الجزائر العاصمة تستعيد بعض مساحاتها الخضراء

الجزائر العاصمة تستعيد بعض مساحاتها الخضراء

03 ابريل 2018
في إحدى حدائق العاصمة (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -
على مرّ السنين، راحت تتبدّل معالم في الجزائر العاصمة، وتقلّصت بعض المساحات الخضراء. لكنّ السلطات فيها حسمت الأمر في الفترة الأخيرة، وقرّرت إعادة إحياء بعض تلك المساحات التي خنقها الإسمنت

يبدو أنّ العاصمة الجزائرية راحت تتنفّس الصعداء أخيراً، بعدما كانت تعاني من تقلّص المساحات الخضراء وإهمال الحدائق العمومية وزحف الإسمنت الذي خنق أجزاءها الثلاثة، المدينة القديمة والجزء العمراني الذي هندسه الاستعمار الفرنسي في وسطها والجزء الذي بنته دولة الاستقلال والممتد إلى ضواحي المدينة الشرقية والغربية والجنوبية.

كذلك التزايد السكاني اللافت في العاصمة الجزائرية واختناقها دفعا السلطات إلى وضع خطة لإعادة فتح الحدائق العمومية التي كانت إمّا مغلقة وإما مهملة. وتشمل الخطة تأهيلها وتنظيم الدخول إليها وتحويلها إلى وجهة للعائلات وأطفالها. وقد سُجّل في السنوات الأخيرة جهد حكومي لافت في هذا السياق، خصوصاً منذ افتتاح كورنيش الصابلات الذي بات المتنفّس الأكبر لسكان العاصمة وزائريها.

وبهدف تخفيف الضغط على هذا الكورنيش الممتد على ساحل يقدّر بثلاثة كيلومترات، لجأت الحكومة إلى إعادة تأهيل عدد من الحدائق وإعادة الاعتبار إليها. وتتميّز حدائق عدّة بتاريخها وبأشجار ونباتات نادرة، وهو الأمر الذي دفع السلطات على سبيل المثال إلى إنشاء فريق علمي لحماية حديقة التجارب العلمية الحامة، أو اختصاراً حديقة الحامة، والعناية بها وبنباتاتها وتنظيم إجراء البحوث العلمية اللازمة فيها. وهذه الحديقة تُعَد من أجمل الحدائق وتقع أسفل التلة حيث "مقام الشهيد" (نصب تذكاري للحرب الجزائرية ولضحايا الحرب التحريرية) وعلى مقربة من مغارة سرفانتس (الأديب الإسباني ميغيل سرفانتس مؤلف دون كيشوت كان قد اختبأ في هذه المغارة لفترة من الوقت). وتتميّز هذه الحديقة بنباتات نادرة، وجرى فيها خلال أربعينيات القرن الماضي تصوير أحد أفلام طرزان.




في السياق نفسه، أعيد تأهيل حديقة صوفيا القريبة من مبنى البرلمان في المدينة، وهي حديقة جميلة تطلّ على البحر لكنّها ظلت مهملة على الرغم من موقعها في وسط العاصمة، وهو الأمر الذي جعلها مقصداً للمنحرفين. وقد اتخذت السلطات قرار الاهتمام بها وكذلك بحديقة أخرى لا تقلّ جمالاً عنها وهي حديقة الحرية التي تقع وسط العاصمة وتبدو نسخة مصغّرة من حديقة الحامة، وتربط بين شارعَين رئيسيَّين هما شارع كريم بلقاسم وشارع ديدوش مراد. والأخير نابض بالحياة، وتكثر فيه المحال التجارية، ويضمّ مقرّ اتحاد الكتاب الجزائريين وكذلك الجامعة المركزية التي احتفلت قبل فترة بمرور قرن على إنشائها. يُذكر أنّ حديقة الحرية كانت قد أغلقت قبل فترة، ويجري العمل على إعادة تأهيلها بطريقة تعيدها إلى بهائها السابق وتعيد إليها حيويتها، خصوصاً أنّها مثّلت لفترة مصدر إلهام جمالياً لطلاب جامعة الفنون الجميلة، في حين زادها احتواؤها على متحف الفنون القديمة أهمية بيئية وثقافية.

وفي مكان غير بعيد عن حديقة الحرية، تبقى حديقة بيروت واحدة من أجمل الحدائق في العاصمة الجزائرية، وقد تكون من بين أكثر الحدائق التي حافظت السلطات على جمالها وتنظيمها. ولهذه الحديقة مكانة خاصة لدى الجزائريين، ليس لأنّها تحمل اسم العاصمة اللبنانية فحسب، إنّما لأنّها أقيمت وسميّت كذلك إكراماً للمقاومة الفلسطينية بعد خروج منظمة التحرير من بيروت في عام 1982، وقد افتتحها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

إلى جانب إعادة تأهيل الحدائق والفضاءات الخضراء في العاصمة الجزائرية، لجأت السلطات إلى استغلال بعض المساحات التي كانت تضم أبنية قديمة وتهدّمت مع الزمن أو جرى هدمها بعدما تهالكت وصارت مهددة بالانهيار في حين تهدّد بدورها أمن السكان والمارة وسلامتهم. وقرّرت تحويلها إلى مساحات خضراء صغيرة يستفيد منها سكان الحيّ أو الشارع وكذلك مساحات للأطفال، مثلما هي حال المساحة الواقعة قبالة البرلمان الجزائري لجهة شارع العربي بن مهيدي المزدحم. كذلك جرت تهيئة مساحة صغيرة مقابلة للبرلمان نفسه، من الجهة المطلة على الميناء البحري للمسافرين.

وخلال الفترة الأخيرة، أنهت السلطات الجزائرية ترميم حديقة تونس التي تربط بين حيّ الأبيار وحيّ تيلملي، وأنشئ فيها فضاء خاص بالأطفال مع مساحة للعب، وذلك بعدما كانت هذه الحديقة مهملة لفترة من الزمن. وفي منطقة المدنية في أعالي العاصمة، أنجزت السلطات مشروع تأهيل كامل لغابة صغيرة بالقرب من مقرّ وزارة الصحة، تضمّ مضماراً للركض والرياضة سوف يسمح لسكان الحي بالتنفّس والترفيه.




من جهة أخرى، ثمّة حديقة/ ساحة مهمة في قلب العاصمة الجزائرية ما زالت في حاجة إلى إعادة تنظيم وتأهيل بطريقة تساهم في منح قلب العاصمة الجزائر جمالية خاصة، وهي ساحة بور سعيد أو ما يعرف بساحة السكوار. وهذه الساحة لا تحظى بأهميتها لأنّها تقع في قلب العاصمة قبالة الميناء البحري للمسافرين فقط، وكذلك بالقرب من مقرّ مجلس الأمة ومحكمة عبان رمضان، إنّما لأنّها تقع قبالة مبنى المسرح الوطني الجميل الذي احتضن لسنوات أبهى إنجازات المسرح الجزائري، ولأنها تحتضن أجمل المقاهي وأقدمها، خصوصاً مقهى طانطنفيل التاريخي. إلى ذلك، فإنّ الساحة تشتهر ببيع العملات الأجنبية.

دلالات

المساهمون