مكتبات العالم العربي

مكتبات العالم العربي

18 مارس 2018
تقتصر الزيارة على طلاب الجامعات المجبرين (ديفيد ديغنر/ Getty)
+ الخط -
10 مارس/ آذار 2018؟

لا يعني التاريخ الوارد أعلاه شيئاً لمعظم العرب، هو مجرد يوم عادي، لكنّه اليوم الذي حددته المنظمة العربية للثقافة والعلوم – الالكسو والدول الأعضاء فيها "اليوم العربي للمكتبات" واعتبرته "فرصة للتوعية على أهمية الكتاب والمكتبة في حفظ ذاكرة الشعوب العربية وهويتها الثقافية". أصدرت المنظمة للمناسبة بياناً عرضت فيه ما حققته من إصدارات، سواء منها ما هو مخصص للصفوف الدراسية في مجالات عدة، أو من كتب مرجعية وموسوعات. والواقع أنّ المنظمة أصدرت موسوعة تاريخ الأمة العربية (ستة أجزاء) وتعمل على موسوعة "أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين" بهدف حفظ تراثهم، وربط الماضي بالحاضر والمستقبل من خلال الحياة الفكرية ورجالها المتميزين عبر العصور، وما كتبوه وأضافوه للثقافة والحضارة العربية والإنسانية العامة التي نعيش في ظلها. وقد صدر منها حتى العام 2017 ما مجموعه 21 جزءاً وصل إلى حرف العين، باعتبار أنّ الموسوعة مرتبة بحسب الحروف الهجائية.

عليه، يمكن القول إنّ المنظمة جاوزت نصف عدد الحروف العربية ويتبقى النصف الآخر. هذا مع العلم أنّ عدد الأعلام الذين وردت ترجمات لهم بلغ 4120 عَلَماً ينتسبون إلى مختلف الأقطار العربية وكلهم ممن كتبوا باللغة العربية.

تعمل المنظمة من خلال الهيئة العلمية المكونة من 20 خبيراً الآن على "تحقيق بناء الوعي بالانتماء والثقة بطاقات الأمة وإسهام رجالها (ونسائها) في صياغة المعرفة البشرية، والتعريف بالمتميزين من أعلام الأمة وإضافاتهم". كذلك، تعمل على تكوين مرجع حديث لشبابنا يسهّل عليهم سبل الوصول إلى صورة تأليفية عن أعلامنا، مع الإشارة إلى المصادر الموثوقة والمراجع، وذلك استجابة لدستور المنظمة بخصوص إصدار المراجع الأساسية، ومنها المصادر الجامعة والمعرفة برجال الأمة وجهودهم التي تضافروا بها على بناء الثقافة العربية عبر حلقات متواصلة تناقلتها الأجيال في جميع البلدان.

لكن، بين الحديث عن الإنجازات والواقع المقيم مسافة كبرى، إذ هناك مشكلة كبرى مدخلها علاقة القارئ المفقودة بالكتاب والمكتبة العامة. المعروف أنّ ارتياد المكتبة العامة يكاد يقتصر على عدد قليل من طلاب الجامعات في الاختصاصات التي يطلب منها أساتذتهم إعداد أبحاث، عليها علامات في الدراسات الفصلية. واللافت أنّ قسماً من الطلاب بات يعتمد على الشبكة العنكبوتية، ولا يكلف نفسه عناء قصد مكتبة الكلية للإفادة من موجوداتها. أكثر من ذلك فإنّ أساتذة الجامعات لا يواكبون طلابهم لزيارة المكتبات لتعريفهم على أقسامها وموجوداتها وكيفية استعمالها وما تتيحه من إمكانات تنعكس على أدائهم.


مثل هذه الندرة تنسحب على المواطنين عامة نتيجة "الأمية المركّبة" باعتبارها تتجاوز ما تتحدث عنه الأونيسكو من أمية تكنولوجية أو رقمية إلى الأمية الكتابية والقرائية. ومع أنّ الألكسو تقدّر عدد الأميين في العالم العربي بـ49 مليون نسمة، إلاّ أنّ الأونيسكو تقدّر العدد بمائة مليون نسمة، أي ضعفي التقدير الأول. وهو ما يعني أنّ ثلث سكان العالم العربي هم من الأميين. لكنّ الحقيقي أنّ تردّي الواقع العربي أفدح من ذلك بكثير، ما يؤدي إلى حال من الموات الثقافي الذي تعاني منه المكتبة العامة التي يخبو بريقها يوماً بعد يوم.

*باحث وأستاذ جامعي

المساهمون