إجماع في البرلمان التونسي على قانون مناهضة التمييز العنصري

إجماع في البرلمان التونسي على قانون مناهضة التمييز العنصري

21 ابريل 2018
أجمع البرلمانيون على التزامهم بمناهضة التمييز العنصري (فرانس برس)
+ الخط -


أجمع نواب لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي على قانون مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري، ومعاقبة مرتكبي المخالفات والجرائم المندرجة ضمن تلك الظاهرة.

وشرّعت لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب الجمعة، بعد الاستماع لوزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، القانون الجديد الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

وأجمع البرلمانيون في مداخلاتهم على التزامهم بمناهضة التمييز العنصري، والعمل على تجريمه عبر قوانين وإجراءات توعوية تقضي على هذه الظاهرة التي تفشت في أوساط المجتمع التونسي كغيره من المجتمعات.

ويعرّف القانون الجديد التمييز العنصري بـ"كلّ تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أسـاس العرق أو اللون أو النسـب أو غيره من أشكال التمييز العنصري على معنى المعاهدات الدولية المصادق عليها، والذي من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتّع بالحقوق والحريات أو ممارستها على قدم المساواة، أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافيّة".

كما شدد القانون على أنه يعتبر تمييزاً عنصرياً "كل وضعية تنشأ عن أحكام أو تدابير أو معايير تبدو في ظاهرها موضوعيّة، وينجر عن تطبيقها ضرر أساسه العـرق أو اللـون أو النسـب أو غيره من أشكال التمييز العنصري".



وتباينت مواقف النواب في جزئيات تتعلق بالعقوبات الزجرية لتجريم التمييز العنصري بين مطالبين بزيادة حجم الغرامات، وبين داعين إلى تشديد العقوبات السالبة للحرية، في وقت تواتر بين الجميع مقترح التعويل على الجانب التوعوي والإرشاد وتربية الناشئة على القيم الفضلى المناهضة للتمييز ورصد البرامج والإجراءات لذاك.

وأكد النواب على ضرورة التصدي لكل أشكال التمييز على أساس لون البشرة أو الدين والمعتقد أو العرق أو الجهة أو اللهجة واللكنة واللغة أو الجنس أو الفكر، مع ضرورة العناية بالضحايا ومتابعتهم نفسيا واجتماعيا بتخصيص عناية طبية واجتماعية للمتضررين.

من جانبه، أكد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، أن القانون الذي قدمته الحكومة للقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري فرضه غياب إطار قانوني يجرم التمييز العنصري على أساس لون البشرة.

ولفت إلى أن أول خطوة لمعالجة ظاهرة التمييز العنصري على أساس اللون تقتضي الاعتراف بوجود الظاهرة وتفادي إنكارها بادعاء أن "الشعب التونسي شعب غير عنصري"، مشيراً إلى أن أول مرحلة في معالجة أي ظاهرة أو داء هو الاعتراف به.

وأكد بن غربية أن بنود هذا القانون تعرّف جريمة التمييز العنصري وتحدد المسؤوليات وتعرض العقوبات والغرامات المالية ضد المخالفين، مبيناً أن هذا القانون يهدف بالأساس إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومظاهره من أجل حماية كرامة الذات البشرية وتحقيق للمساواة بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق وأداء الواجبات، بحسب مبادئ دستور 2014 والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس وتبنتها.

وأوضح أن القانون لا يُعنى فقط بتسليط عقوبات على المخالفين في محتواه الزجري، بل يستهدف المستقبل بمواده الموجهة نحو تفعيل دور الدولة في الجانب التوعوي، مشيراً إلى أن هذا القانون يمكن أن تنبثق عنه "اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري" من صلب الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان وبمشاركة المجتمع المدني.


ويلزم القانون الجديد، الدولة التونسية، بضبط سياسة عمل كفيلة بالوقاية من مظاهر وممارسات التمييز العنصري والتصدّي لها، مقابل نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم المساواة وقبول الآخر، مع تطبيق ذلك في كل المجالات والمؤسسات التي ترعاها الدولة مباشرة، خصوصاً قطاعات الصحّة والتعليم والثقافة والرّياضة والإعلام وغيرها.

وتتراوح العقوبات ضد المخالفين بين عقوبات سالبة للحرية وأخرى مالية بحسب الجريمة المرتكبة. ويتعرض مرتكب المخالفة أو الجريمة للسجن لمدة تتراوح من شهر إلى ثلاث سنوات، كما تتراوح الغرامة من 500 دينار إلى حدود 3 آلاف دينار، ويمكن تغريم المؤسسات والجمعيات التي ترتكب هذه الجرائم بغرامة تتراوح من 5 آلاف دينار إلى 15 ألف دينار.

وشدد مشروع القانون الجديد على حقّ الضحايا في الحماية القانونية والإحاطة الصحيّة والنفسية والاجتماعية المناسبة، وعلى حقهم في تعويض قضائيّ عادل ومتناسب مع الأضرار.