صراع نقابة الأساتذة والحكومة التونسية... من يركع أولاً؟

صراع نقابة الأساتذة والحكومة التونسية يتواصل... من يركع أولاً؟

20 ابريل 2018
إضراب أساتذة تونس يتواصل (فيسبوك)
+ الخط -

لم يكن نقيب أساتذة تونس، لسعد اليعقوبي، مخطئاً حين قال، الثلاثاء الماضي، إن "من سيصرخ أولاً سيخسر"، بمناسبة شروع المعلمين في تعليق الدراسة، بل كان التصريح إشارة واضحة إلى احتدام الخلاف بين النقابة والحكومة.

لم تعد القضية مجرد خلاف مهني أو مطلبي بين محتجين ومسؤولين، وإنما تحولت إلى معركة كسر عظام بين الطرفين، وباتت صراعاً سياسياً بامتياز، بسبب تعنّت كل طرف، والتلويح بالتصعيد واستخدام أوراق ضغط جديدة.

وفي يوم الإضراب الرابع، نظّم الأساتذة، اليوم الجمعة، تجمّعات احتجاجية أمام مقرّات المندوبيات الجهوية للتربية، استجابة لدعوة نقابة التعليم الثانوي، التي قالت في بيان، إنّها اتّخذت قرار الاحتجاج في الشارع "تنديداً بتمادي الحكومة في سياسة التعنّت والمكابرة، ورفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات الجدية والمسؤولة"، مشددة على "النجاح منقطع النظير" الذي سجّله تعليق الدروس في الأيام الماضية.

وأمام إصرار النقابة على مواصلة حجب الأعداد (شهادات الطلبة) والإضراب المفتوح عن الدروس، لجأت الحكومة إلى التهديد باقتطاع أيام الإضراب من الأجور، وبعد أن كان القرار مجرد شائعة متداولة خلال الأيام الماضية، أكد مصدر مسؤول، أمس الخميس، أن الحكومة ستكون مضطرة لاقتطاع أجور أيام الإضراب الذي نفذه أساتذة التعليم الثانوي، إذا تواصل الإضراب.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، إنه "لم يتم إلى الآن تفعيل أي قرار يتعلق بحجب أجور الأساتذة على خلفية قرار نقابة التعليم الثانوي تعليق الدروس ومواصلة حجب الأعداد".

وأكد الطرابلسي، في تصريح للتلفزيون الرسمي: "لم نحجب الأجور، وأتمنّى ألا نلجأ إلى ذلك. لنسمّ الأشياء بأسمائها. ما يحصل هو إضراب عن الدروس وليس تعليقاً للدروس"، داعياً إلى تعليق قرار حجب الأعداد واستئناف المفاوضات.



ومع أن أطرافاً كانت تتصور أن قيادة اتحاد الشغل المركزية ليست راضية عن قرارات نقابة التعليم، وأن الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، بدا كأنه يقوم بدور الوسيط، أوضح الطبوبي، لجميع المراهنين على خلافات نقابية داخلية، أن "القيادة تتبنّى بالكامل مطالب النقابيين"، ودعا، اليوم الجمعة، خلال افتتاحه أشغال مؤتمر الاتحاد الجهوي بتوزر، إلى عقد هيئة إدارية وطنية لدعم مطالب قطاع التعليم الثانوي.

وأكد المتحدث باسم الاتحاد، سامي الطاهري، أن "وزارة التربية والحكومة تتعاملان مع التلاميذ كرهينة، ولا تُريدان حلّ الأزمة وتدفعان إلى تعقيدها. إذا عجزت الحكومة عن حلّ أزمة قطاع فهي غير قادرة على حل مشاكل البلاد"، وشدد على أن الحكومة مطالبة بحل الأزمة، معبراً عن استعداد الاتحاد للحوار والتفاوض.



ويبدو أن محاولات رئيس البرلمان، محمد الناصر، لم تفض إلى أي نتائج إيجابية، إذ رشح من اجتماعات ليلة الخميس مع وزير التربية والأمين العام للاتحاد، أن كل طرف باقٍ على موقفه في انتظار أن يتنازل الآخر، بينما ما يحصل فعلياً هو تصعيد الجانبين.

وقال لسعد اليعقوبي، اليوم الجمعة، إنّ "الحكومة تسعى إلى ابتزاز اتّحاد الشغل عبر ملف التعليم الثانوي، وقامت بتوظيف بعض وسائل الإعلام والوزراء من أجل شيطنة مطالب المعلمين وحصرها في المطالب المادية"، معتبراً أن رئيس الحكومة يدفع باتّجاه إحداث احتقان شعبي بين المدرسين والمواطنين من أولياء الأمور.

ولا يلوح أي حل في الأفق للوضع المتوتر، بينما السنة الدراسية في آخر أيامها، ويستعد تلاميذ البكالوريا المحرومون من فترة المراجعة مع الأساتذة لاجتياز الامتحانات الأخيرة بعد أسابيع.
وتحاول الحكومة إحراج الاتحاد أمام الرأي العام بالتأكيد على أن الكلفة المالية لمطالب الأساتذة تفوق 500 مليون دينار، بينما الوضع المالي متردٍّ.



ويظل أولياء التلاميذ حتى الآن في موقف المتفرج الممتعض من الطرفين، فبعضهم يلوم الحكومة، وبعض آخر يلوم النقابة، كما أن الأحزاب السياسية المنشغلة بحملاتها الانتخابية ترفض دخول المعركة، باستثناء حزب "الاتحاد الوطني الحر" الذي حمّل، اليوم الجمعة، الحكومة المسؤولية بسبب غياب الرؤية الواضحة لمعالجة المشكلة، وعجزها عن إدارة حوار متكافئ طيلة الأشهر السابقة.

دلالات

المساهمون