مدرّسو أميركا في الشارع

مدرّسو أميركا في الشارع

02 مايو 2018
مدرّسات ومدرّسون يحتجّون في كولورادو (Getty)
+ الخط -
منذ أسابيع، تستمر إضرابات المدرّسين واحتجاجاتهم في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى نطاق واسع في ولايات عدّة، بهدف تسليط الضوء على ما يعاني منه قطاع التعليم العام. ولعلّ تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيتسي ديفوس وزيرة للتعليم عجّل في الكشف عن أزمات قطاع التعليم العام، لا سيّما تقليص الاستثمارات فيه والانتقاص من حقوق العاملين في المجال، والمدرّسين خصوصاً. يُذكر أنّ ديفوس وعائلتها من أصحاب المليارات وهي تنادي بخصخصة التعليم.

وكانت دراسة أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2017، قد بيّنت أنّ معدل أجور المدرّسين في قطاع التعليم العام في الولايات المتحدة هو من أدنى المعدلات بالمقارنة مع معدلات أجور المدرّسين في الدول الصناعية والمتطورة.

وانطلقت موجة الإضرابات الأخيرة من ولاية ويست فرجينيا في آخر شهر فبراير/ شباط، إذ دخل أكثر من عشرين ألف مدرّس في إضراب مطالبين بزيادة أجورهم التي لم تشهد أيّ زيادة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة. وحقّق المدرسون بعد استمرار إضرابهم لأسابيع انتصاراً، عندما وافقت الولاية على زيادة رواتبهم بنسبة خمسة في المائة.




ووصلت الاحتجاجات قبل أيام إلى ولايات أوكلاهوما وأريزونا وكنتكي. وفيها، لا يطالب المدرّسون بزيادة أجورهم فحسب، بل كذلك بتحسين أوضاع التعليم في المدارس العامة، إذ شهد القطاع تقليصاً للميزانيات مع عمليات تقشّف أدّت إلى اكتظاظ في الصفوف في حين خُفّض الاستثمار في البنية التحتية للمدارس وفي أمور كثيرة أساسية وضرورية للنهوض بالتعليم العام. يُذكر أنّ في ولاية أوكلاهوما وحدها، دخل أكثر من ثلاثين ألف مدرّس في إضراب أدّى إلى تعطيل مئات المدارس مع عدم التحاق أكثر من نصف مليون تلميذ بمدارسهم العامة.

وتطالب النقابات بزيادة في الميزانية المخصصة للتعليم. وتعد أجور المدرّسين في القطاع العام في ولاية أوكلاهوما من بين الأجور الأكثر انخفاضاً في الولايات الأميركية. وتشير مدرّسة شاركت في تظاهرات في تصريحات إعلامية، إلى أنّها إلى جانب وظيفتها تحتاج إلى العمل لعشرين ساعة إضافية وإعطاء دروس خصوصية كي تتمكن من العيش بمستوى كريم من دون الاضطرار إلى طلب معونات اجتماعية. ولا يُعدّ حال تلك المدرّسة استثناءً، فكثيرون من الذين شاركوا في التظاهرات قالوا إنّ رواتبهم لا تكفي لسدّ احتياجاتهم الأساسية من إيجار بيوت وغير ذلك، وإنّهم يضطرون إلى العمل في وظائف إضافية.

وفي السياق، أقرّ مجلس ولاية كنتكي، وهو ذو أغلبية جمهورية، استمرار العمل بمعاشات التقاعد ورفعها لأغلب الموظفين الحكوميين باستثناء المدرّسين الجدد. وبعد هذا القرار، أعلنت نقابة المدرّسين استمرارها في الإضراب. ويشكو آخرون من عدم تمكّنهم من تقديم مستوى تعليم جيد لتلاميذهم في ظلّ نقص في كثير من المواد الأساسية والأجهزة الضرورية للتعليم.




تجدر الإشارة إلى أنّ تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المذكور آنفاً، أوضح أنّ المدرّسين يلعبون مع مؤهلاتهم دوراً رئيسياً في النهوض بالتعليم، لكنّ كثيرين من ذوي الكفاءات العالية يضطرون إلى الانتقال إلى المدارس الخاصة لأنّ ظروف العمل والرواتب أفضل ممّا يُقدّم في قطاع التعليم العام في ولايات عدّة. أضاف التقرير أنّ ذلك يؤدّي إلى ازدياد عمق الهوة بين التعليم الخاص والعام. وتحدّ الفروقات التي تؤثّر على مستوى التعليم العام، من إمكانية التلاميذ الذين يتحدرون من عائلات فقيرة أو محدودة الدخل الحصول على مستوى تعليم جيّد يؤدّي بدوره إلى رفع احتمالات حصولهم على منح أو دخولهم إلى الجامعات الأميركية. وتابع التقرير أنّ مؤهلات المدرّسين تمثّل عاملاً أساسياً في رفع مستوى التعليم، في حين أنّ الأجر الجيّد لا يضمن بالضرورة الحصول على مدرّسين كفوئين لكنّه يؤثّر بطريقة كبيرة. ويشير التقرير إلى أنّ طريقة عمل المدرّس وسبل التدريس وغيرهما من الأمور المتعلقة بكفاءته تؤدّي دوراً حاسماً في الحصول على مستويات تعليم جيدة. ويُظهر أنّ المؤسسات والمدارس الخاصة أو العامة الناجحة، تعمل على توظيف مدرّسين ذوي كفاءات عالية تقدّم لهم إلى جانب الأجور الجيّدة ظروف عمل مريحة وتظهر تقديراً لعملهم.

من جهة أخرى، وعلى الرغم من النسبة العالية للشباب الأميركيين الذين يلتحقون بالجامعات، والتي هي واحدة من أعلى النسب في العالم، فإنّ الفجوة بين ولاية وأخرى كبيرة. وهذه الفجوة تعكس الفروقات الطبقية ومدى الاستثمار في التعليم العام.

المساهمون