لاجئ سوري يصوّر اعترافه بقتل زوجته في ألمانيا

لاجئ سوري يصوّر اعترافه بقتل زوجته طعناً في ألمانيا

03 مارس 2018
الشرطة الألمانية في مكان الجريمة (تويتر)
+ الخط -
ألقت الشرطة الألمانية القبض على لاجئ سوري (41 عاماً)، اعترف، عبر شريط مصور، بأنه قتل زوجته (37 عاماً) طعناً، وكانت يده تقطر دماً وإلى جانبه فتى قاصر، بمنطقة مولاكر، جنوب فرانكفورت في ألمانيا.

وقال في الفيديو الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي إنه طعن زوجته طعنات عدة في رقبتها ورأسها، مرجعاً السبب إلى أنها لم تسمح له بالعيش مع ابنه، ومهدداً النساء السوريات بالمصير ذاته.

وتعيد عملية القتل الأخيرة سلسلة من العمليات التي شهدتها مجتمعات شمال أوروبا، بعد موجة اللجوء الكبيرة في 2015، البحث في قوانين الدول المستقبِلة مقابل عادات وتقاليد القادمين إليها، ومنها "جرائم الشرف" والعنف الأسري، ومفهوم التربية وحضانة الأطفال.

ويربط خبراء الشؤون الاجتماعية عادة بين تلك الجرائم وما يسمونه "السيطرة الاجتماعية" (سوشيال كونترول) "التي تجعل بعضهم (في المجتمعات المهاجرة) يعيشون بالطريقة ذاتها كما لو أنهم في بلدهم الأم، بما يتعارض مع أعراف وقوانين المجتمعات الغربية"، بحسب ما يذكر لـ"العربي الجديد" الباحث في "المعيقات الثقافية للدمج"، أندرياس كونه.

وترى الخبيرة في شؤون العنف ضد النساء، من مركز الأزمات النسوي بالدنمارك، سونيا ايكفيست، بأن "الانتباه المبكر للمعاناة النفسية لدى الرجال، مرتكبي العنف بحق النساء، يمكن أن يجنبهن مصيراً دموياً، ويمنع تدمير حياة أسرة كاملة". وتضيف ايكفسيت، لـ"العربي الجديد"، أن "ما وقع يوم الجمعة في ألمانيا يشير إلى مشكلة اجتماعية ثقافية نموذجية حول مفهوم الطلاق وطبيعة العلاقة بين الأبوين وما يجب أن تكون عليه لأجل الأطفال".

وتعدّد "ايكفسيت" عدداً من القضايا التي شهدتها الدنمارك خلال العقدين الأخيرين "يردها كثيرون إلى مفهوم الشرف، التي تشبه نوعاً ما يسمّى في مجتمعات الغرب جرائم الأسرة أو قتل الغيرة".

ظاهرة منتشرة قبل اللجوء

عرفت ألمانيا عشرات القضايا المشابهة، التي ركّز عليها الإعلام لطبيعتها المرتبطة بالمهاجرين واللاجئين. ارتبط بعضها، إما بـ"اختيار الزوج" (إذ تجبر بعض الأسر الأبناء على الزواج لأسباب قومية ودينية وعرقية، وفق تقاليد البلد الأصلي على الرغم من ولادة الأبناء في ألمانيا)، ونتج بعضها عن "الاندماج الزائد"، أي أن تعيش شابة حياتها كألمانية. وفي حوادث أخرى يصل الأمر بالسلطات إلى "التحفّظ على القصّر"، بسبب تعرضهم "للعنف لإجبارهم على الخضوع لتقاليد الأسرة".

السويد والدنمارك شهدتا بدورهما عمليات "قتل بدافع الشرف"، وأثار بعضها كثيراً من الغضب، نتيجة ربطها تارة بـ"الدين الإسلامي" وأخرى بـ"استحالة اندماج القادمين مع ثقافات أوروبا".


أشهر تلك القضايا التي هزّت الرأي العام في ألمانيا عام 2013 جريمة قتل الشابة الكردية الإيزيدية أرزو (18 عاماً) بالرصاص على يد شقيقها عثمان، الذي خطفها قبل قتلها بتحريض من والده. كذلك شاركت أختها سيرين وأخوها كيرير في الجريمة، وأخوان آخران في عملية الخطف. القضاء الألماني حكم على عثمان بالمؤبد وعلى الأب بست سنوات سجناً (الآن بات طليقاً)، و10 سنوات سجناً لسيرين وكيرير، والسجن خمس سنوات ونصف السنة للأخوين الآخرين.

وتشير المنظمة المتخصصة بمساعدة النساء والفتيات، "بابتيا" Papatya، إلى عشرات القضايا، وتسجّل في موقعها قضايا القتل بحق النساء، خصوصاً من أصول مهاجرة، بالتعاون مع مشاريع الاتحاد الأوروبي في هذا السياق.

إحدى تلك الجرائم وقعت عام 2015، وكانت جريمة قتل مزدوجة لزوجة إيزيدية من العراق، وصديقتها كاترين، وعرفت بقضة "مارغيت وكاترين" وهما من مواليد 1981 و1982، وطعنتا حتى الموت على يد زوج مارغيت زياد قرنوص، الذي حضر لاجئاً إلى ألمانيا عام 2003. بعد مرور 11 عاماً على إقامته في ألمانيا، تزايدت الخلافات بين الزوجين وكان لديهما ثلاثة أطفال. ولكن حين أبدت مارغيت رغبتها في التحوّل من الإيزيدية إلى المسيحية، أقدم زياد على طعن زوجته وصديقتها التي كانت تزورها طعنات قاتلة. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016 حكم عليه بالسجن المؤبد دون إطلاق سراح مشروط لخطورة جريمته.

القتل التحريضي لشابات في السويد والدنمارك وألمانيا، من مختلف الجنسيات، سواء من تركيا وأفغانستان وباكستان والهند وإيران وحتى لبنان وفلسطين والأردن وسورية، على يد أفراد من أسرهم بحجة "الشرف"، يرى المتخصصون الاجتماعيون فيه قاسماً مشتركاً يرتبط بصعوبات الاندماج.

وما حدث مع أشهر قضية في الدنمارك، وهي "قضية غزالة" الشابة التي اتخذت أسرتها الكبيرة قراراً بـ"إعدامها" يندرج في هذا الإطار. كذلك شهدت الدنمارك أكثر من قضية قتل لسوريات منذ 2014، ومنها الممثلة الكردية شيندا خليل (28 عاماً) على يد شقيقها. وفي خريف 2016 أقدم زوج على قتل زوجته وطفليه الصغيرين ووضعهما في ثلاجة وفّر من الدنمارك. وهناك قضية الشاب اللبناني ناصر الأحمد المقيم في ألمانيا، الذي هدده عمّه بالقتل ذبحاً وإحراقه إذا لم يقبل الزواج من فتاة اختارها له أبوه، وحُكم على العم بالسجن في برلين عام 2014.

بالنسبة إلى خبراء علم الاجتماع وعلم النفس فالحالة النفسية والصدمات والاختلاف الثقافي الجذري وقضية الاندماج بين مجتمعات الأصل التي يأتي منها المهاجرون والمجتمعات الغربية الجديدة تصبح إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل كلما وقعت جريمة شبيهة. ​

المساهمون