الحكومة الإلكترونية التركية

الحكومة الإلكترونية التركية

18 مارس 2018
كلّ ما تحتاج إليه بنقرة (أيتاتش أونال/ الأناضول)
+ الخط -

شهدت خدمة الحكومة الإلكترونية أو "الدولة الإلكترونية"، إقبالاً كبيراً في الفترة الأخيرة، وتحديداً بعد تقديم الحكومة التركية عدداً إضافياً من الخدمات عبرها. ولعلّ أبرزها الخدمة التي تتيح تعقّب الأصول بواسطة شجرة العائلة بحسب إدارة النفوس وصولاً إلى القرن التاسع عشر، أي منذ بدء التسجيل الرسمي للأحوال الشخصية في العهد العثماني، وكذلك خدمة الميراث الإلكتروني التي تتيح البحث عن إمكانية وجود ميراث للباحث بموجب القيود الرسمية التركية.

منذ إطلاق خدمات الحكومة الإلكترونية في تركيا في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شهدت إقبالاً متسارعاً وتسجيلاً كبيراً للمشتركين الأتراك. في البداية كانت تقدّم 22 خدمة، وقد ارتفع العدد إلى 889 في عام 2013، واليوم يبلغ ألفَين و251 خدمة، بينما وصل عدد المشتركين المستفيدين من الخدمات إلى 34 مليون مشترك.

وتقدّم خدمات الحكومة الإلكترونية عبر موقعها الخاص وعبر تطبيقات مختلفة خاصة بالأجهزة اللوحية وأجهزة الهاتف النقال. يُذكر أنّ ثمّة خدمات خاصة للأشخاص ذوي الإعاقات السمعية. أمّا طريقة الاشتراك فسهلة جداً، إذ يكفي المواطن التركي أن يتوجّه إلى أحد فروع البريد التركي ويحصل على كلمة السر الخاصة به وفقاً لرقمه الوطني، وذلك في مقابل ليرتَين تركيتَين (نحو نصف دولار أميركي) فقط. وتشمل الخدمات التي تقدّمها الحكومة الإلكترونية عمليات متابعة للطلبات التي تقدّم بها المواطنون في مختلف المؤسسات الحكومية، بدءاً من الضرائب والتأمين الاجتماعي وصولاً إلى الخدمة العسكرية الإلزامية وتغيير العنوان الشخصي في سجل الأحوال المدنية بالإضافة إلى صرف العملات والإفادة بأحوال الطقس.

سركان ألغان محاسب تركي، يخبر "العربي الجديد": "لم أكن من المترددين على الحكومة الإلكترونية، فأنا لا أثق بالتكنولوجيا، خصوصاً أنّ ما يعنيني في التعامل مع الدولة يتمثل في ملف الضرائب الخاص بعملائي. لذلك كنت أفضّل الذهاب إلى دائرة الضرائب للاستفسار من الموظفين مباشرة. لكن بعد توجّه معارفي بمعظمهم إلى الحكومة الإلكترونية للسؤال عن شجرة العائلة، وبعدما قدّم ابني من خلالها طلباً للحصول على موقع في سكن الطلاب التابع للدولة، قرّرت الحصول على كلمة سرّ ورحت أتصفّح الخدمات". يضيف: "صحيح أنّ الحكومة الإلكترونية لا تتيح تخليص كلّ المعاملات بصورة نهائية، إلا أنّها توفّر الوقت، تحديداً في المدن الكبيرة مثل إسطنبول. فبدلاً من الذهاب كلّ يوم إلى دائرة لمتابعة المعاملة وإضاعة الوقت على الطرقات وفي المواصلات، فإنّ الأمر ممكن عبر الإنترنت".


تفيد الإحصاءات الحكومية بأنّ أكثر الخدمات التي شهدت إقبالاً من قبل المواطنين هي تلك المتعلقة بمؤسسة التأمين الاجتماعي، مع أكثر من 120 مشاهدة، تلتها تلك التابعة لوزارة العدل والمتعلقة بمتابعة الدعاوى القضائية مع 80 مليون مشاهدة، ثمّ تلك التابعة لإدارة الضرائب مع 60 مليون مشاهدة. تُضاف إلى ذلك الخدمات المتعلقة بفواتير الهاتف المحمول والمخالفات المرورية والأرصاد الجوية ومعلومات تسجيل الأراضي وأسعار صرف العملات وشهادات الطلاب وسجلات الناخبين وغيرها.

من جهته، يقول أمير محرم أوغلو لـ"العربي الجديد" إنّ "علاقتي بالحكومة الإلكترونية بدأت مذ أجريت معاملة تسديد بدل الخدمة العسكرية. مثل هذه الأمور الحساسة تُعالج في العاصمة أنقرة، لكن بدلاً من أن أتوجّه إلى العاصمة لمرّات عدّة، عمدت إلى متابعة الأمر من مكتبي في إسطنبول. ومن خلال هذه الخدمة، يُصار إلى إبلاغ المواطن بكل النواقص الخاصة بالمعاملة ليرسلها، وكذلك بالمبلغ المتوجب تسديده". يضيف أنّه لجأ كذلك إلى خدمات الحكومة الإلكترونية "لمتابعة علميات تسجيل العقارات وغير ذلك. فائدتها تتلخص في إمكانية متابعة سير المعاملة والبقاء على اطلاع عمّا يجب تسديده من فواتير أو مخالفات. لكنّ كل ذلك لا ينتهي من دون التوجه إلى الدائرة الحكومية المعنيّة".

في السياق، يشير الموظف أحمد، الذي تحفّظ عن الكشف عن هويته كاملة، في إدارة الأحوال المدينة في بلدية أيوب في إسطنبول، إلى أنّ "المواطنين الأتراك ما زالوا لا يثقون كثيرا بالحكومة الإلكترونية في ما يتعلق بإخراجات القيد والمعاملات المتعلقة بتغيير مكان الإقامة وما إلى ذلك. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "ما زلنا نتلقى طلبات كثيرة حول إخراجات القيد العائلية والشخصية وأخرى لتغيير مكان الإقامة. الناس عموماً ما زالوا غير معتادين على الخدمات الإلكترونية. الكبار لا يثقون بها، لكنّ نسبة كبيرة من الشباب تُقبل عليها".


تجدر الإشارة إلى أنّه بعد عشرين يوماً من إطلاق الحكومة الإلكترونية خدمة جديدة تتيح للمواطنين الأتراك الحصول على وثيقة حصر إرث لكلّ من توفي منذ عام 1990، باستثناء القضايا التي اقتضت التوجّه إلى المحاكم، تلقّت وزارة العدل التركية أكثر من مليون و600 ألف طلب. ويُصار العمل اليوم إلى استحداث قسم خاص يتعلق بوصايا المتوفين.

دلالات