أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال: غموض قضية أبنائنا

أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال: غموض قضية أبنائنا

08 ابريل 2018
وقفة صامتة بميدان المنارة في رام الله (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش عائلة الشهيد الفلسطيني، براء عطا، من قرية دير أبو مشعل، غرب رام الله وسط الضفة الغربية، حالة من القلق على مصير جثمان ابنها الشهيد، الذي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي احتجازه منذ استشهاده قبل نحو عشرة أشهر، برفقة اثنين من أصدقائه (أسامة صالح وعادل عنكوش) بعد تنفيذهم عملية إطلاق نار في القدس المحتلة.

والدة براء عطا قالت، لـ"العربي الجديد" على هامش وقفة صامتة نفذها أهالي الشهداء في ميدان المنارة اليوم الأحد، للمطالبة بالإفراج عن جثامين أبنائها ومساندتهم بالضغط على الاحتلال: "نحن لا نعرف إن كانت جثامين أبنائنا محتجزة في الثلاجات أم أنها دفنت في مقابر الأرقام.. هم يتلاعبون بأعصاب الأهالي وسط حالة من الغموض والإشاعات والتهديد"، داعية السلطة الفلسطينية للوقوف مع أهالي الشهداء، وكذلك الشعب الفلسطيني، من أجل متابعة قضية أبنائهم، لأن "جميع أبناء الشعب الفلسطيني مستهدفون من قبل الاحتلال الإسرائيلي".

ونفذ أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، وقفة صامتة بميدان المنارة في مدينة رام الله، بمساندة العديد من أهالي الشهداء والأسرى المحررين، رفعوا خلالها صور أبنائهم وشعارات ولافتات تدعو للضغط على الاحتلال من أجل تسليم جثامين أبنائهم.

وقالت أزهار أبو سرور، من بيت لحم، لـ"العربي الجديد"، وهي والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، الذي استشهد قبل عامين، إن "هذه الوقفة الصامتة من قبل أهالي الشهداء جاءت لتؤكد أن الكلام قد انتهى، ولم يعد هناك كلام جديد. نحن نريد فعلا وليس كلاما".

وتشير أبو سرور إلى أن مطالب الأهالي مشروعة بالوقوف إلى جانبهم بوجه الاحتلال وتبني ملف احتجاز جثامين الشهداء، حيث ستُعقد جلسة المحكمة المقبلة في 17 يوليو/تموز المقبل، والتي حددتها المحكمة العليا للاحتلال بشأن احتجاز جثامين الشهداء، حيث إن المحكمة ستنعقد بمشاركة سبعة قضاة، "لذا نحن نطالب الجهات الرسمية والمؤسسات المعنية في السلطة الفلسطينية بضرورة الحراك الجاد من أجل عدم تسلط الاحتلال على جثامين الشهداء".

احتجاج عائلات الشهداء (العربي الجديد) 



وقالت: "لا توجد لجنة مختصة بمتابعة ملف جثامين الشهداء المحتجزين، رغم وجود تحركات من قبل بعض المؤسسات، لكن المسؤول الأول عن تحريك هذا الملف هم أهالي الشهداء"، قبل أن تتساءل: "أين تلك الجهات من هذه القضية"؟، موضحة: "حتى على المستوى السياسي الفلسطيني هناك تدخلات رسمية، لكن لا يوجد شيء منتظم. نحن نطالب بتشكيل لجنة لمتابعة ملف جثامين الشهداء، سواء أمام المحاكم الإسرائيلية أو على المستوى الدولي، ومتابعة الجانب القانوني والسياسي والحراك الشعبي".

وقالت إن "ملف قضية احتجاز جثامين الشهداء أكبر من أن يتابعه أهالي الشهداء وحدهم فهو بحاجة لمختصين" ، متهمة سلطات الاحتلال بـ"التلاعب بقضية احتجاز جثامين الشهداء"، مشيرة إلى أن "الاحتلال يقول إن جثامين أربعة شهداء محتجزة في مقابر الأرقام، وأحيانا يقول إن العدد سبعة شهداء، دون تحديد أسمائهم أو الكشف عن أية تفاصيل أخرى".

محمد عليان، والد الشهيد المقدسي بهاء عليان، ورغم أن قوات الاحتلال سلمت جثمان ابنه بهاء قبل نحو عام ونصف، إلا أنه يساند الأهالي في قضيتهم.

يقول لـ"العربي الجديد" إن "الوقفة للتأكيد على أنه بعد أن استنفد الأهالي الإجراءات القانونية، فالمطلوب أن تتم استعادة جثامين أبنائنا ودفنهم بطريقتنا، وليس بطريقة الاحتلال، ووقف سياسة الاحتجاز".

وشدد عليان على أن "المطلوب كذلك معاينة جثامين أبنائنا، وإعطاء تقارير حولها، هناك عائلات غير متأكدة أن أبناءها استشهدوا.. نريد زيارة من قبل وفود دولية محايدة للتأكد من أن الجثامين لم يتم العبث بها أو سرقة أعضاء منها"، فيما لفت إلى وجود 18 شهيدا تم احتجاز جثامينهم خلال عامين ونصف، إضافة إلى اعتقاد يسود بأن هناك جثماني شهيدين تحتجزهما سلطات الاحتلال خلال قمعها لمسيرة العودة في قطاع غزة.

وقبيل الوقفة الصامتة لأهالي الشهداء، تلت أزهار أبو سرور، والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، بيانا باسم عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال ومقابر الأرقام، أكد فيها الأهالي أن "مسيرة العودة يجب أن تكون مظلة نضالية نخوض تحتها معاركنا في كل قضايانا الوطنية والإنسانية"، ولفتت: "لقد خضنا ومازلنا معركة قانونية وشعبية ودولية من أجل تحرير جثامين أبنائنا ودفنهم في تراب الوطن بكرامة وعزة".

واتهم أهالي الشهداء محكمة العدل العليا في دولة الاحتلال بـ"الانحياز إلى جانب الظلم وانتهاك حقوق الإنسان من خلال تراجعها عن قرارها في الالتماسات المقدمةن والصادر في 14 ديسمبر/ كانون أول 2017، وعلى ضوء قيام الكنيست بتشريع قانون يجيز احتجاز الجثامين وإخضاعها للمساومة في إطار أية مفاوضات لتبادل الأسرى، بالنظر إلى ما يسببه هذا الملف لنا من آلام وأوجاع لا تنتهي، وبالنظر إلى جسامة الجريمة التي يرتكبها الاحتلال بكرامة جثامين أبنائنا ومشاعر عائلاتهم، وما تنطوي عليه هذه الجريمة من مخالفات للقانون الدولي والدولي الإنساني".

وأكد الأهالي، في بيانهم، على "حقهم الإنساني والوطني والأخلاقي في مواصلة معركتهم القانونية والشعبية والسياسية والدولية لدفن أبنائهم في تراب الوطن"، فيما رفضوا بشكل مطلق "محاولة الاحتلال ربط قضية أبنائهم بأية مفاوضات أو مساومات تتعلق بتبادل الأسرى بين الاحتلال وأية جهة فلسطينية، وأن للأسرى الحق بالتمتع بالحرية والحياة الكريمة، مثلما لأبنائهم الحق في الدفن الكريم دون اشتراطات أو مساومات".

في حين، أكد أهالي الشهداء على ضرورة "تعزيز الطاقم القانوني الذي يتابع ملفات احتجاز الجثامين بكفاءات قانونية أخرى من خلال انضمام مؤسسات ومنظمات قانونية ذات صلة، بما في ذلك نقابة المحامين الفلسطينيين، والعمل السريع على بلورة موقف قانوني وطني بشأن التوجه إلى القضاء الإسرائيلي، وبلورة رؤية شاملة لمواجهة ما يسمى بمحكمة العدل العليا في جلستها المقررة بشهر يوليو/ تموز المقبل، والإعلان عن ملف الجثامين باعتباره قضية وطنية عامة يتابعها، ويديرها فريق قانوني واحد وموحد".

وأعلنت عائلات الشهداء عن "الاستمرار في الحراك الشعبي السلمي في أنحاء الأراضي الفلسطينية، حتى يتم الإفراج عن كل الجثامين، وإرغام الاحتلال على وقف هذه السياسة العنصرية"، فيما أهابوا بالشعب الفلسطيني بـ"ضرورة الالتفاف حول عائلات الشهداء ومساندتهم، وإعادة قضية احتجاز جثامين الشهداء إلى صدارة الاهتمام الشعبي". 

وأكدت عائلات الشهداء أن "أبعاد ملف احتجاز الجثامين يتجاوز قدرات عائلات الشهداء الذين لا يملكون إلا إرادتهم وصمودهم، وأهابوا بالمستوى السياسي والأهلي الفلسطيني بتجنيد كل الطاقات والإمكانيات في هذه المعركة واتخاذ الموقف السياسي والقانوني الذي تستدعيه أهمية وخطورة هذا الملف، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية لإحالة ملف احتجاز الجثامين إلى المحافل الدولية ومحكمة الجنايات بعد انحياز قضاء الاحتلال وعدم إنصافه للحق"، كما دعت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لـ"إفراد مساحة مناسبة لهذه القضية والمساهمة في تشكيل رأي محلي ودولي يناصر عائلات الشهداء".