مشاريع باراشوتية

مشاريع باراشوتية

08 مايو 2018
نسبة النساء في القطاع الزراعي 5.7% (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
ليس صدفة أن تطلَق مبادرة "She men lebnen" عشية الانتخابات اللبنانية. المبادرة، كما يشير بيانها، تهدف إلى تمكين "نساء الريف من خلال تأمين أفضل وسائل الإرشاد الفنية والمهنية". تكمن في هذين السطرين عدة إشكاليات ولعلّ أبرزها الاسم نفسه. لا نعرف ماذا كان يقصد أو تقصد الهيئة الإعلانية وراء اختيار الاسم، لكنّه إشكالي في حد ذاته.

"She men lebnen" تُقرأ بالعربية "شي من لبنان" وذلك في الحديث عن النساء. من غير المسموح، احتراماً لكيان كلّ النساء في لبنان، أن يُشار إليهن على أنّهن شيء، وإنكار كيانات النساء وإنسانيتهن. قد يكون لدى القائمين وراء الحملة دافع قوي أن "يزجوا" هي وهو في نفس الجملة، لكنّهم لم يُوفقوا في ذلك البتة.

وتكمن الإشكالية الثانية في الفئة المستهدفة لهذه المبادرة وهي "نساء الريف"، وكأنّ في لبنان ريفاً واحداً، أو أنّ احتياجاتهن واحدة. لا نعرف القطاع المراد دعم النساء به في هذه المبادرة، لكن إذا ما افترضنا أنّ القطاع الزراعي هو المقصود، فإنّه يجدر البحث في دور النساء في هذا القطاع قبل "تأمين أفضل وسائل الإرشاد الفنية والمهنية". فنسبة النساء في القطاع الزراعي بلغت 5.7 في المائة بحسب إدارة الإحصاء المركزي للعام 2009، ومشاركتهن في هذا القطاع محصورة في تقديم الدعم للرجل، القيّم على سوق الإنتاج والتوزيع، مع محدودية وصول النساء إلى الموارد في هذا المجال. وهكذا، فإنّ أيّ دعم تقني أو فني من شأنه أن يخلق إشكالية عوضاً عن إيجاد حلول لها، لأنّ المبادرة في ما يبدو مُسقطة من فوق ولم تقم بدراسة فعلية لاحتياجات الفئة المستهدفة أو واقعها وأوضاعها. هذا من دون الدخول في نقاش حول واقع القطاع الزراعي في لبنان.

لعلّ الإشكالية الأبرز تكمن في استغلال حقوق النساء والمتاجرة بها لأغراض سياسية وانتخابية. أطلقت المبادرة قبل أيام معدودة من الانتخابات النيابية (الأحد الماضي) وبدت التصريحات الرسمية في حفل إطلاق المبادرة وكأنّ النساء على قمة أولويات واهتمامات السياسيين. لكنّ الذاكرة القريبة تظهر أنّ النساء ما زلن في آخر سلم أولويات الأحزاب السياسية، والدليل نسبة ترشيح النساء على لوائحهم، إذ شكلن 11 في المائة فقط من نسبة المرشحين في تيار المستقبل بالرغم من وعود زعيم التيار، رئيس الحكومة، سعد الحريري بنسبة أعلى تصل إلى 30 في المائة.




لا تختلف هذه المبادرة في شيء عن البرامج والمشاريع والشعارات التي خرجت في سياق المعارك الانتخابية، لكنّ الفارق أنّ هذه المبادرة مموّلة وسيجري تنفيذها بمعزل عن نتائج الانتخابات. وعلى الأرجح، سيختتم مشروع هذه المبادرة بتخريج عدد من النساء، وستكتب التقارير النهائية لتركز على التحديات وتطالب بتجديد التمويل وضرورة حشده من أجل ضمان استمرارية هذه المشاريع الباراشوتية.

*ناشطة نسوية

المساهمون