انتخابات العراق تطغى على مظاهر رمضان

انتخابات العراق تطغى على مظاهر رمضان

14 مايو 2018
حلويات تقليدية قبيل الشهر الفضيل (سافين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -


تزامنت التحضيرات الخاصة بشهر رمضان مع انشغال العراق بالانتخابات البرلمانية العامة والجدال السياسي حول شكل الحكومة الجديدة. ومع انتشار صور المرشّحين في الشوارع، اختفت مظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل في مدن كثيرة. والعراقيون كانوا قد اعتادوا تعليق الزينة للترحيب بالضيف المقبل وتهيئة المساجد لاستقبال المصلين، إلى جانب طقوس وعادات عدّة اختفت هذا العام.

اختفاء مظاهر الاحتفال ليس النقطة الوحيدة التي لا تُحتسَب لمصلحة رمضان هذا العام، فأسعار السلع الغذائية باختلافها ارتفعت لتنغّص فترة انتظار شهر الصوم، في حين سُجّلت أزمة سكن. ويقول الحاج محمد صالح من سكان ناحية العلم ( شرقيّ تكريت) إنّ "الأسعار بمعظمها ارتفعت بعض الشيء، في محاولة لاستغلال الناس. والمعروف أنّ العائلات العراقية تنفق خلال شهر رمضان أكثر ممّا تنفقه خلال الأشهر الأخرى، حتى أنّ بعضها يضع ميزانية خاصة للإنفاق على الطعام وموائد الإفطار التي باتت متنوّعة أكثر من ذي قبل".

يضيف صالح، وهو طبيب بيطري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "عائلات كثيرة تفضّل التسوّق قبل حلول الشهر، حتى لا تضطر إلى الخروج في درجات حرارة مرتفعة تتجاوز الأربعين، لا سيّما أنّ رمضان يحلّ في بداية فصل الصيف". وإذ يلفت إلى أنّ "درجات الحرارة ما زالت معتدلة حتى اليوم"، يوضح أنّ "حركة التسوّق غابت هذا العام في محافظة صلاح الدين بسبب الانتخابات التي تشغل الشارع العراقي بكل أطيافه".

من جهتها، تشير لجين الطائي إلى أنّه "يمكن القول إنّ مظاهر الاستعداد لشهر رمضان معدومة أو متواضعة جداً". هي من سكان الساحل الأيسر في محافظة نينوى (شمال) وتصف المشهد: "مدن محررة لكنّها مدمّرة ولا تحوي أيّ شيء ملوّن غير صور المرشّحين. ولا نجد ما يمهّد لشهر رمضان هذا العام". تضيف الطائي أنّ "الوضع الاقتصادي للعائلات التي تسكن المدن المحررة مثل الموصل سيئ جداً. الجميع هنا إمّا نازح من منطقته بعدما تهدمت منازله أو فقد عمله أو لم يحصل على رواتبه أو أنفق ماله على إصلاح محاله ومنازله التي دمّرتها الحرب. كلّ هذا انعكس سلبا على العائلات واستعدادها لشهر رمضان، باستثناء الأسر الغنية". وتتابع الطائي أنّ "الناس ما زالوا متخوّفين من توتّر الوضع الأمني. لكنّنا على الرغم من الظروف الصعبة، عمدنا إلى التحضير لشهر رمضان، ونظّفنا المنزل ورتّبناه وعلّقنا الزينة داخله حتى نشعر بروحيّة الشهر الفضيل".




نجم وهيب صاحب محل للحلويات، لا سيّما البقلاوة، في ديالى. يقول: "بدأنا نتهيأ لشهر رمضان بصنع الحلويات المختلفة والخاصة بهذا الشهر. فالصائمون يقبلون على شراء الحلويات مثل الزلابية والبقلاوة ولقمة القاضي، خصوصاً إذا كانت الأسعار مناسبة. وقد جهّزنا المحل بكل المستلزمات وزدنا المواد الخاصة بصناعة تلك الحلويات". يضيف وهيب أنّ "موسم رمضان وفصل الصيف فرصتان للربح لا تتكرران دائماً، لذا نهتم كذلك بالعصائر والمثلجات".

مهيمن العزاوي وهو طالب جامعي، يستعدّ لشهر رمضان قائلاً إنّ "استقباله صار عبر تبادل التهانئ بين الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، شأنه شأن المناسبات الأخرى. إلى ذلك، فإنّ العائلات العراقية عموماً تستعدّ له عبر التوجّه إلى الأسواق للتبضّع وتأمين الاحتياجات الخاصة بالمائدة الرمضانية وتخزينها". يضيف أنّ "شباب المنطقة يستعدون لبعض المسابقات في المقاهي القريبة ولعب المحيبس. وهذه المظاهر تختفي بمجرّد انتهاء شهر رمضان".

في السياق، يأسف الناشط أحمد العنزي، وهو من سكان أبي الخصيب (جنوب)، لأنّ "مظاهر رمضان غائبة هذا العام". ويعوّل على "التقاليد التي ما زالت تحافظ العائلات عليها في هذا الشهر، وأهمّها اجتماع الأسرة والأقارب والأصدقاء وتنوّع الوجبات الشعبية والدسمة التي تزيّن مائدة العائلة، إلى جانب تقاليد أخرى ما زالت سارية في مدن الجنوب". ويشير إلى "التجمعات الشبابية وصلاة التراويح، خصوصاً في مساجد بلدة الزبير، بالإضافة إلى توزيع أطباق الطعام بين الجيران، وانتظار المسحراتي ليضرب على طبله ويوقظنا في موعد السحور، على الرغم من أنّ الجميع يستخدم منبّهات الهواتف الخليوية. لكنّ ثمّة وقعاً مختلفاً لصوت المسحراتي، ما زالت بلدات كثيرة تحافظ عليه".




ولا تختلف العاصمة بغداد عن المدن الأخرى، بحسب أوس مروان وهو موظف في شركة أهلية. ويقول إنّ "الانتخابات أفسدت بشكل عام الاستعدادات لشهر رمضان، لكنّ العائلات ما زالت تهيئ ما يلزمها من تجهيزات وتنهي الأعمال المعلقة قبل حلول الشهر المقبل". يضيف أنّ "ثمّة مساجد هيّأت باحاتها لاستقبال المصلين ولإعداد موائد الإفطار وسلال رمضان التي توزّع على العائلات الفقيرة والنازحة". من جهة أخرى، يشير مروان إلى أنّ "مظاهر رمضانية كثيرة اختفت في العراق وظهرت أخرى عقب الاحتلال الأميركي في عام 2003، فصارت تقلّص ساعات العمل والدوام الرسمي أحياناً مع ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى سفر بعض العوائل المتمكّنة مادياً لقضاء شهر رمضان خارج البلاد".