ثلاثة ملايين عراقي يعيشون في العشوائيات

ثلاثة ملايين عراقي يعيشون في العشوائيات

16 مارس 2018
إيجاد حلول لهذه العشوائيات (فيسبوك)
+ الخط -
تحوّلت العشوائيات خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من المشاكل العراقية التي تصعب السيطرة عليها، وارتفعت أصوات المواطنين للمطالبة بإيجاد حلول لها، حتى تحولت إلى أحد الشعارات والوعود في الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر انعقادها في الثاني عشر من مايو/ أيار المقبل.

ورسمياً، عرف العراقيون العشوائيات بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 في بغداد أول مرة مع هجرة مئات الآلاف من الجنوب إلى العاصمة بحثا عن العمل والمستقبل، إلا أن الواقع لم يكن كذلك تماما، فقد تحولت بغداد الى أول مدينة عشوائيات تنتشر فيها الجريمة أكثر من غيرها، وتعاني من مشاكل اجتماعية مختلفة جراء الفقر والبطالة والأمية والإدمان على المخدرات مقارنة بمناطق أخرى.

ويقصد بالعشوائيات، المنازل التي شيّدت على أراض مملوكة للدولة، كمزارع أو بساتين أو مساحات سكنية فارغة، أو مبانٍ مشيدة غير مكتملة، أو مقرات ومجمعات تابعة لمؤسسات النظام العراقي السابق، كالجيش والأمن العام والمخابرات وحزب البعث.

ووفقا لآخر إحصائيات وزارة التخطيط العراقية عن العشوائيات في عموم مدن العراق، احتلت بغداد المركز الأول بنسبة تجاوزت ألف منطقة عشوائية، تليها البصرة بـ 677، وكركوك  بنسبة أقل من 500 عشوائية".

ويقدر عدد سكان العشوائيات في عموم العراق بنحو ثلاثة ملايين شخص، يشيدون مساكن لهم تبلغ نحو نصف مليون مسكن، وأغلبها فوق أراضٍ تعود ملكيتها للدولة بنسبة 88 في المائة مقابل 12 في المائة للقطاع الخاص".

وقدّم عدد من أعضاء البرلمان والمرشحين للانتخابات، أخيرا، وعودا، تتضمن سن قانون جديد لمعالجة العشوائيات، ويقضي بتمليك المواطنين للمنازل التي يسكنون فيها أو منحهم أموالا، أو توفير منازل أخرى لهم وفقا لموقع العشوائية ووضع السكان فيها.


ويقول المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه العشوائيات تشوه التصميم الأساسي للعاصمة بغداد والمدن الأخرى"، مؤكدا أن "الحكومة تسعى لمعالجتها عبر تنفيذ مشاريع سكنية منخفضة التكلفة ومن ثم توزيعها على المتجاوزين، قمنا بفتح حوار مع شركات صينية وأجنبية لتنفيذ هذه المشاريع، ونأمل من الحكومة والبرلمان إيجاد صيغة مشتركة لهذا الأمر".

محمود خليل الربيعي، يقيم في مسكن لا تتجاوز مساحته 100 متر في حي الشعب على الطريق العام، وهذا السكن واحد من عشرات مجاورة له، يقول لـ" العربي الجديد"، إنه منذ دخول القوات الأميركية إلى بغداد قام ببناء مسكن صغير له ولعائلته على قطعة أرض تقدر مساحتها بـ 100 متر ويأمل أن تتركه له الحكومة".

ولا يخفي الربيعي وصول مرشحين إليهم يشترون أصواتهم بوعود تمليكهم هذه المساكن، ويقول ساخرا: "كلما أتى مرشح يعد بتمليكنا هذه الأمتار البائسة، ونحن نقول له نعم صوتنا لك".

وعن أسباب تجاوزه وبنائه في العشوائيات، أكد أن "عائلته تتكون من 14 فردا ولا يستطيع أن يشتري لها منزلا سكنياً، فأجبر على البناء على أرض حكومية، ووجد هناك من سبقه، ومن أصل ثلاثة منازل فقط يوجد في حي الشعب نحو 4 آلاف منزل عشوائي متجاور بمساحة 100 متر و50 مترا، وهناك ما هو أقل من ذلك.

وجدد مسؤولون في وزارة الداخلية العراقية شكواهم من ارتفاع معدلات الجريمة في تلك المناطق والجهد الكبير الذي تتطلبه للسيطرة عليها.

ويقول العقيد محمد طالب من قيادة شرطة بغداد، إنّ "الكثير من سكان تلك العشوائيات باعة جائلون أو عمال بناء أو متسولون أو يمتهنون أعمالا خاصة بعيدة عن الوظيفة الحكومية، ونلاحظ وجود تدن في مستوى التعليم بينهم، وانتشار الأمراض والإعاقات والمشاكل بين الجيران والتناحر اليومي، وعدا عن ذلك كله هناك عصابات تتخفى بينهم بجريمة منظمة أو تجارة المخدرات". ويضيف لـ"العربي الجديد" أنهم "يعانون ونعاملهم كضحايا ونعطف عليهم لكن يجب على الحكومة أن تعالج ملفهم".

أما عضو غرفة تجارة بغداد عبد الجبار علي، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع بناء منازل لهم أفضل بكثير من تمليكها كما يعدهم اليوم أعضاء في البرلمان ضمن حملاتهم الانتخابية.


ويضيف علي: "هناك مناطق راقية ومهمة توجد بها عشوائيات مقامة على أرض الدولة، ويبلغ ثمنها أضعافا مضاعفة من بناء منازل لهم في مناطق أخرى وإسكانهم هناك"، ويتابع "كما أن تمليكها لهم يعني أنها ستبقى فأغلبهم لا يجد عشاء يومه، وتمليكهم الأرض يعني بقاء منازل بائسة ومحشور بعضها ببعضها الآخر بما يشوه بغداد".

ويوضح أن هناك جهات سياسية وقيادات مليشياوية بدأت باقتطاع أراض للدولة وتوزيعها بين الراغبين بأسعار بسيطة، وتشترط عليهم بناءها بدعوى أنها ستملك لهم فيما بعد".