مدارس يمنية بلا مراحيض

مدارس يمنية بلا مراحيض

09 مايو 2018
معاناة الفتيات أكبر (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
لا توفر بعض المدارس الحكومية، في كثير من محافظات اليمن، مراحيض للتلاميذ، وإن توافرت فهي معطلة. تلك المدارس لا تلتزم بالضوابط الصحية وشروط النظافة التي تساعد في منع التقاط بعض الأمراض.

يبتكر بعض التلاميذ الذكور حلولاً في مواجهة هذه المعضلة، لكنّ هذه الحلول ليست مناسبة أبداً في حالة الإناث، فيكنّ أكثر تضرراً، وهو ما يجبر بعضهن على الغياب المتكرر أو ترك المدرسة نهائياً حتى.

ابتسام المحمدي، تلميذة اضطرت إلى ترك مدرستها في شبوة (جنوب)، فهي تعاني من مشاكل صحية تلزمها بالذهاب إلى المراحيض بشكل متكرر. تقول لـ"العربي الجديد": "في مدرستنا مراحيض، لكنّها مغلقة لعدم الانتهاء من أعمالها، وعدم توافر المياه فيها. عندما كنت أذهب إلى المدرسة كنت أبقى فترة طويلة من دون قدرة على الذهاب إلى المراحيض وهو ما تسبب بمشاكل في الكليتين لديّ". تقول إنّ أسرتها قررت إخراجها من المدرسة واستبدال ذلك بالدروس المنزلية للتمكن من خوض امتحانات نهاية العام، تفهماً لظرفها الصحي.



كانت ابتسام تدرس في المدرسة الريفية في القرية في الفترة المسائية، حيث يدرس التلاميذ الذكور هناك في الفترة الصباحية. لكنّ الذكور يتمكنون من تدبر البديل من المراحيض في الأرض المقفرة المجاورة للمدرسة. تقول: "نحن البنات لا نستطيع أن نقضي حاجتنا في العراء كما يفعل الأولاد، ولهذا كان بقائي في المنزل أسلم". تلفت إلى أنّها متضررة من دراستها في المنزل، لكن ليس أمامها خيار آخر.

المشكلة نفسها تواجه نورا شكري، التلميذة في الصف التاسع في مدرسة "الرأفة للبنات" بصنعاء، فقد امتنعت عن استخدام مراحيض المدرسة خوفاً من التقاط أمراض معدية بسبب عدم نظافتها. تقول لـ"العربي الجديد": "دورات مياه بلا مياه، كيف يمكن ذلك؟ تؤذينا الرائحة النتنة هناك إذ تملأ الممرات، فكيف يمكن أن نستخدمها... صعب جداً". تؤكد أنّ بعض زميلاتها في المدرسة أصبن بأمراض انتقلت من المراحيض بحسب الأطباء. تضيف: "أضطر إلى الامتناع عن الدخول مهما كانت معاناتي، وإذا كنت أشعر بالمرض أو حتى بمجرد شك أنّي مريضة بمرض يحتاج دخولي إلى المراحيض لا أذهب إطلاقاً إلى المدرسة".

ولي أمر التلميذ فيصل العليمي يؤكد أنّه اضطر لنقل طفله وهو يدرس في الصف الثاني من المرحلة الابتدائية إلى مدرسة أخرى لعدم توافر مراحيض في المدرسة السابقة. يقول العليمي لـ"العربي الجديد": "رفض ابني العودة إلى المدرسة ذلك اليوم، لأكتشف أنّه تعرض لموقف محرج بين زملائه بسبب عدم قدرته على حبس البول وتلويث ملابسه". يشير إلى أنّ غياب المراحيض أو إغلاقها مشكلة يعاني منها التلاميذ في ظل غياب الاهتمام من قبل الإدارات المدرسية. يؤكد أنّ "المسؤولين في المدرسة السابقة لم يستجيبوا لنداء أولياء الأمور بضرورة توفير المراحيض، خصوصاً لمن يعانون من مشاكل في الكلى والمسالك البولية ويضطرون إليها بشكل متكرر".



من جهتها، تعترف أم فراس عبد الجليل وهي وكيلة مدرسة بنات في تعز، أنّ أهم المرافق التابعة للمدارس عموماً ومدارس البنات خصوصاً هي المراحيض النظيفة التي لا تستغني التلميذات عنها: "هن يقضين معظم أوقات النهار في المدرسة من الصباح الباكر حتى وقت الظهر، وعدم توافر المراحيض يتسبب في ضرر نفسي لهن بالإضافة إلى الأضرار الصحية الأخرى". تتوافر المراحيض في المدرسة التي تعمل فيها عبد الجليل، وهي تحرص على أن توجه الاختصاصية الاجتماعية بالمدرسة بتقديم النصح والإرشادات للتلميذات بأهمية الحفاظ على المراحيض نظيفة وعدم الإسراف بالماء في حال توافرها".

من جهته، يقول الطبيب منير الشميري إنّ المراحيض في معظم المدارس اليمنية لا تلتزم بالشروط الصحية المطلوبة. يشير إلى أنّها تفتقر إلى النظافة والمعقمات مثل الصابون والمناديل الورقية. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ عدم اهتمام إدارة المدارس بنظافة التلاميذ وبتوفير مراحيض نظيفة، يساعد على انتشار الأمراض.

تسببت الحرب التي يشهدها اليمن منذ ثلاث سنوات في تدمير مئات المدارس. وبحسب تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) فإنّ أكثر من 2500 مدرسة لا تعمل في اليمن، إذ دمر ثلثاها بسبب العنف، فيما أغلق 27 في المائة منها. ويستخدم 7 في المائة منها في أغراض عسكرية أو لإيواء النازحين.

المساهمون