زواج بكتاب عرفي في سورية

زواج بكتاب عرفي في سورية

08 مارس 2018
عرس بالرقة بعد اندحار "داعش" (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

تسجيل الزواج في سورية ليس متوفراً لكثير من الشباب اليوم، بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى المحاكم الشرعية من جهة، وخوفهم من أجهزة النظام من جهة أخرى.

تواجه الشبان والشابات في سورية عقبات قانونية عدة في طريقهم إلى تأسيس عائلة، ما يعيدهم إلى الشكل العرفي من عقد القران، ذلك الذي لا يسجل الزواج في محاكم الدولة بل يكتفي بـ"كتاب الشيخ"، أو "الكتاب العرفي".

"الكتاب العرفي" هذا لا يمرّ بالمحكمة الشرعية التابعة للقضاء السوري، ولا يعتبر عقد زواج يمكن اعتماده قانونياً، لإثبات حقوق الزوجة من مقدم ومؤخر وذهب، كما لا يعتمد كوثيقة لتسجيل الأولاد والحصول على شهادة ميلاد تسمح لهم بالدخول إلى المدرسة أو الحصول على بطاقة شخصية في المستقبل، بل يتحولون إلى مكتومي قيد.

تقول سهير علي (24 عاماً): "ابني بلغ خمس سنوات، ويفترض أن يبدأ العام المقبل المدرسة، لكنه ما زال مكتوم القيد، فلا أوراق رسمية له إذ لم نثبّت زواجنا بعد". تضيف لـ"العربي الجديد": "زوجي كان في ذلك الحين عسكرياً، والعسكري لا يسمح له بالزواج قبل أن ينهي خدمته، فتزوّجنا بكتاب شيخ وأقمنا عرساً كبيراً فزوجي هو الشاب الأول الذي يتزوج لدى عائلته". تتابع: "بعدما أنهى خدمته الإلزامية وجرى الاحتفاظ به في الجيش، ومع سوء الخدمة وظروفها، قرر أن يمتنع عن الالتحاق بالخدمة، فبات من المطلوبين أيضاً، وبالتالي بات تثبيت الزواج أصعب، وأكثر كلفة مادية، علماً أنّنا في وضع مادي سيئ، فعمل زوجي لا يكفي تأمين احتياجاتنا الأساسية، ولولا مساعدة عائلة زوجي لنا فإنّ وضعنا سيكون كارثياً". تلفت إلى أنّها ستبدأ معاملة تثبيت الزواج، وهي دعوى تقدمها بحق زوجها أمام القضاء، ولن تستغرق أكثر من ثلاث جلسات قبل أن يحكم القاضي بتثبيت الزواج "بما أنّ لدينا أطفالاً".


من جهته، يقول مازن ع. الذي يجهز نفسه للزواج قريباً، لـ"العربي الجديد": "سأتزوج بحسب العادات والتقاليد، عبر عقد مشايخ. لقد أصبح الأمر منتشراً جداً، والغالبية من العائلات تكتفي بهذا العقد، وبعد حصول حمل يمكن أن يثبت الزواج عبر القضاء، فالشبان إمّا مطلوبون أو يخشون الاعتقال، فالنظام لم يعد يبلغ الشبان أنّهم مطلوبون للخدمة أو غيرها كي لا يتسنى لهم أخذ حيطتهم". يضيف: "قبل سنوات، كانت مسألة تثبيت الزواج في المحكمة أمراً لا بد منه، باعتباره سنداً قانونياً يحفظ حقوق المرأة، في ما يخص المقدم والمؤخر والذهب، لكن بسبب الظروف الحالية يكتفي الأهل بكتابة عقد زواج بحضور الشهود، ومنهم من يصور هذه الإجراءات بالفيديو لزيادة التوثيق". يلفت: "في الظروف الراهنة، هناك مشاكل اجتماعية تحدث، خصوصاً في حالات الطلاق التي تحدث قبل أن يكون هناك حمل وأطفال، والتي يجري حلها عشائرياً أو عبر القضاء".

الحرب أسست قواعد اجتماعية جديدة (جوزيف عيد/ فرانس برس) 

أما في مناطق الإدارة الذاتية (الكردية)، فيقول محمد، الذي يعيش في الحسكة، لـ"العربي الجديد": "مسألة تثبيت الزواج شائكة قليلاً في المنطقة، فالشاب يسجل زواجه في البلدية ضمن قانون الإدارة الذاتية الذي يشرّع الزواج المدني، وبذلك ليست هناك محاكم شرعية. كذلك، فإنّ العقود المدنية تلك غير معترف بها لدى الحكومة في دمشق، ما يضطر الشاب إلى تثبيت زواجه في المحكمة الشرعية التابعة للنظام، إن كان يستطيع الحصول على الأوراق الرسمية المطلوبة، وإن كان غير مطلوب للخدمة العسكرية أو للأمن". يلفت إلى أنّ "البلديات تمنح أوراقاً رسمية معتمدة من قبل الإدارة ومحاكمها، ولذلك فإنّ حقوق الفتاة المتزوجة محفوظة، حتى لو لم تسجل في المحكمة الشرعية، وحتى الأطفال يُعطَون شهادة ميلاد وأوراق رسمية للتسجيل في المدارس التابعة لها".


من جانبه، يعتبر الناشط عمر الإدلبي مسألة تثبيت الزواج في إدلب ومناطق المعارضة أكثر سوءاً، إذ "لا محاكم شرعية لتثبيت الزواج في الأساس، فالشباب إما يعقدون زواجهم في المحاكم الشرعية المحلية أو عبر المشايخ، وهي غير معترف بها رسمياً داخل البلاد أو في الدول المجاورة". يلفت إلى أنّ "عدم تسجيل معاملات الزواج يخلق العديد من المشاكل الاجتماعية بسبب حالات الطلاق أو مقتل الأزواج، بالإضافة إلى مشكلة الزواج بأجانب هم في الغالب غير معروفين بغير ما يطلقون على أنفسهم من ألقاب". يتابع أنّ "هناك من يثبت زواجه في المحاكم الشرعية في مناطق النظام، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين مائة وثلاثمئة دولار أميركي، وهي مبالغ كبيرة بالنسبة للأهالي الذين يعانون من الفقر والبطالة، بالإضافة إلى تكاليف المعيشة المرتفعة في مناطق المعارضة".

وكان النظام قد أصدر قانوناً في يناير/ كانون الثاني الماضي، يمنع رجال الدين من إبرام عقود الزواج خارج المحكمة، معللاً ذلك بالحفاظ على حقوق المرأة ونظام الأسرة.