تقرير المصير

تقرير المصير

02 مارس 2018
"اعترفوا بأولادنا!" (رمزي حيدر/ فرانس برس)
+ الخط -

عاد موضوع حق اللبنانيات بمنح جنسيتهن لأزواجهن وأولادهن إلى الواجهة في الأسابيع القليلة الماضية. فوسط موجة من التصريحات السياسية والرسمية والنشاطات والندوات من قبل المجتمع المدني، لا تزال اللبنانيات يطالبن بحقهن في منح جنسيتهن انطلاقاً من حقوقهن وأسوةً بنساء الجزائر والمغرب وتونس ومصر التي عملت بالفعل على تعديل قوانين الجنسية لديها.

وبغض النظر عن اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي تجري في السادس من مايو/ أيار المقبل، إلا أنه من تصريحات كل من النائب غسان مخيبر، عضو تكتل التغيير والإصلاح، ورئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون، ووزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، يبدو وكأن السياق العام أو جزءاً منه على الأقل، بات لاحظاً لضرورة إقرار هذا الحق بمعزل عن الجدل السياسي المستمر حوله.

ومن جملة ما أعاد هذا المطلب على الطاولة من جديد، هو التعهد الذي صدر مؤخراً حول تعهد "منع الزواج" والذي يستهدف فئة من الطلاب الأجانب التي تتابع دراستها في لبنان. يقع هذا الأمر في صلب مطالب منح حق الجنسية للنساء اللبنانيات وما يجابهه هذا المطلب من ردود فعل سياسية وطائفية عنيدة. تنكر المنظومة السياسية والطائفية على النساء هذا الحق لأنه من وجهة نظرها، فإن التوازنات الديموغرافية أهم من كرامات النساء وحقوقهن. ومع صفاقة هذا الواقع، إلا أن جذر المشكلة يقع في اتخاذ النساء شماعة لتصفية حسابات طائفية وديموغرافية ضيقة.


نكران حق النساء بمنح الجنسية لأطفالهن وأزواجهن يتحدّر إذاً من خوف السلطة الذكورية والعنصرية أن يكون مدخل اختلال التوازن الديموغرافي هو عبر النساء في لبنان. هذه هي نظرة السلطة إلى النساء إذاً، كائنات مهيضة الجناح، لا خيار لهن في تقرير مصيرهن، بل وسيتم استغلالهن من قبل الأجانب لتسوية أوضاع قانونية أو الحصول على إقامات عمل وسكن دائمة. وما يشير إلى هذه النظرة، النص الرسمي للتعهد: "أصرّح على مسؤوليتي المدنية والجزائية، أنه لا توجد علاقة أو ارتباط من أي نوع كان يربطني بفتاة من الجنسية اللبنانية وأني أتعهد بعدم الزواج من أي فتاة من الجنسية اللبنانية طوال فترة دراستي وإقامتي في لبنان". وهكذا، فإن هذا التعهد ليس حادثاً فردياً، أو طلباً من موظف في الأمن العام، بل هو يأتي في سياق منظومة تمييزية هيكلية.

كل هذا، وتجد هناك دائماً من يسأل، لماذا النساء غاضباتٌ في هذا البلد؟

(ناشطة نسوية)

دلالات

المساهمون