كويتيون يكسرون التقاليد ويتزوجون بأجنبيات

كويتيون يكسرون التقاليد ويتزوجون بأجنبيات

29 مارس 2018
مواطنتان كويتيتان (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
يختار عدد كبير من الشبان الكويتيّين التمرّد على العرف السائد في المجتمع، والذي يفرض عليهم الزواج من الأقارب أو المعارف، وذلك من خلال الزواج من أجنبيات، بحثاً عن الاستقلالية وتحقيق حياة أفضل، كما يقول بعضهم.

حتّى أنّ عدداً من الكويتيين يستغني عن الحصول على قرض للزواج تبلغ قيمته 4 آلاف دينار كويتي (ما يعادل 13 ألف دولار أميركي)، ومنحة مالية قدرها 2000 دينار كويتي (ما يعادل 6000 دولار أميركي)، التي تمنحها الحكومة الكويتية للمواطن الذي يتزوج من مواطنة كويتية، بهدف الزواج من أجنبية. أكثر من ذلك، يخسر الأبناء فرص الحصول على وظائف عسكرية قيادية (ضباط ورقباء) وقضائية في وقت لاحق، إذ تشترط السلطات أن يكون المتقدم لهذه الوظائف من أبوين كويتيين.

وعاد كثيرون من الطلاب الكويتيين الذين سافروا إلى الخارج للدراسة إلى بلادهم مع زوجات أجنبيات. وقلّة في الكويت اختاروا زوجات من جنسيات آسيوية وأفريقية. وبحسب وزارة العدل، فإن عدد الكويتيين الذين تزوجوا من غير الكويتيات بلغ ألفين و400 عام 2017، بالمقارنة مع ألفين و345 في عام 2016.

أحمد المطيري، وهو أستاذ في اللغة الفرنسية، تزوج من فرنسية أثناء دراسته الماجستير في مدينة باريس، يقول إنه تعرض إلى ضغوط كبيرة من عائلته نتيجة هذا الزواج. لكن بعد إنجابهما أطفالاً، رضخت العائلة أخيراً للأمر الواقع. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنه واجه "معارضة شديدة من العائلة وصلت إلى حد القطيعة بيني وبينهم لأشهر. لكن في النهاية، لما وجد الأهل إصراراً مني وأحسوا بجديتي في هذا الزواج، تقبلوا الأمر، حتى أن زوجتي اندمجت مع عائلتي".

وعن الأمور التي دفعته إلى الزواج من أجنبية، يقول أحمد: "في المرتبة الأولى، يأتي الحب طبعاً. لا زواج من دون حب. وفي المرتبة الثانية، تأتي الظروف التي توفرها المرأة الأوروبية للرجل. لا أريد أن أظلم المرأة الكويتية أو العربية، لكن الأجنبية أقل اهتماماً بالمظاهر والكماليات، وتحرص على المال وتدفعني إلى عدم التبذير بل الادخار".



من جهته، يقول بخيت سعد، الذي تزوج من أميركية أثناء دراسته في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، لـ"العربي الجديد": "لم أواجه معارضة كبيرة. بطبيعة الحال، هناك نظرات استنكار لكنها قليلة. أتحدر من عائلة منفتحة على الآخرين، ما ساعدني على المضي قدماً في الزواج". يضيف: "الزواج من أجنبية يغير نمط حياتك، ويجعلك رجل عائلة من الطراز الأول، ويزيد من اعتمادك على نفسك. على سبيل المثال، لم نستعن بعاملة منزلية على الرغم من أننا متزوجون منذ أكثر من 30 عاماً، ما انعكس على أبنائي لاحقاً. باتوا أكثر ثقة وأكثر اعتماداً على أنفسهم بعد زواجهم، على عكس بقية أبناء إخواني".

لكنّ هذه النظرة المتسامحة للمجتمع نسبياً حيال الزواج من أوروبيات أو أميركيات، تختفي تدريجياً عند الزواج من شعوب شرق آسيوية بسبب اختلاف الملامح والعادات والتقاليد. ويعاني كثيرون من الكويتيين أبناء الآسيويات من نظرة نمطية أثناء السير في الشارع أو خلال إنجاز المعاملات الحكومية، بحسب عمر، وهو شاب كويتي والدته تايلاندية. يقول لـ"العربي الجديد": "لا أتعرض للشتائم أو الكلام العنصري، لكنني أرى نظرات البعض الغريبة التي تصّوب نحوي إذا ما عرفوا أنني كويتي، وهو ما يزعجني". يضيف أن بعض الموظفين والموظفات في الدوائر الحكومية أو مقار الشرطة يخاطبونني باللغة الانكليزية ظناً منهم أنني آسيوي. لكن ما من تمييز حكومي رسمي، فشقيقي يعمل شرطياً".

وأسّست وزارة العدل في عام 2012 لجنة لبحث زواج الكويتيين من غير الكويتيات، معتبرة إياها ظاهرة سلبية، في ظل تجاهل عدد كبير من المواطنين للتقديمات الحكومية للزواج من كويتية. وأوصت اللجنة بضرورة حصول المواطن الكويتي على رخصة للزواج من أجنبية قبل إتمام الزواج، إلا أنها تراجعت، لأنه مخالف لمواد حقوق الإنسان والدستور الكويتي.



إلى ذلك، يرى رئيس المبرة الكويتية لحماية الأسرة عادل الذكير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن زواج المواطنين من غير الكويتيات علامة سلبية تشير إلى عدم الثقة بالمرأة الكويتية. يضيف أن لهذه الزيجات تأثيراً بعيد المدى على المجتمع الكويتي، وقد طالبنا مجلس الأمة أكثر من مرة بعدم منع الزواج من غير كويتيات، لكن إغراء الرجال بمميزات أكثر في حال الزواج من مواطنة كويتية.

ويقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد، لـ"العربي الجديد": "هناك مبالغات كبيرة في الحديث عن زواج الكويتيين من غير الكويتيات، لأن غالبية غير الكويتيات يتحدرن من السعودية والعراق وفئة البدون، وهن مندمجات في المجتمع الكويتي".

من جهة أخرى، يوضح أن الزواج من غير الكويتية حرية شخصية، ولا يحق لأحد منعه. والحديث عن أنها تسبب شرخاً في المجتمع الكويتي، وتخلق أبناء منبوذين بسبب أمهاتهم، فيه إهانة لمدى انفتاح المجتمع الكويتي أولاً، ولنجاحات كثيرين ثانياً". يضيف أن عدداً من الأساتذة الجامعيين والوزراء والأطباء والمهندسين في الكويت هم من أمهات غير كويتيات، كما أن المجتمع الكويتي مجتمع هجرات، وليست هناك هوية وطنية واحدة حتى لا نتقبل الآخرين فيها.

دلالات

المساهمون