تكديس اليمنيين في سجن الشميسي قبل ترحيلهم من السعودية

تكديس آلاف اليمنيين في سجن الشميسي قبل ترحيلهم من السعودية

27 مارس 2018
صور لمحتجزين يمنيين في سجن الشميسي السعودي (تويتر)
+ الخط -
يعيش آلاف اليمنيين المتهمين بمخالفة قانون الإقامة في السعودية ظروفاً بالغة السوء، بعد قيام السلطات بزجهم في سجن الشميسي، تمهيداً لترحيلهم إلى بلدهم، بعد حملة كبيرة ضد المخالفين لقانون الإقامة تضرّر منها اليمنيون أكثر من غيرهم.


وأطلقت السلطات السعودية حملة باسم "وطن بلا مخالف"، استهدفت ترحيل المخالفين لقانون الإقامة، وأعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها ضبطت 800 ألف مخالف، وأن 60 في المائة من هؤلاء يحملون الجنسية اليمنية، وأنه سيتم ترحيلهم عبر منفذ الوديعة الحدودي إلى اليمن، بعد إيداعهم في "سجن الشميسي" الذي يقع في الطريق الواصلة بين مدينتي جدة ومكة، الذي يعد أكبر مركز ترحيل في السعودية.


وتسبب رفع رسوم الإقامة إلى نحو 7 آلاف ريال سعودي (1854 دولاراً) في تخلفّ كثير من اليمنيين عن سداد الرسوم، ما جعلهم مخالفين للقانون رسمياً، وتعتقل السلطات يومياً العشرات منهم.

وادّعى وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن بلاده تستضيف مليون لاجئ يمني غادروا بلادهم بسبب مليشيا الحوثي، لكن نشطاء وحقوقيين يمنيين كشفوا أن هؤلاء ليسوا لاجئين، بل مقيمون في السعودية منذ عشرات السنين، إذ ولدوا وولد آباؤهم فيها، وأنهم باتوا عرضة للتهجير بعد قرار السلطات ترحيل المخالفين، وسعودة الوظائف.


وقال الناشط الحقوقي اليمني، موسى النمراني، إن "السعودية تتعامل مع البشر بأخلاق دول القرون الوسطى، وللأسف لم تجد حتى الآن من يسمعها كلمة اعتراض. لا ترغب أي دولة في تبني قضية حقوق الإنسان لأنها بهذا ستضحي بعلاقاتها مع السعودية كدولة يسرف حكامها في شراء مواقف الدول والشركات بقدر إسرافهم في إهانة البشر".

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "السعودية تنتهك في تعاملها مع المغتربين حقوق الإنسان المرعية في كل المعاهدات الدولية. وهي حالياً تشنّ حملة ضد العمال الأجانب والتجار الصغار الذين يعملون برأس مال خاص مسجل باسم شخص سعودي، وتقوم بطردهم بعد أن أصدرت قوانين تعسفية بحصر العمل في هذه المجالات على المواطنين السعوديين، وأثناء توقيف وترحيل هؤلاء ترتكب بحقهم الكثير من الانتهاكات، ومنها منعهم من حقهم في المقاضاة، وحقهم في الملكية، وحقهم في الانتقال، كما يحتجزون في ظروف غير لائقة بالبشر".

ونشر ناشطون في الأيام الأخيرة صوراً وفيديوهات لمحتجزين في سجون الترحيل السعودية توضح مدى مأساوية ظروفهم، وكيف يتم زجهم في أماكن احتجاز ضيقة لا تهوية جيدة فيها، وتتم إهانتهم وتعنيفهم.



ويقول الناشط الحقوقي اليمني، عبد الله محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "هؤلاء المحتجزين لم يرتكبوا أي جرم قانوني، بل كانوا ضحية لتغير سياسة الدولة المضيفة في ما يتعلق بالعمالة. المفترض ألا تعاملهم السلطات السعودية كمجرمين يراد عقابهم، كما أن للمحتجزين حقوقاً أبسطها أن تكون أماكن الاحتجاز صحية، وتقديم الخدمت الطبية اللازمة لهم، أما تكديس المحتجزين في أماكن ضيقة فهذا أمر مخزٍ جداً".

ويوضح: "نشعر بحزن عميق بسبب هذه المعاناة التي يتسبب فيها جار أعطيناه حق الدفاع عنا، فاستغلنا ولم يراع ظروفنا، وطرد عمالتنا. لن يرحمهم التاريخ، وسيشهد أن اليمنيين يطردون من السعودية، ويموتون جوعا داخل بلادهم، وبجوارهم أغنياء دول العالم".

وتقيم السلطات السعودية نقاط تفتيش عدة في الشوارع لاصطياد مخالفي قانون الإقامة، ومن ثم تحيلهم إلى سجن الشميسي، حيث يتم حشرهم في عنابر ضيقة، ما يضطر كثيراً منهم إلى النوم وقوفاً بانتظار تبادل الأدوار مع الجالسين، فيما تتكوّن وجبات الطعام من الأرز والعدس، وهي لا تكفي لاحتياجات رجل بالغ.

وينتظر المحتجزون مندوب السفارة اليمنية لدى السعودية، الذي يقولون إن أضراره أكثر من فوائده، إذ يقوم بالتوقيع على ورقة الترحيل، ليتم ترحيل اليمنيين عبر منفذ الوديعة الحدودي إلى الأراضي اليمنية.

ويكدس المرحلون اليمنيون مكبّلي الأيدي في سيارات نقل كبيرة بطريقة مهينة طوال الطريق من مدينة جدة إلى منفذ الوديعة، وينالون الشتائم والإهانات إذا ما حاول أحدهم التذمّر.

ونشر نشطاء يمنيون مقاطع فيديو عدة خلال العام الحالي، يناشد فيها السجناء اليمنيون الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التدخل وإنقاذهم من الاحتجاز الطويل وتسريع ترحيلهم إلى اليمن، مؤكدين أن الظروف التي يعانون منها داخل السجن غير إنسانية.

ويقول الحقوقي السعودي ورئيس مركز القسط لحقوق الإنسان، يحيى عسيري، لـ"العربي الجديد"، إن "معاملة اليمنيين السيئة في سجون الترحيل بلا مبرر، هي نموذج للمعاملة الوحشية المعتادة في السجون السعودية. هؤلاء لا دخل لهم في السياسة، ويعاملون بهذه الطريقة، فما بالك بالسياسيين والمعارضين وغيرهم في السجون التي لا نعرفها".


ويقدّر عدد المقيمين اليمنيين في السعودية بأكثر من مليون و300 ألف مقيم، جلهم يعمل في وظائف متدنية ومتوسطة، لكن هؤلاء المقيمين بصورة قانونية ما زالوا عرضة لخطر الترحيل بدون تقديم السلطات أسباب الترحيل.

وكان اليمنيون يعيشون في السعودية بدون الحاجة إلى كفيل، اعتماداً على اتفاقية الطائف التي وقعت بين البلدين عام 1934، بخلاف الجنسيات الأخرى، لكن قرار الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح بالوقوف إلى جانب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عقب احتلال الكويت، أدى إلى تغيير قوانين الإقامة عام 1990، وترحيل جزء كبير منهم من السعودية، ومن ثم جاءت قوانين عام 2000 لتشترط وجود كفيل لليمنيين كما هو الحال مع الجنسيات الأخرى.