انتشار "المولوية" جنوب العراق يستنفر الشرطة ورجال الدين

انتشار "المولوية" جنوب العراق يستنفر الشرطة ورجال الدين

11 ابريل 2018
حركات فكرية ودينية تنتشر بين شباب العراق (علي غريب/الأناضول)
+ الخط -
من بين أروقة مساجد محافظات جنوبي العراق ومراكزها الثقافية، ظهرت حركة دينية جديدة يطلق عليها أتباعها اسم "المولوية"، جذبت الحركة كثيرا من الشباب العراقي لكونها تتبنى وجهات نظر وطروحات يعتبرها البعض خارجة عن المألوف، في حين يراها آخرون تهديدا لأمن المجتمع العراقي.

وتسبب البروز المفاجئ للحركة في قلق القيادات الأمنية والسياسية والدينية، وباشرت قوات الأمن العراقية بملاحقة أتباعها الذين باتوا ينشطون بشكل سري، ويعقدون لقاءات وندوات أسبوعية، تمنحها المزيد من الأتباع، خاصة من الشباب والطبقات الفقيرة وطلاب الجامعات.

ويبرز ضمن طروحات حركة المولوية إلغاء معتقد التقليد عند المسلمين الشيعة، وهو الالتزام بتقليد مرجع معين وعدم الخروج عن رأيه، إذ ترى الحركة أنّ الإنسان يمكن أن يكون مرجعا لنفسه دون الحاجة إلى مرجع ديني معين، شريطة أن يطلع على الأمور الفقهية والدينية، كما تنفي الحركة وجوب ولاية الفقيه، وتؤكد أن الأحزاب الإسلامية الحالية أساءت للإسلام، وتتهمها بالفساد، وتطرح مقاربات مع العصور الوسطى في أوربا عندما كان رجال الدين يسيطرون على كل مفاصل الحياة.

وقال مسؤول أمني في محافظة ذي قار، والتي تعد مركز الحركة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المولوية تنتشر بشكل سريع بين الشباب الذين آمنوا بطروحاتها. عدد أتباعها وصل إلى نحو 6 آلاف شخص، أغلبهم في ذي قار".

وأضاف أنّ "المعلومات الأمنية تؤكد أنّ الحركة لم تطرح بعد توجها سياسيا معينا، بل اكتفت حتى الآن بالطروحات الدينية، ورفض الأحزاب الدينية الحالية كلها بلا استثناء، وقادتها يستخدمون أسماء وهمية، ولا تمتلك الشرطة أي قاعدة بيانات عنهم، باستثناء بضع عشرات تم توقيفهم في وقت سابق بوشاية من مقربين منهم، أو منقلبين على الحركة، وجرى إطلاق سراح بعضهم بسبب عدم وجود أدلة كافية تدينهم، لكن 55 من أفراد الحركة ما زالوا معتقلين وقيد التحقيق".

ويحذر رجال دين من خطورة الحركة، مؤكدين أنّ وراءها فكرا سياسيا تمت توريته بغطاء ديني لإخفاء الأهداف التي تريد تحقيقها. وقال الشيخ زامل اللامي، وهو أحد شيوخ مساجد محافظة ذي قار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحركة ليست جديدة، بل بدأ نشاطها منذ السنوات الأولى للاحتلال الأميركي، لكنها لم تنشط بهذا الشكل، ولم يكن لها كثير من الأتباع"، مبينا أنّ "نشاطها أصبح واضحا من خلال كتابات على الجدران، ومنشورات وقصاصات ورقية توزع داخل المساجد والحسينيات، تضم طروحات تزعم أنها حركة لتحرر الفكر وكسر القيود المتوارثة".
واعتبر اللامي أنّ "الحركة مرتبطة بجهات سياسية غير معروفة، ولها أيديولوجية سياسية دينية، ما يجعلها تحاول أن تنتقص من دور المرجعية الدينية وأثرها في الشارع العراقي"، مبينا أنّ "هذه المحاولة بائسة، إذ إنّ المرجعية أكبر من أن تتأثر بهكذا حركات".

وأشار إلى أنّه "رغم ذلك، تجب محاربة هذا الفكر دينيا وأمنيا، ونحن بدورنا كرجال دين نقوم بتوعية الشباب من خطورة هذه الحركة وأشباهها"، داعيا، القيادات الأمنية إلى القيام بدورها في اعتقال أتباع الحركة والحد من انتشارها.

ويرى سياسيون ضرورة التعامل بشكل ديمقراطي مع كافة الحركات، وعدم التضييق عليها، داعين الجهات الدينية إلى عدم الخوف من تأثيرها، وقال القيادي في التيار المدني في محافظة النجف، رائد البدري، لـ"العربي الجديد"، إنّه "يتحتم على الحكومة أن تتعامل وفقا للقانون ولمبادئ الديمقراطية مع أي حركات في البلاد، طالما لا تهدد الأمن أو تعتدي على الدستور 
أو تخالفه".
وبين أنّ "حرية الرأي وحرية التعبير مكفولة وفقا للدستور، ولا يوجد نص يحارب الفكر الديني". منتقدا خوف رجال الدين من نشاط هذه الحركات، والقلق من انتشارها، داعيا إياهم إلى "مناقشة ومجادلة أصحاب الفكر، وإقناعهم بالتراجع عنه، وعدم التحريض على اعتقالهم".

المساهمون