طوابير الحليب في الجزائر تعيد إلى الأذهان أزمة 1986

طوابير الحليب في الجزائر تعيد إلى الأذهان أزمة 1986

22 مارس 2018
طوابير من أجل كيس حليب (فيسبوك)
+ الخط -

تجدّدت أزمة الحليب في الجزائر، وباتت الطوابير لأجل الفوز بكيس حليب تبدأ في الساعات الأولى من صباح كل يوم، في مشهد يعيد إلى أذهان الجزائريين أزمة عام 1986.

يأتي هذا في وقت تتهم فيه جمعيات تنشط بمجال حماية المستهلكين، السلطات بالعجز عن توفير الحليب والتحكم في السوق.

ويضطر الجزائريون منذ أسابيع، إلى الوقوف في طوابير طويلة تبدأ غالبا في الخامسة صباحا لأجل الحصول على كيس حليب، بسبب ندرته من المحلات التجارية، ويفرض ذلك على الباعة أيضا تمكين كل زبون من شراء عدد محدود من أكياس الحليب ليحصل معظم الناس على حصتهم.

ويؤكد عبد القادر غالي من بلدة أحمر العين بولاية تيبازة، أنه يضطر منذ ثلاثة أسابيع إلى الاستيقاظ باكراً للوقوف في الطابور بانتظار موزع الحليب، مشيرا إلى أن هذه الحالة التي تكررت في السنوات الأخيرة تعيد إلى ذهنه نفس مشاهد الطوابير في نهاية الثمانينيات من أجل الحصول على القهوة والزيت والسكر.

وفيما تستعين بعض العائلات الميسورة بالحليب المجفف، لتلبية احتياجات أطفالها برغم ثمنه المرتفع، مقارنة مع ثمن لتر من حليب الأكياس المدعم من الحكومة والذي لا يتجاوز ربع دولار، تضطر باقي العائلات لشراء أكبر كمية ممكنة من حليب الأكياس لتخزينه في الثلاجات تفاديا للطوابير اليومية.   

وتحاول الحكومة التقليل من هذه الأزمة بتكثيف عمليات توزيع الحليب خاصة في العاصمة والمدن الكبرى، وإرسال شاحنات الحليب للبيع المباشر للمواطنين، لكن ذلك لم ينه الجدل 
حتى الآن، وسط انتقادات سياسية ومدنية للحكومة على هذا الإخفاق المستمر في توفير الحليب كمادة استهلاكية رئيسية بالنسبة للعائلات والأطفال.

ويعتقد الكثيرون أن أزمة الحليب في الجزائر مصطنعة في ظل تأكيدات الحكومة أن نفس الكميات من بودرة الحليب المستوردة من هولندا وأوروبا توزع  بشكل اعتيادي على
الملبنات لصناعة حليب الأكياس، ما يؤكد أن ثمة حلقة مفقودة، يرجعها البعض إلى توجه الملبنات لصنع كميات من بودرة الحليب، إلى جانب الأجبان ومشتقاتها، خاصة أن تحقيقا رسميا اشتركت في تنفيذه عدة دوائر حكومية، وشمل 100 مصنع من مجموع 190 تعمل في مجال تحويل المسحوق إلى حليب سائل، كشف وجود تواطؤ من قبل أصحاب مصانع الألبان الخاصة بهذا الشأن.

وفي السياق يقول رئيس جمعية حماية المستهلكين، مصطفى زبدي، إن هناك تضاربا حاليا في مسببات الندرة في حليب الأكياس الواسع الاستهلاك. "طالما أن الديوان الحكومي للحليب يؤكد وجود وتوفر حاجيات الجزائر من مسحوق الحليب حتى نهاية عام 2018، وأن الحصص نفسها توزع على المصانع، فهذا يعني أن الأزمة مفتعلة".



لكن المتحدث باسم جمعية التجار، الحاج بولنوار، يعتقد أن قرار الحكومة إغلاق عدد من مصانع تحويل الحليب بسب أخطاء مهنية، قد يكون عاملا إضافيا في أزمة الحليب.

وتنفق الجزائر سنويا 1.9 مليار دولار لاستيراد حاجياتها من مسحوق الحليب، في مقابل إنقاقها ملايين الدولارات على مشاريع إنعاش تربية الأبقار الحلوب، لكنها عجزت مع ذلك في
تقليص وارداتها من الحليب وإنعاش السوق الداخلي، بفعل غياب رؤية حكومية لسياقات الإنتاج والجمع والتوزيع.