جزائريون يعاقبون التجار

جزائريون يعاقبون التجار

30 ابريل 2018
وصلت المقاطعة إلى اللحوم (فرانس برس)
+ الخط -
تتواصل حملة "خليها تصدي" (دعها تصدأ)، لمقاطعة شراء السيارات في الجزائر منذ أوائل مارس/ آذار الماضي، إذ تشهد وكالات ومعارض بيع السيارات الجديدة وأسواق بيع السيارات المستعملة تراجعاً في الأسعار إلى حدود 37 في المائة. ويحث ناشطون يديرون الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المواطنين على عدم اقتناء السيارات في هذه الفترة وانتظار مزيد من الوقت حتى تصل الأسعار إلى حدّ معقول.

وبينما ساهمت عوامل سياسية ومناخ من التوترات الاجتماعية في تغذية هذه الحملات، بالرغم من محاولة جماعات دينية التدخل لتحريم المقاطعة، تمكنت الحملة من دفع أصحاب الشركات والتوكيلات والمعارض إلى تخفيض أسعار السيارات بما يعادل 20 إلى 30 في المائة بالنسبة للسيارات الجديدة، بالإضافة إلى ركود كبير في سوق السيارات المستعملة بسبب عزوف المواطنين عن الشراء. وقد انخفض سعر سيارة كورية مثلاً من 10 آلاف يورو إلى أقل من 7 آلاف يورو منذ انطلقت الحملة، بل يتوقع أن يصل الانخفاض إلى أقل من ذلك مع تواصل الحملة.

بدأت الحملة بعد حادث مرور لسيارة من نوع "سيمبول" المصنعة محلياً، من خلال التشكيك في سلامة السيارات التي ينتجها المصنع الجزائري، وكذلك اتهام الشركات المصنعة للسيارات في الجزائر بالاحتيال لزيادة أرباحها بعد إعلان وزارة التجارة عن الأسعار الحقيقية، وهي أسعار ظهر أنّ هناك فارقاً كبيراً بينها وبين الأسعار التي تبيع بها الشركات.

توسعت الحملة لاحقاً، فاضطر مالك مصنع سيارات فرنسية، تصنع السيارات من نوع "سيمبول" الى رفع دعوى قضائية ضد ناشطين أطلقوا هذه الحملة، واعتبر مالك المصنع، محيي الدين طحكوت، في تسجيل فيديو، وتصريحات تلفزيونية أنّ هذه الحملة تحمل خلفيات اقتصادية تدفع بها أطراف تستهدف كسر استثمارات. لكنّ اللافت أنّ الحملة لم تقتصر على هذا النوع من السيارات بل امتدت إلى مجمل العلامات التجارية.

تشهد الأسواق الشعبية لبيع وشراء السيارات المستعملة ركوداً كبيراً في الوقت الحالي. ويؤكد زائرو سوق تاجنانت بولاية ميلة شرقي الجزائر أنّ عدد السيارات التي بيعت في الأسابيع الأخيرة قليل جداً. وإذا كان وزير التجارة الجزائري المعين منذ أسبوعين، سعيد جلاب، قد وصف حملة مقاطعة السيارات وبعض السلع بالحملة الشعبوية، فإنّ الكثير من الأطراف السياسية والناشطين وجمعيات حماية المستهلك كشفت عن دعمها هذه الخطوة الشعبية، والتي اعتبرتها خطوة أولى على طريق التمرد في وجه تكتل مالي يهيمن على مجالات التجارة والاقتصاد الداخلي للبلاد. وقد لوحظ أنّ هذه الحملة بدأت تتوجه أيضاً نحو مقاطعة مواد غذائية كالسمك الذي بلغت أسعاره مستويات قياسية، تثير الغرابة في بلاد تتمتع بشريط ساحلي يمتد على 1200 كيلومتر.

يقول الناشط، هشام خليفة، إنّ "موقف الوزير وتصريحاته لا تهمنا. المواطنون مصرّون على أن تبقى السيارات في مصانع أصحابها، حتى إجبارهم على تخفيض الأسعار والتوقف عن الاحتيال على الشعب". بدوره، يقول الناشط في جمعية حماية المستهلك، سمير القصوري، إنّ "المقاطعة هي الوسيلة الشرعية والسلمية الوحيدة للقضاء على الجشع وغلاء الأسعار، وليست هناك أيّ نية من المقاطعين للإضرار بالاقتصاد الوطني، فالمقاطعة تشمل كلّ منتج مستفز، أكان محلياً أم مستورداً".




تتوجه الحملة في وقت لاحق إلى مقاطعة اللحوم التي أعلنت الحكومة عن استيرادها من فرنسا. ويشكك الناشطون الذين أطلقوا الحملة الجديدة "خليه ينتن" في أنّ هذه اللحوم متطابقة مع مقتضيات الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى رفضهم استمرار تعامل الجزائر مع فرنسا وتبعيتها الاقتصادية لهذا البلد، في وقت كان في الإمكان استيراد اللحوم من دول عربية تتمتع بثروة أكبر كالسودان.

فتاوى غير نافعة
بهدف مواجهة الحملات الشعبية لمقاطعة السيارات الجديدة والمستعملة، استغاث التكتل المالي في الجزائر بمشايخ التيار السلفي لثني المواطنين عن حملات المقاطعة، وأفتى أحد رموز التيار، لزهر سنيقرة، بحرمة مقاطعة السلع، والاكتفاء، بدلاً من ذلك، بالدعاء لتخفيض الأسعار. مع ذلك، فإنّ غالبية الجزائريين لا يعيرون لهذه الفتاوى اهتماماً ويصرون على الحملة حتى تحقق أهدافها.