احتدام الجدل بشأن غلق المقاهي برمضان في تونس

احتدام الجدل بشأن غلق المقاهي برمضان في تونس

20 مايو 2018
الخلاف يتجدّد مع بداية شهر رمضان (فيسبوك)
+ الخط -


تطور الجدل السياسي بشأن غلق المقاهي والمطاعم في تونس بين متمسك باحترام مشاعر المسلمين وتفادي البلبلة وتقويض الأمن العام، وبين مطالبين باحترام الحريات الفردية.

وأثار تمسك وزير الداخلية لطفي براهم بتطبيق منشور غلق المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان حفيظة برلمانيين معارضين وحقوقيين، اعتبروا أن خطوة الوزير تعدٍّ على حرية الضمير والمعتقد وفق دستور 2014.

وأعلن وزير الداخلية أمام البرلمان أن الوزارة تطبق الدستور والقوانين في نطاق صلاحيات حماية الأمن العام وحفظ النظام، مشيراً إلى أن السماح بفتح المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان من شأنه أن يستفز مشاعر غالبية الشعب المسلم، وربما تعتبره الجماعات المتطرفة والإرهابية مطية لتنفيذ جرائم وأعمال عنف.

ولفت الوزير إلى أن الدستور ينص على أن تونس دولة دينها الإسلام، وعلى الدولة حماية المعتقدات والمقدسات، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية قامت بتأمين اليهود عند أدائهم مناسكهم وكذلك المسيحيين.

وبيّن براهم أن الوزارة لم تلاحق المفطرين ولم توقف المجاهرين بالإفطار، ولم تسجل اعتداءات على الحريات الفردية ولم تتجاوز القوانين.


وانتقدت النائبة هاجر بالشيخ أحمد قرار وزير الداخلية، واعتبرته قراراً لا يحترم مدنية الدولة، وينبئ عن فهم خاطئ لمعاني الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، مشيرة إلى وجود تونسيين لا يعتنقون الإسلام وهم جزء من الشعب، وعلى الدولة أن تحترمهم وتراعيهم في كنف المساواة.

وقالت النائبة عن نداء تونس، صبرين قوبنتيني، إن القانون لا يخول وزير الداخلية التضييق على الحريات وملاحقة المفطرين، مشيرة إلى أنه ليس من مهام وزارة الداخلية تتبع ضمائر المواطنين ومحاكمة معتقداتهم. ولفتت في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى "التضييق الواضح على حرية التونسيين، والمس بالدستور الذي يكفل حقوقهم"، مؤكدة أن "المس بالحريات لا يكون إلا بقانون وليس بأمر أو منشور".

وتساءلت يسرى فراوس، رئيسة منظمة النساء الديمقراطيات، في تصريح لـ"العربي الجديد" عن الإحصائيات التي دفعت وزير الداخلية للحديث عن أغلبية وأقلية، قائلة إن وزير الداخلية يمثل أقلية في الدولة المدنية.

واعتبر نقيب الصحافيين ناجي البغوري أن وزير الداخلية يغازل حركة النهضة بقراره، مشيراً في تدوينة على صفحته على "فيسبوك" إلى أن الوزير انطلق عبر المنشور بحملة انتخابية رئاسية مبكرة لعام 2019.

وأعلن رئيس الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح عادل العلمي، في تصريح صحافي، عن وجود معاينات قانونية وملاحقة للمجاهرين بالإفطار قضائياً.

وأثار العلمي خلال رمضان الماضي جدلاً واسعاً بسبب مداهمته عدداً من المقاهي لرد المفطرين ومحاولة نهيهم ودعوتهم إلى العودة عن تلك الممارسات، لتنتهي محاولاته باشتباكات وتبادل للعنف وبتعرضه للضرب والشتائم.

وبيّن المتحدث الرسمي باسم حزب نداء تونس منجي الحرباوي، أن وزير الداخلية أصاب في قرار غلق المقاهي في أوقات الصيام احتراماً للدستور ولمشاعر أغلب التونسيين ولأمن الوطن والمواطن. ورأى أن "بعض المدعين الذين يريدون تصوير هذا القرار على أنه تعدٍّ على الحرية الشخصية، هم متمسكون بالدستور ومبدأ حرية الضمير بشكل خطأ".

وأضاف الحرباوي على صفحته الرسمية "المسألة تعود إلى معطى أخلاقي واجتماعي متعلق بالنفسية العامة للشعب التونسي أولاً، التي أقرها الدستور الجديد بفصله السادس، حين أكد أن الدولة حامية للدين وللمقدسات وتحول دون النيل منها، وشهر رمضان أحد أهم المقدسات لدى عامة وأغلب الشعب حتى المفطرين"، على حد قوله.

وأضاف الحرباوي "إن المسألة كذلك أمنية، وقد يكون هذا الباب مدخلاً لتهديده وتقويضه وهو من صميم مهام وزارة الداخلية، وهي من تقدر ذلك وتحاول جاهدة الموازنة بين حرية المعتقد والضمير واحترام المقدسات والشعائر الدينية وأمن الشعب التونسي، ونجحت في ذلك طيلة هذه السنوات". ولاحظ أن الدولة ووزارة الداخلية نجحتا بالسماح لبعض المحلات والمقاهي التي احترمت شروطاً معينة، مقدرة مشاعر أغلب الشعب التونسي والدستور"، على حد تعبيره.