية تبث أغاني وطنية وعسكرية تساعد على تحويل المجتمع العراقي إلى عسكري ومسلح".

وتعتبر أن "الإعلام مسؤول عن عسكرة المجتمع، قبل الفشل الحكومي في ملاحقة التجار الذين يستوردون الأسلحة البلاستيكية وتوزيعها في مناطق العراق".