عائدون للمدن العراقية المحررة: جثث موتانا أهم من الانتخابات

عائدون للمدن العراقية المحررة: جثث موتانا أهم من الانتخابات

10 مارس 2018
نازح: العثور على جثتي ولدي أهم من الانتخابات(فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يبحث فيه مرشحو الأحزاب السياسية في العراق عن قاعدة جماهيرية يضمنون تصويتها لهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في مايو/أيار المقبل، يواصل نازحون عائدون إلى المدن المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، بحثهم عن جثث قتلاهم الذين سقطوا أثناء الحرب، ودفنوا في أماكن مجهولة.

المعلم المتقاعد عباس الحيالي (73 عاما)، الذي عاد إلى منزله في الجانب الأيمن للموصل (شمال العراق) مؤخرا يقول إنه لا يعير أي اهتمام للانتخابات، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن الأهم لديه الآن العثور على جثتي ولديه، اللذين قتلا الصيف الماضي أثناء المعارك بين القوات العراقية من جهة، وتنظيم "داعش" الإرهابي من جهة أخرى.

وأضاف الحيالي أن "العثور على جثتي ولدي أهم من الانتخابات والسياسيين الذين سيأتون عن طريقها"، متسائلا "ماذا جنينا منهم في السابق كي نعود لننتخبهم مرة أخرى"؟

ودعا مسؤولي محافظة نينوى إلى العمل على إخراج الجثث من تحت ركام الموصل قبل الحديث عن إجراء الانتخابات بعد أشهر، مبينا أن الانتخابات لا يمكن أن تجري في مناطق ما تزال منكوبة.

أما عضو مجلس وجهاء الموصل طارق الحمداني فيؤكد أن الحديث عن إجراء انتخابات هناك أمر مثير للسخرية، في ظل وجود عدد كبير من الجثث تحت أنقاض الجانب الأيمن للمدينة، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن بعض المنازل ما زالت تقيم مراسم عزاء لضحاياها الذين يتم العثور على جثثهم بين الحين والأخر.

وأشار إلى وجود تذمر واضح من قبل السكان المحليين هناك تجاه الأوضاع الإنسانية الصعبة في الموصل، مبينا أن السلطات المحلية تعلن بين الحين والآخر عن اكتشاف عدد جديد من الجثث تحت الأنقاض.

وأكد مسؤول الدفاع المدني في الموصل النقيب أزهر ناصر انتشال 36 جثة جديدة لضحايا تنظيم "داعش" في منطقة الميدان بالموصل أمس الجمعة، مشيرا في حديث لوسائل إعلام محلية إلى أن أغلب الضحايا كانوا من النساء والأطفال.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني بالموصل في وقت سابق عن تمكن القوات العراقية من انتشال 2585 جثة من تحت الأنقاض منذ تحرير الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، مبينة أن جميع هذه الجثث تعود لمدنيين.

ولفتت إلى أن عمليات انتشال جثث المدنيين من قبل القوات العراقية وفرق الدفاع المدني تمت بناء على بلاغات من قبل السكان المحليين.


ويؤكد عضو منظمة "عراق الخير" الإنسانية داود القيسي أن الأوضاع الإنسانية الصعبة في المدن المحررة تحول دون إمكانية إجراء عملية انتخابية فيها، موضحا لـ "العربي الجديد"  أن الموصل ما زالت تنتشل جثث ضحاياها من تحت الأنقاض بين الحين والآخر، في حين تعتقد آلاف الأسر أن أفرادها الذين اختطفوا قبل أكثر من عامين على يد فصائل "الحشد الشعبي" في محافظتي الأنبار (غربا) وصلاح الدين (شمالا) ليسوا أحياء"، وينتظرون العثور على جثثهم في أية لحظة.

ولا تقتصر معاناة سكان المناطق المحررة على صعوبة العثور على جثث قتلاهم، إذ لم يستلم أغلب النازحين العائدين كذلك التعويضات التي وعدوا بها.

وأكد عضو مجلس محافظة الأنبار يحيى غازي أن قيمة التعويضات التي منحت للمتضررين لم تتجاوز 10% من القيمة الحقيقية للأضرار، موضحا خلال تصريح صحفي أن هذه النسبة غير منصفة للأسر التي عادت إلى المحافظة.

وأشار غازي إلى أن الحرب على تنظيم "داعش" تسببت بتهديم وتخريب عدد كبير من المنازل والممتلكات، مطالبا الجهات المختصة بتسهيل إجراءات حصول النازحين العائدين على استحقاقاتهم، وعدم التسبب بتفاقم أزمتهم ماديا ومعنويا.