يوم التوحد... العالم باللون الأزرق لدعم المصابين بالمرض

يوم التوحد... العالم باللون الأزرق لدعم المصابين بالمرض

02 ابريل 2018
اليوم العالمي للتوحد(تويتر)
+ الخط -


تتزايد أعداد الإصابة بمرض التوحد بمختلف مستوياته وأعراضه، وتقدر الدراسات أن 70 مليون شخص حول العالم مصابون بأعراض التوحد. ذلك المرض الذي لا شفاء منه حتى الآن، لكن تشخيصه المبكر والتدخل الفعال يحسن حياة المصابين الشخصية والاجتماعية، خصوصاً أن أبرز سماته التي تظهر لدى الأطفال بين عامين وثلاثة أعوام، عدم القدرة على التفاعل والتواصل البصري مع الآخرين بمن فيهم الوالدان.

ومرض التوحد Autism الذي يحظى بتسليط الضوء عليه في يومه العالمي بتاريخ 2 إبريل/نيسان من كل عام، بهدف الكشف عن المستجدات المتعلقة بمعايير التشخيص التي تتطور عاماً بعد عام، وبأهمية العلاج المبكر للأطفال المصابين لتخفيف حدة أعراضه، هو عبارة عن اضطراب يُلاحظ على الطفل في سنّ مبكّر. ويؤثر التوحد على تطوّره وجوانب نموّه المختلفة، ويتمثل بخلل في تفاعله الاجتماعي، وبتكرار أنماط سلوكية معيّنة، وبضعف تواصله اللفظي وغير اللفظي مع الآخرين.

والتوحد لا يعني فشل المصابين في عيش حياة مقبولة ولامعة أحياناً، وتحقيق النجاح في مجالات معينة. وتبين المواقع الطبية المتخصصة أن نصف أطفال التوحد في العالم لديهم ذكاء متوسط وما فوق المتوسط. ولا شك أن بعضهم يتمتعون بذكاء عالٍ، خصوصاً أن شخصيات برزت في ميادين العلوم والطب والفنون على أنواعها والرياضة مصابون بالتوحد.

وأبرز من أشار الخبراء إلى إصابتهم بالتوحد، العالم الفيزيائي الأشهر ألبرت آينشتاين، والموسيقار النمساوي وولفغانغ موزارت، مهندس ثورة الكومبيوتر الشخصي بيل غيتس، المخرج ألفرد هيتشكوك، مخترع المحركات الكهربائية نيكولا تيسلا، مخترع المصباح الكهربائي والتلغراف توماس أديسون، الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن، والقائمة تطول وأدرجها موقع Disabled world عام 2017.

 


تعريف التوحد وأسبابه

يعرف موقع "Autism Society" الأميركي اضطراب طيف التوحد (ASD) بأنه إعاقة تنموية معقدة. ويشير إلى أن علامات الإصابة بهذا الاضطراب تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة ويؤثر على قدرة الشخص على التواصل والتفاعل مع الآخرين. ويرتبط تعريف ASD من خلال مجموعة معينة من السلوكيات، وهي "حالة الطيف" التي تؤثر على الأفراد بدرجات مختلفة ومتفاوتة.

ويوضح الموقع أنه لا يوجد سبب واحد معروف للتوحد، وإن زيادة الوعي والتشخيص المبكر والدعم المناسب للمصاب تؤدي إلى نتائج تحسن حياته بمستوى ملحوظ. وتجتمع المواقع الطبية على أن سبب التوحد لا يزال غير واضح، لكنها تشير إلى أن الدراسات أظهرت أن الجينات والبيئة تلعبان دورًا في زيادة انتشاره، وإنْ بنسب متفاوتة بين البلدان.

 


التشخيص

 اختلفت طرق تشخيص التوحد عبر السنوات مع تطور تعريفه والاستدلال أكثر على الأعراض ودرجات تفاوتها. في عام 1966، قدر الباحثون أن نحو 1 من كل 2500 طفل مصابون بالتوحد، وفقًا لمعايير مستمدة من وصف طبيب الأمراض النفسية ليو كانر، المعروف بدراساته المتعلقة بالتوحد. وركزت تلك التقديرات على الأعراض الشديدة لطيف التوحد، وأغفلت أولئك الذين يتمتعون بخصائص بالغة الدقة.

في عام 1987، وضعت معايير أكثر اتساعاً لتشخيص التوحد، لا بد أن تظهر لدى الطفل 8 معايير من 16 معيارًا، بدلاً من ستة عناصر كانت تعتمد سابقاً. تلك التغييرات في المعايير وسبب التشخيص تسببت في رفع نسب الإصابة بالمرض إلى أكثر من إصابة واحدة من بين 1400 طفل.

في عام 1991، قررت وزارة التعليم الأميركية أن تشخيص التوحد يؤهل الطفل للحصول على خدمات التعليم الخاص. وقبل ذلك أدرج كثير من الأطفال المصابين بالتوحد على أنهم يعانون من إعاقة ذهنية. وشجع تطور التشخيص العائلات على عرض أطفالها على الأطباء والجهات المختصة للتأكد من نوع المرض الذي يعانون منه إن كان توحداً. كما أن عدد الأطفال الذين لديهم تشخيص للتوحد والإعاقة الذهنية ارتفع أيضا باطراد على مر السنين.

في عام 1994، توسع تشخيص التوحد، وأدرجت معايير الطبعة الرابعة من تعريف التوحد، من خلال تضمين متلازمة Asperger على الطرف الأكثر اعتدالا من الطيف. صدرت النسخة الحالية الخامسة في عام 2013، التي اعتبرت أن متلازمة أسبرغر واضطراب النمو المنتشر اضطرابان مغايران للتوحد، بعد أن كانا ضمنه.

 

أعراض التوحد وعلاجها

الأعراض السلوكية والاجتماعية التي تظهر لدى الطفل المصاب بالتوحّد تتسم بعدم تفاعله مع أفراد عائلته وعدم استجابته للملاطفة الاجتماعية والتودد المتوقّع من الأطفال العاديين. كذلك ينعدم الاتصال البصري بينه وبين الناس في محيطه حتى أفراد أسرته. تضاف إلى ذلك الأنماط السلوكية المقيدة والمتكررة لدى المصابين.

ويلاحظ أن طفل التوحد يلعب وحده وينعزل عن الآخرين، ولا يسمح لأحد بمشاركته في نشاطاته، ويجد صعوبة في تمييز والديه عن باقي الناس، وتنقصه مهارة كسب الأصدقاء، وتتسم سلوكياته الاجتماعية بعدم اللباقة.

كذلك يتأخر تطوّر وتعلم اللغة عند أطفال التوحّد، ويصعب عليهم استخدام اللغة للتواصل مع الآخرين. أما بعض أعراض مرض التوحد الجسدية فتظهر عبر تشوّهات خلقيّة بسيطة؛ كتشوّه الأذن الخارجية مثلاً، وقد يتبيّن وجود شذوذ في خطوط بصمات الأصابع.

وبمجرد تشخيص حالة التوحد، هناك حاجة إلى نهج متعدد العوامل من التدخلات السلوكية، والتحفيز الحسي، وعلاج النطق، والعلاج المرتكز على تنمية المهارات الاجتماعية واللغة والتواصل والمهارات اليومية، للتعامل مع هذا الاضطراب.

 

أرقام وإحصاءات

 نشر موقع "statista" نتائج دراسة أجريت عام 2017 عن نسب الإصابة بمرض التوحد في 10 دول حول العالم، واعتمدت تحديد عدد الإصابات مقابل كل 10 آلاف نسمة.

وبيّن الموقع أن 161 طفلاً يصاب بالتوحد في اليابان من بين كل 10 آلاف طفل، وأن 94 طفلاً يصاب بالمرض في المملكة المتحدة ودوما من بين 10 آلاف طفل، وتصل الإصابة في السويد إلى 72 طفلاً، وفي الدنمارك لـ68 طفلاً، وفي الولايات المتحدة لـ66 طفلاً، وفي كندا لـ65 طفلاً، وفي أستراليا لـ45 طفلاً، والبرازيل لـ27 طفلاً، وفي هونغ كونغ لـ17 طفلاً، في حين كانت النسبة الأدنى للإصابة بين الدول العشر لصالح البرتغال التي بلغت 9.2 أطفال من بين كل 10 آلاف طفل في البلاد.

وقدرت "شبكة مراقبة مرض التوحد ونماء العجز" الأميركية أن نحو طفل واحد من كل 68 طفلاً يعانون من اضطراب طيف التوحد في الولايات المتحدة وفق قياس عام 2012، في حين أن نسبة الإصابة ارتفعت بعد أن كانت تطاول طفلاً من بين 150 طفلاً في عام 2000. وأكدت الشبكة أن هذا الاضطراب موجود في جميع المجموعات العرقية والإثنية والاجتماعية والاقتصادية.

ولفت موقع الشبكة إلى أن المرض يصاب به الأطفال الذكور 4.5 مرات أكثر من انتشاره بين الإناث، ما يعني أن طفلاً ذكراً مقابل كل 42 من الأولاد الذكور يصاب بالتوحد، في حين أن فتاة مقابل 189 من بين الفتيات تصاب بالمرض.

وأشار الموقع إلى نتائج الدراسات في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية المتعلقة بالأفراد الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد، التي بيّنت أن متوسط ​​انتشاره يتراوح بين 1 و2 في المائة من السكان.



وسبق لـ"العربي الجديد" أن نشر العام الماضي تقارير عن التوحد بيّنت إصابة نحو 300 ألف مريض بداء التوحد في المغرب، وفق تقديرات عام 2016 الصادرة عن "تحالف جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب". في حين سجلت الجزائر نحو 45 ألف إصابة طفل بالتوحد، حسب إحصاءات غير رسمية.

وذكرت جمعية "توهوم" التركية التي تُعنى بشؤون التوحّد، وجود نحو مليون ومئتي ألف شخص يعانون من التوحّد، من بينهم 352 ألفاً لم يتجاوزوا الثامنة عشرة.


العالم باللون الأزرق

 
يقود مجتمع التوحد حملة Light it Up Blue وتكتسي المعالم الهامة حول العالم اللون الأزرق، تكريما لليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، وتعزيزاً لمشاعر التفهم والقبول تجاه أولئك الذين يعانون من مرض التوحد.



وتتوهج باللون الأزرق كل من شلالات نياغارا، ومبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وبرج إيفل في باريس، ومبنى الأوبرا في سيدني، ومبنى البيت الأبيض والمباني الحكومية في مختلف الولايات الأميركية، وغيرها الكثير.



ويرتدي الداعمون ملابس زرقاء، وتنشط الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الهاشتاغ #LightItUpBlue لرفع مستوى الوعي بالمرض الذي يصيب نحو 1 في المائة من سكان العالم.

دلالات