أطفال عمّال في سورية

أطفال عمّال في سورية

12 يونيو 2018
أطفال سوريون مضطرون للعمل (محمد النجار/Getty)
+ الخط -
يظل الأطفال أبرز الفئات التي تتأثر بالحرب الكارثية في سورية طيلة سبع سنوات، فمئات الآلاف منهم يعيشون في ظل حصار وجوع، أو تحت قصف بمختلف أنواع الأسلحة، وغالبيتهم حرموا من حقوقهم الأساسية مثل التعلم واللعب، بل أجبرت الحرب الآلاف على الانخراط في سوق العمل لتحصيل احتياجات عائلاتهم الأساسية اليومية.

يبدو الطفل مازن (11 سنة) مرهقا. يرتدي ثيابا بالية وينتعل حذاء لا يناسب قدمه، يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل في محل لتصليح السيارات منذ أكثر من عامين بلا انقطاع، من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، وفي بعض الأحيان حتى وقت متأخر من الليل، في البداية كان أجري ألف ليرة سورية في الأسبوع، أما اليوم فقد أصبح المعلم يعطيني 2500 ليرة".

ويتابع : "أعطي المال لأمي كجزء من مصروف المنزل، وكذلك أخي الذي يكبرني بثلاث سنوات، أما شقيقاتي فإنهن يعملن مع أمي في تحضير وتغليف بعض الخضروات والمواد الغذائية في المنزل. راتب أبي أربعون ألف ليرة، وهو يعمل مساء في مغسل للسيارات، وبالكاد نستطيع دفع إيجار المنزل وتأمين المصروف اليومي".

وأوضح: "كنت أحب حقيبة مدرستي ودفتري وقلمي، لكن بسبب تنقلنا أكثر من مرة بعد أن نزحنا من بلدتنا في ريف دمشق، كنت أغير المدرسة في العام أكثر من مرة، وفي نهاية الأمر لم يعد أبي يستطيع تأمين حاجاتنا المدرسية، فقررت ترك المدرسة للعمل لمساعدة أسرتي".

وقال عمران (13 سنة)، وهو مهجر من جنوب دمشق إلى الشمال السوري، لـ"العربي الجديد": "كنت أعمل أيضا في جنوب دمشق، وقتها كنت أجمع البلاستيك والحديد والنحاس وكل ما يمكن أن يباع، كان الحصار قاسيا، وعمل أبي لا يؤمن وجبة طعام يومية".
ويضيف: "ذهبت إلى المدرسة بشكل متقطع رغم أن أبي حاول أن يؤمن احتياجاتنا، لكنه لم يستطع، واليوم الحال هنا مشابه لما كنا عليه، كنت أتمنى أن يجد والدي عملا يجعلني أتوقف عن العمل لأتابع دراستي، إلا أن الحياة هنا أصعب".

ويقول الطفل الكردي عدنان (12 سنة) لـ"العربي الجديد": "توقفت عن التعليم بعد دخول مليشيات (بي كي كي) إلى قريتي الصغيرة، وقتها ألغيت المدارس الحكومية في القرى التي سيطرت عليها، فلم أتعلم اللغة العربية، كما لم أستطع الخروج من القرية لإكمال التعليم".

ويعمل عدنان اليوم مع أبيه في دكانته الصغيرة ليوفر أجر عامل، بعد أن فرت العائلة باتجاه قرية أخرى أكثر أمنا، فيخرج منذ الصباح الباكر ولا يعود إلا متأخرا في المساء، في حين لا توجد مدارس حيث يعيش.

وترك عبد الله المهجر من القلمون الشرقي إلى الشمال السوري، المدرسة بعد وفاة أبيه، وهو حاليا مسؤول مع أمه عن توفير الحاجات الأساسية للعائلة التي تضم ثلاثة أطفال هو أكبرهم، يجلس أمام الخيمة الصغيرة ليبيع السجائر، وقال لـ"العربي الجديد": "إذا ذهبت إلى المدرسة فلن أستطيع أن أبيع 10 علب سجائر يومياً. أنا مسؤول عن أمي وإخوتي ويجب أن أعمل".

ولا توجد إحصاءات دقيقة حول عمالة الأطفال بسبب الحرب الدائرة في سورية، إلا أن تقريرا للأمم المتحدة قدر نسبة الأطفال السوريين العاملين بـ20 في المائة، مقارنة بـ10 في المائة قبل عام 2011، في حين تفيد تقارير إعلامية بأن عدد الأطفال الأيتام يزيد عن 800 ألف، 90 في المائة منهم ليس لديهم من يكفلهم، وأغلبهم يضطرون إلى العمل.