عوائل عراقية تسكن منازل مهدمة... حكايات من عمق المعاناة

عوائل عراقية تسكن منازل مهدمة... حكايات من عمق المعاناة

22 ابريل 2018
بيوت لا تصلح للسكن والحكومة لا تدفع تعويضات(العربي الجديد)
+ الخط -


مع كل صباح يستيقظ أبو أحمد مبكراّ، ليبدأ مع زوجته عملهما الشاق في منزلهما المهدّم الذي عادا إليه أخيراّ بعد رحلة مع معاناة النزوح، ينقلان الأنقاض والأجزاء المهدمة من المنزل المتهالك إلى خارجه، محاولين جعله مكاناً صالحاً للسكن من جديد.

ويروي أبو أحمد، لـ"العربي الجديد"، قصة عودته إلى منزله في بلدة الرمادي في محافظة الأنبار، قائلا: "بقينا في خيم النزوح في بغداد أكثر من سنتين، وذقنا ذلّ المهانة والحاجة والعوز، والتضييق"، مبينا أنّ "الوضع في المخيم كان مأساويا، كأننا لم نكن نعيش في بلدنا".

وأضاف "مع عودة النازحين قررنا نحن وعدد من العوائل العودة، لنتخلص من عيشة المخيم، وكنا نعلم أنّ أجزاء من منازلنا تهدمت بفعل القصف والمعارك"، مبينا "عدنا وأطفالنا الصغار، وإذا بنحو ربع البيت مهدم، والأنقاض تملؤه".

وتابع "أثار وضع البيت الخوف لدى أطفالي، خصوصا أنّ البيت بلا أبواب يمكن إغلاقها ليلاً بسبب سقوط عدد من جدرانه، لكن رغم ذلك قررنا البقاء فيه". وقال: "قمنا بتنظيف غرفة واحدة وسكنا فيها أنا وزوجتي وأطفالي، وفي كل يوم نستيقظ صباحا ونبدأ أنا وأم أحمد العمل بنقل الأنقاض إلى خارج المنزل، إنها ثقيلة خصوصاً بالنسبة لأم أحمد التي لم تعتد على هذا العمل الشاق، والذي يحتاج إلى قوة بدنية".

وأضاف "استطعنا بعد نحو أسبوع من أن نرفع جزءا من الأنقاض وننقلها إلى خارج إحدى الغرف الصالحة للعيش، والآن نريد أن نبني سياجاً ونغلق الدار لمنع الكلاب السائبة من الدخول كل ليلة".


وأجبر النازحون على تقبل الواقع المأساوي الذي يعيشونه في منازلهم المهدمة، وأن يتكيفوا مع هذه الحياة التي تنعدم مقوماتها الأساسية.

وقال أبو حسام، وهو أحد العائدين، ويسكن بيته المهدم في الفلوجة، لـ"العربي الجديد"، "نحن اليوم نعيش حياة بدائية في منازلنا المهدمة، التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، لكننا أجبرنا على العودة إليها، بسبب حياة الذل والمهانة التي عشناها في المخيمات". وأشار إلى أنّ "الشعور بالغربة في بغداد، ومعاملة الأجهزة الحكومية لنا كأننا لسنا من أبناء هذا البلد أجبرتنا على العودة، وتحمّل هذه الحياة في المنازل المهدمة".

ولم يتلق النازحون العائدون إلى منازلهم التي هدمت بفعل القصف والتفجير، أي دعم أو تعويض حكومي لغاية الآن.

وقال المسؤول المحلي في حكومة الأنبار، حميد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العائدين يعيشون أوضاعا مأساوية في منازلهم المهدمة، والحكومة تهمل هذا الملف وتحاول طيّ صفحة التهجير والنزوح من دون أي تعويض".

وأكد أنّ "الحكومة لم تقدم أي تعويض لأصحاب المنازل المهدمة والمتضررة، والتي لا يستطيع أغلب الأهالي تحمل كلفتها"، مشيرا إلى أنّ "تنصل الحكومة من هذه المسؤولية يؤشر إلى عدم الاهتمام بالجانب الإنساني". وأشار إلى أنّ "عوائل عادت ولم تجد حتى سقفا باقياً في منازلها، واضطرت إلى وضع قطع من الخشب فوق الجدران وسكنت تحتها".

يشار إلى أنّ المعارك التي جرت في المناطق التي تحررت من سيطرة "داعش" والقصف المتبادل بين التنظيم والقوات العراقية، تسبب بتهديم آلاف المنازل، وتسوية بعضها بالأرض.

دلالات