"هاكرز" على حدود غزة

"هاكرز" على حدود غزة

26 ابريل 2018
يحرصون على ارتدائها في مسيرات العودة (محمد الحجار)
+ الخط -

باتت أقنعة الهاكرز جزءاً من مسيرات العودة. من خلالها، يعلن الفلسطينيون تأييدهم لهذه المجموعات، ويخفون وجوههم عن كاميرات الاحتلال
يومياً، وعند الحدود الشرقية لقطاع غزة، يبتكر شبان غزيون وسائل كثيرة للتصدي لبنادق الاحتلال وقنابله، من خلال أدوات بسيطة ومتوفرة لديهم، منها أقنعة الهاكرز التي باتوا يستخدمونها لحماية وجوههم من الغاز المسيل للدموع، وكاميرات الاحتلال، التي تكشف وجوه الشبان الذين يقتربون من الحدود مطالبين بحق العودة.

وعلى مقربة من خيام العوة الموجودة في خمس محافظات في شرق قطاع غزة، شبّان يرتدون أقنعة الهاكرز تيمناً بالقراصنة الذين حققوا انتصارات ضد شبكات الإنترنت الإسرائيلية، وبثوا الأناشيد الوطنية وصور الثورة الفلسطينية وصوت الأذان، ووجدوا فيها أسلوباً جديداً للنضال، إضافة إلى ارتدائهم الكوفية الفلسطينية.

ويُعد ارتداء الأقنعة أحد أساليب المقاومة التي يستخدمها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي على الحدود، وتساعدهم على إخفاء وجوههم أمام كاميرات الاحتلال التي تصورهم. وزاد إقبال الشباب على شراء الأقنعة وارتدائها على الحدود بشكل لافت، خلال مسيرات العودة، خصوصاً في أيام الجمعة، التي تشتد فيها المواجهات.



أحمد شهاب (25 عاماً) يحبّ التكنولوجيا وعالم البرمجة، وهو طالب في الجامعة الإسلامية في كلية تكنولوجيا المعلومات. لا يُخفي أنه يحبّ عالم الهاكرز، على الرغم من الملاحقات الأمنية بحقهم في دول العالم. ويرى أن الشبان الهاكرز يتمتعون بذكاء كبير، وهم قادرون على استخدام لغات البرمجة واكتشاف الثغرات.

مستمران (محمد الحجار) 


ولأنه معجب بهم، يرتدي شهاب أقنعة الهاكرز على الحدود ويجدها وسيلة قوة له، ويلتقي آخرين يغطون وجوههم بالكوفية. يحاول الاقتراب من الحدود لرمي الجيش الإسرائيلي بالحجارة، بعد إطلاقه قنابل الغاز المسيلة للدموع. ويضع في القناع القليل من البصل حتى لا يتأثر بالغاز المسيل للدموع. يقول لـ "العربي الجديد": "كثيرون يتضامنون مع الشعب الفلسطيني، منهم جهات ومنظمات دولية. لكنّ الهاكرز عالم غريب مستمر منذ أكثر من 5 أعوام. أعلم بهجومهم على المواقع الإسرائيلية الأمنية الحساسة. ما أجملهم لأنهم يكرسون موهبتهم وطاقتهم لصد هجمات الجيش ضدنا".

أما الشاب رضا أبو فرخ (20 عاماً)، الذي يهوى عالم الكومبيوتر والتكنولوجيا، كان يخشى الهاكرز حين قرأ عنهم قبل خمسة أعوام. لكنّه أحبهم لأنهم تضامنوا مع الفلسطينيين في مختلف المناسبات الحزينة التي يقتل فيها الاحتلال الأبرياء والمدنيين في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وشعر أبو فرخ بالسعادة حين تمكنت مجموعة هاكرز تطلق على نفسها اسم "TH3FALON" من اختراق نحو 45 موقعاً إسرائيلياً على شبكة الإنترنت، رداً على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين العزّل على حدود قطاع غزة، بعد "جمعة الكوشوك"، في السادس من إبريل/نيسان الحالي.

ووضع الهاكرز صورة تجمع عدداً من المواطنين الفلسطينيين على حدود غزة، يحملون مواطناً على أكتافهم رافعاً علم فلسطين في السماء. وفي خلفية الشاشة غيمة سوداء في إشارة إلى #جمعة_الكوشوك. كما بث الهاكرز صوت الأذان عند فتح المواقع الإسرائيلية المخترقة. يقول أبو فرخ لـ "العربي الجديد": "أحب الجزائر والهاكرز، لأنهم أكثر الناس تضامناً معنا من القلب، وهذا هو الدعم الذي نحتاجه. لا نريد المال الذي يأتي على شكل مساعدات لا تصل إلا للأحزاب السياسية. نحن في حاجة إلى قلب عربي يتضامن مع صمودنا في تحركات حق العودة على الحدود".

يستعد لرمي الحجارة (محمد الحجار) 


أما نورس النجار (22 عاماً)، فيرغب من خلال ارتدائه أقنعة الهاكرز، في إرسال رسالتين إلى مجموعات الهاكرز التي تخترق مواقع الاحتلال الإسرائيلي. الأولى هي أن الشبان الفلسطينيين يؤيدونهم ويشكرونهم على ما يبذلونه من مقاومة الاحتلال عبر القرصنة وبث الأناشيد الوطنية وصور الثورة الفلسطينية عبر مواقعه الإلكترونية، والثانية أن دعمهم بهذا الشكل يضعف القدرة الأمنية الإلكترونية للاحتلال، والذي يكرسها لاستهداف المدنيين في قطاع غزة.

فتيات "هاكرز العودة"

ارتداء الأقنعة ليس حكراً على الشبان فقط، إذ زاد عدد الشابات اللواتي يرافقن الشبان والعائلات في المسيرات، ويرتدين الأقنعة. وشكلت أربع فتيات مجموعة أطلقن عليها "هاكرز العودة"، ويتواجدن كل خميس وجمعة على الحدود. ممثلتهن، التي رفضت الكشف عن اسمها، تعزو سبب ارتدائهن الأقنعة إلى أن جنود الاحتلال يخشون وجود هذه المجموعات في غزة. وترى أن تواجدهن أمام كاميرات الاحتلال يرسل رسالة لهم بأن الفتيات يعرفن من يناضل مع شعبهن مثل جماعة الهاكرز، وأنهن قويات ويتواجدن على الحدود بكل قوة ولا يخفن البنادق.



تضيف لـ "العربي الجديد": "اليوم، الشابة الغزية أصبحت تشارك المقاومة السلمية على الحدود. وعند اللزوم، ترجم الجنود بالحجارة لأنهم يطلقون النار والقنابل على المدنيين. لنا مكان على هذه الأرض ولا يجب أن نتركه. شعرت بالسعادة عندما افتخر والدي بي وبهذه المجموعة، لأنه يؤمن أن الجميع يقاوم لأجل الأرض في فلسطين".