أمل

أمل

17 ابريل 2018
رسائل إيجابية (فارس هادزيق/ Getty)
+ الخط -
إنْ كنت من الأشخاص الذين يُفكّرون بسلبيّة، فلن تنجو من نكسات في حياتك. تبدو هذه خلاصة دراسات أو أسلوب جديد للدعوة إلى التفاؤل. ربّما لا جديد في الأمر. علم النفس وعلماؤه يتحدثون إلى مرضاهم عن أهميّة التفاؤل، الأمل، الإيجابية، كأن هذا الثلاثي هو السبيل إلى قلب حياتك رأساً على عقب.

أحداثٌ جميلة إذاً. ها أنت تتقدّم بطلب للحصول على وظيفة جديدة. يأتيك اتصال أوّل وثانٍ. لم يبقَ إلا أن تُقبل في المنصب الجديد الذي ترغب به، ليس لسبب غير الرغبة في التغيير. ولا تُقبل على الرغم من التزامك بالإيجابية والابتسام وغير ذلك من معايير ضمان النجاح، أو أقلّه تحقيق ما تريد. ثمّ لا تُقبل بالوظيفة الجديدة، وتُحافظ على ابتسامتك وإيجابيتك...

إنّه الأمل الذي لا يُحقّق أحلاماً بالضرورة، ولكن يُحفّزك على السعي إليها. الأملُ نفسه الذي يُحافظ على استمرارية الحياة. أملٌ باكتشاف علاجات لأمراض، وزيادة العمر المتوقع للإنسان، واكتشاف أن الحياة ممكنة على كوكب آخر. أملٌ بتحقّق السلام على الأرض على الرغم من الحروب والنزاعات المستمرة والمستجدة. أملٌ بحياة هانئة لا أكثر. لطيفة. فيها القليل من كلّ شيء. توازن. رأفة. أشياء نعرفها ونحبّها، لا تسعدنا بالضرورة لكن لا تضايقنا.



أملٌ يعيننا على مفاجآت الحياة بمختلف أشكالها، سلبية كانت أم إيجابية. مدى التوقعات هي غالباً شأن خاص. بعضُنا يختار بناء أحلام كبيرة، ويمضي عمره سعياً إلى تحقيقها، ويبقى احتمال النجاح موازياً لاحتمال الفشل، مثل ورقة اللوتو، التي يؤمن من يحمل أوراقها أن نسبة الفوز فيها توازي نسبة الفشل.

حتّى المتشائمون يأملون أن ينتهي حزنهم أو ذلك اليأس الذي يجعلهم عاجزين عن القيام بأي شيء، ويتركهم نياماً صباحاً ومساءً.
وفي أدبيّاتنا، كثيراً ما نستخدم كلمة الأمل... أملٌ بمستقبل أفضل. أملُ اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى فلسطين، وأملُ النازحين بالعودة إلى بيوتهم، وأملُ اللاجئين في مختلف بقاع الأرض برؤية بلادهم مرة أخرى. وأكثر... أملٌ بلقاء الموتى في مكان ما.

وليس لأنّنا نهاب الموت فقط، لا نختار إنهاء حياتنا في لحظات ما، بل إنّه الأمل الذي يحكم جزءاً منّا، وإن كنّا لا نعترف بوجوده. ربّما يصير هذا الشعور منهكاً. أملٌ بأمور لم تتحقّق، لكنّنا نكاد نعرف طعم هذه الأمور من دون أن نتذوّقها. وأملٌ في أنفسنا. ثمّة أطفال يولدون في هذا الكوكب الساعي إلى القتل والتدمير. وثمّة أناسٌ يمارسون الرياضة، ويحرصون على تناول غذاء صحي، ويرقصون... ثمّة أمل.

المساهمون