الجنسية اللبنانية لذوي العيون الزرقاء

الجنسية اللبنانية لذوي العيون الزرقاء

23 مارس 2018
انتهاكات كثيرة في حق نساء لبنان (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
الجنسية من حيث هي مفتاح التمتع بجملة حقوق ومستحقات، بات لها وصفة عجائبية في لبنان. ففي الوقت الذي قد يدرس فيه مجلس النواب مشروع قانون يرمي إلى الاعتراف بحق النساء بمنح جنسيتهن إلى أزواجهن وأولادهن، إلا أن حق نقل الجنسية بات له وصفة تمييزية على قواعد الجندر والجنسية والدين، ويخفي نظرة تعميمية ضيقة. إذاً، سيتم الاعتراف برابطة الدم لجهة الأم كوسيلة لنقل الجنسية للأطفال، لكن على ما يبدو، سيتم ذلك حصراً للأطفال ذوي العيون الزرقاء (بالإشارة إلى الأوروبيين أو الأجانب من غير دول الجوار). بكلام آخر، فإن حق نقل الجنسية على أساس رابطة الدم لجهة الأم سيُمنح لنساء في لبنان دون أخريات، وستُمنع النساء المتزوجات من رجال من فلسطين وسورية وربما غيرهما.

يا لها من مساواة، ويا له من اعتراف!

إذا كان هذا الاقتراح يعكس أمراً، فإنما يعكس شعور التفوق وشعور "الأحقية" الذي يدفع إلى استغلال مناصب سياسية لأغراض حزبية - ديموغرافية - دينية ضيقة. لطالما شعر وزير الخارجية جبران باسيل هو وغيره من هذا التيار أن امتحان استحقاق الجنسية يجب أن يتحدد من قبل حزبهم وتيارهم وبحسب قواعدهم. هذا التيار هو من تقدم باقتراح استعادة الجنسية للمغتربين، وهو نفسه من يقترح حالياً هذه الصيغة العجائبية، والدافع المحرك لأي سياق له علاقة بالجنسية هو دين المستفيد أولاً، ومن ثم جنسيته، ومن ثم لون بشرته، وأخيراً الطبقة التي ينتمي إليها.

لم يقف الاقتراح عند هذا الحد. فقد تفوّق الوزير جبران باسيل على نفسه حين أكمل أنه وبحسب اقتراحه لتعديل القانون، فإنه سيحرم الرجال المتزوجين من نساء من "بلدان الجوار" من حق نقل جنسيتهم إليهن. هكذا يريد أن يساوي الوزير باسيل بين النساء والرجال، عبر سحب حق الرجال نقل جنسيتهم إلى زوجاتهم وأولادهم. هذا هو مفهوم الوزير باسيل الضيق والمشوّه للمساواة.




توقيت الاقتراح ليس بريئاً بلا شك، فلبنان على أبواب الانتخابات النيابية، ويريد الوزير من خلاله أن يبدو بمظهر "التقدمي" حين يضع كلمات مثل "مساواة" و"حق" و"نساء" في خطابه السياسي. ولعل أبرز ما يترجم ذلك، هو قيام حزبه السياسي، كما غيره من الأحزاب، بترشيح امرأة واحدة على اللائحة، إما استيحاءً، أو حين يظنون أن حظوظ فوزهم في تلك الدائرة غير كبيرة.

كيفما قلّبنا السياق، نجده عصيا على الفهم والاستيعاب!

*ناشطة نسوية

المساهمون