ارتفاع الأسعار يفسد فرحة الليبيين بالعيد

ارتفاع الأسعار يفسد فرحة الليبيين بالعيد

14 يونيو 2018
ينتقي زياً تقليدياً (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -


يشكو الليبيون ارتفاع الأسعار، ما قد يحرمهم من شراء ثياب العيد وغيرها من المستلزمات. ويحرص البعض على ضمان فرحة الأطفال على أقل تقدير.

يبدو أنّ ارتفاع الأسعار الجنوني سوف يفسد على الليبيين فرحتهم بالعيد، مثلما أفسد عليهم فرحتهم بشهر رمضان، نتيجة ارتفاع أسعار الملابس والحلويات بنسبة مائة في المائة، بحسب ما يقول بعض التجار. وكالعادة قبل العيد، تزدحم الشوارع بالمواطنين الذين يجولون في الأسواق من أجل شراء مستلزمات العيد من ملابس وأحذية وحلويات. لكنّ عدداً كبيراً من الناس يكتفي بالفرجة.

بسمة عريبي قرّرت الاكتفاء باختيار ملابس العيد لطفليها من دون أن تشتري أيّ شيء لها أو لزوجها. تقول: "الأسعار جنونية وما من سيولة للشراء في أيام أخرى. فما بالك ونحن نعاني أزمة في السيولة النقدية في الوقت الحالي؟". وتلفت إلى أنّ مصاريف رمضان كانت سبباً في استنزاف راتب الأسرة الشهري. وما تبقّى من راتب لا يكفي لتأمين كلّ شيء. لكنّها تحرص على فرحة الطفلين في العيد، لذا تشتري لهما ملابس جديدة.

أمّا مكرم الذي يعيل أشقاءه الأربعة بعد وفاة والده، فقد وجد في الأسواق الشعبية متنفساً له. يقول إنّ "الفقراء يلجؤون إلى هذه الأسواق، ونعرف أنّ ما يُعرض فيها هو مستعمل لكنّه ينظّف ويقدّم على أنّه جديد. لكن ما من حلّ أمامنا بسبب غلاء الأسعار". وتكثر البسطات حول سوق الرشيد وسوق أبو سليم وسط العاصمة، حيث يعرض الباعة بضاعتهم ويُقبل عليها عدد كبير من الأهالي. ويؤكّد مكرم أنّ "أسعار الملابس والأحذية في هذه الأسواق الشعبية أقل ممّا هي عليه في المحال التجارية".

من جهته، يعزو محمود السايح، صاحب محل ألبسة في شارع الجرابة في طرابلس، ارتفاع الأسعار إلى "هبوط قيمة الدينار الليبي في مقابل العملات الأجنبية". يضيف: "نحن نستورد بضاعتنا بالعملة الصعبة. وإذا أضفنا تكاليف الشحن والجمارك، من الطبيعي أن تتجاوز الزيادة المائة في المائة"، لافتاً إلى أنّ ارتفاع الأسعار يؤثّر على تجارته كذلك وليس على المواطن فحسب. يتابع أنّ "الناس يقصدون الأسواق وقلة منهم تشتري، ولا يمكنني خفض أسعاري تلافياً للخسارة".



في أحد محال الملابس الشعبية، ارتفع سعر "الزبون" وهو زيّ شعبي خاص بالرجال مؤلّف من ثلاث قطع إلى 700 دينار ليبي (نحو 500 دولار أميركي)، علماً أنّ سعره لم يكن يزيد عن 500 دينار (نحو 370 دولاراً) في وقت كان فيه سعر الدينار الليبي مستقراً. وتتّهم بسمة التجار بـ"الجشع"، قائلة إنّهم بمعظمهم يستوردون الملابس والأحذية باعتمادات مصرفية تمكّنهم من شراء العملة الصعبة بالسعر الرسمي. تضيف: "يعترف عدد كبير من التجار في جلساتهم الجانبية بهذا الأمر، في ظل غياب المحاسبة والقانون". وترى أنّ "استيراد الملابس بالعملات الصعبة لن يجعلها مرتفعة بهذا الشكل الجنوني".

وتبدو شوارع الجرابة وبن عاشور المزدحمة بمحال الملابس وشارع الاتحاد المخصص للأحذية أقلّ ازدحاماً بالمقارنة مع السنوات الماضية عندما كانت فرق شرطة المرور تقفلها أمام السيارات بسبب الازدحام الشديد نتيجة إقبال الناس الشديد عليها. في الوقت الحالي، انتقل هذا الإجراء إلى أحياء أخرى تحتضن الأسواق الشعبية التي تعرض بضائع بأسعار أدنى، لا سيّما في أحياء الرشيد وغوط الشعال وبوسليم.

إلى ذلك، فإنّ أزمة الأسعار المرتفعة قد تؤثّر على مظاهر فرحة العيد الأخرى. وتقول بسمة إنّها وجارات لها قرّرنَ الاجتماع في أحد المنازل لصنع بعض الحلويات المنزلية الخاصة بالعيد. وتوضح: "سوف نكتفي بإعداد بعض الأنواع البسيطة لاستقبال الضيوف. لم تعد أسعار محال الحلويات في متناولنا"، مضيفة أنّ "سعر كيلو البقلاوة مثلاً زاد نحو سبعة أضعاف". وتؤكد أنّ حلويات العيد التي تعتزم صناعتها سوف تكون بسيطة جداً، لأنّها بالكاد سوف تتمكن من شراء المكوّنات الأساسية من "المحال التي لم تعد ترحم أحداً".



ويقول عضو جمعية حماية المستهلك في طرابلس عبد الله المنصوري إنّ "أزمة ارتفاع الأسعار سببها جشع التجار من جهة، والتسيّب الحكومي من جهة أخرى". ويؤكد أنّ "أصحاب المحال والتجار يحددون الأسعار وفق آليات الاقتصاد الحرّ، لافتاً إلى أنّ تهاوي قيمة الدينار أمام العملات الصعبة التي تستورد بها البضائع حجة غير صحيحة. الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الأزمة هو شحّ السيولة في المصارف، وبالتالي ازدادت معاناة المواطن".

ويذكر المنصوري أنّه "لا يوجد قانون في البلاد يلزم التجار بتحديد الأسعار، وهو الأمر الذي يفاقم المشكلة ويجعل التجار يحددون الأسعار من دون أن تتوفّر ضمانة حتى لجودة البضاعة المعروضة". ويطالب بضرورة أن تقدّم حكومات البلاد حلولاً سريعة لإنهاء معاناة المواطن.​