بلد الحريات... المنقوصة

بلد الحريات... المنقوصة

01 مايو 2018
في نيويورك (آتيلغان أوزديل/ Getty)
+ الخط -


حين كنا نتخيّل الولايات المتحدة مما يصلنا من هوليوود أو من الإعلام عموماً، كنا نظن أنّها بلد الانفتاح والديمقراطيات. وحين كنا نريد أن نعاير بلداناً بالتخلف، نقارنها بالولايات المتحدة، على أساس أنها في قمة بلدان التطور. في المقابل، كم استهجنّا أنّ الولايات المتحدة لم توقع مثلاً على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، في حين كنا لنستهجن مثلاً لو وقّعت السعودية على الاتفاقية.

النظرة الأعمق إلى الولايات المتحدة تظهر أنّها ليست بلداً واحداً بل عدة بلدان. القرار في ما يخص حقوق النساء يتم هنا على مستوى كلّ ولاية. وتتفاوت الولايات في ما بينها على مستوى حقوق النساء واحترامها. في تقرير أصدره موقع "ووليت - هاب" قارن حقوق النساء بين الولايات الأميركية، على أساس معايير محددة منها الصحة وفرص العمل المتكافئة والعنف المنزلي وتعرض النساء للقتل، فتبين أنّ ولاية مينيسوتا احتلت المرتبة الأولى بشكل عام، بينما تذيلت ولاية لويزيانا اللائحة، واحتلت كلّ من نيويورك وواشنطن (باعتبارهما معقلاً للهيئات والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان والنساء) المرتبتين 13 و14 على التوالي.

القرار إذاً يعود لكلّ ولاية لتضع نظمها وقوانينها، ما يجعل التمييز فاضحاً بين النساء ككلّ في الولايات المتحدة الأميركية. وبمعزل عن التمييز على قاعدة الجنس، تدخل عوامل اللون والعرق والجنسانية والوضع الاجتماعي لتعمّق التمييز وتجعله صارخاً أكثر بحق النساء. وفي هذا الصدد، لطالما حاولت الحركات النسائية والنسوية الأميركية منذ عشرينات القرن الماضي الدفع باتجاه إقرار "تعديل الحقوق المتساوية" لإدراجه ضمن لائحة التعديلات التي أضيفت على الدستور الأميركي. ولكي يجري إقرار هذا التعديل، يجب أن تصادق عليه 38 ولاية من أصل الولايات الخمسين. لكنّ التعديل لم يحظَ بأكثر من 35 توقيعاً بسبب الحركات المعارضة لتطور حقوق النساء في بعض الولايات. ومن أبرز الحجج التي أدرجها المعارضون، المطالبة بإبقاء الأدوار التقليدية بين النساء والرجال، إذ كانوا يخشون انخراط النساء وتجنيدهن في الحروب، تماماً كخشيتهم من زواج المثليين/ ات. ومن الحجج الأخرى، الخشية من إسقاط قوانين في بعض الولايات تعد "مكسباً" أو تمييزاً إيجابياً للنساء، مثل النفقة أو الحضانة أو مخصصات وعدد ساعات العمل وغيرها.




تبقى الكلمة النهائية للأرقام، إذ إنّ 60 في المائة من عدد المتخرجين الثانويين والجامعيين هن من النساء. لكنّ واحدة من بين ثلاث نساء تعيش عند خط الفقر أو تحته. ويبقى السؤال إذا ما كان تطور حقوق النساء ومكانتهن مربوطاً بمدى تقدم الدول أو تخلفها، أم إنّ للأمر جذوراً أعمق بكثير من ذلك؟

*ناشطة نسوية

المساهمون