القبلية والعشائرية تقاوم سيطرة الأمن في ميسان العراقية

القبلية والعشائرية تقاوم سيطرة الأمن في ميسان العراقية

27 مارس 2018
انتشار السلاح يقاوم سطوة القانون في العراق (سافين حامد/Getty)
+ الخط -


تبعد محافظة ميسان 320 كلم فقط عن العاصمة العراقية بغداد، وتمتلك القبائل سطوة كبيرة داخل المحافظة، ما يجعلها تتحكم بقوات الأمن؛ وأحيانا تعجز الشرطة المحلية عن التدخل في النزاعات القبلية، إما بسبب الانتماء العشائري لعناصرها، إما خشية سلاح العشائر، ما يصعّب تنفيذ العديد من مذكرات القبض بحق المطلوبين، والحال لا يختلف كثيرا في بقية محافظات الجنوب.


ومنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، رسخت القبيلة موطئ قدم لها في بلاد الرافدين، وكان ثلث النواب في البرلمان آنذاك من زعماء القبائل والعشائر، غير أنّ القانون المدني العراقي كان له دور في التقليل من سطوة العشيرة وأعرافها خلال العقود الستة الماضية.
وشهدت سنوات ما بعد الاحتلال الأميركي عودة السطوة القبلية لتكون منافسا لسطوة القانون، ويبدو ذلك واضحا في مناطق العشائر العربية التي تتمسك بقوانين غالبيتها مخالف للقانون العراقي المعمول به.

ويقول الباحث الاجتماعي حسن حمدان، من سكان مدينة ميسان، لـ"العربي الجديد"، إنّ جهات تمتلك السلاح أو القوة الاقتصادية أو القواعد العشائرية، "فسنن العشائر تعتمد على أمرين أساسيين هما الدين من جهة، والموارد الاقتصادية للبقعة الجغرافية التي تقطن فيها العشيرة".
ويوضح حمدان أنّ "واقع كثير من مناطق العراق يظهر أن سطوة الدولة إما ضعيفة بسبب فقدان العدد والعديد، وإما سلطة تخضع لعشائر قوية، ما يجعلها ضعيفة أيضا. في ميسان كمثال، عناصر القوات الأمنية من أبناء العشائر في الغالب، وهم ينصاعون لعشائرهم، ويتخوفون من التبعات الاقتصادية لما يطلق عليه (الفصل العشائري)، ما يجعل تنفيذ القانون في هذه المناطق مرهونا برضى شيوخ ورؤساء العشائر، فتكون القبيلة هي الجهة الرقابية والتنفيذية، أو دولة داخل الدولة".

وأشار إلى أن "الأعراف الاجتماعية تطغى على الشرائع الوضعية، وحتى السماوية، وهناك كثير من النزاعات القبلية التي لا تنتهي، بل تنتقل من جيل إلى آخر بدافع الثأر، والبعض الآخر يحتكم إلى الفصل العشائري ودفع الدّية، والتي غالبا ما تكون خيالية، ما يستوجب على الشخص بيع ممتلكاته لتسديدها، وكل هذا نتيجة عدم تمكن الدولة من السيطرة الحقيقية على الأمن في مقابل السطوة القبلية".

ويقول قاضي تحقيق مدينة العمارة، مزهر جلاب، لصحيفة "القضاء" الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى في العراق: "نرى من خلال التحقيقات التي نجريها أن أغلب النزاعات العشائرية تبدأ لأسباب بسيطة، لكنها تتطور إلى نزاعات بالأسلحة، وقد ينتهي بعضها إلى القتل. هناك مئات الأحكام الصادرة بحق مدانين بجرائم ناتجة عن نزاعات عشائرية، وبعضها وصل إلى الإعدام".

ويرى قاضي تحقيق بلدة المجر، التابعة لمحكمة استئناف ميسان الاتحادية، قيس حميد، أنّ "نشوب نزاعات عشائرية ليس غريبا طالما أن الناس يعيشون في تجمعات تختلف عن نظرائهم ممن يسكنون المدن. هذه التجمعات غالباً ما تربطها العشيرة، مع وجود منطقة مجاورة يسكنها تجمع من عشيرة أخرى، وأي خلاف مهما كان بسيطا بين شخصين، قد يؤدي إلى حدوث نزاع مسلح بسبب انتشار السلاح بشكل كبير في هذه التجمعات".

وبيّن حميد أن "أغلب النزاعات لا تنتهي بالتراضي، بل يكون للقضاء دور فيها، ولكن الإجراءات لا يمكن أحيانا تحقيقها من قبل الأجهزة التنفيذية التي لا تتناسب إمكانياتها مع حجم الواقع العشائري وسطوة القبائل. هناك عشائر تمتلك أسلحة أكثر مما تمتلكه القوات الأمنية في المحافظة".

دلالات