مسنون تونسيون لدى عائلات بديلة

مسنون تونسيون لدى عائلات بديلة

10 فبراير 2018
تجلس خارج المنزل الذي تعيش فيه (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تعد فئة المسنين في تونس من أكثر الفئات تهميشاً، بحسب غالبية الجمعيات التي تهتم برعايتهم، ما يشير إلى مدى حاجة هؤلاء إلى الاهتمام، وإلى قوانين كافية لضمان حقوقهم وحمايتهم من التشرد. في بعض المدن، يمكن رؤية مسنين يمضون أيّامهم في الشوارع ومحطات النقل لأنهم لا يملكون مأوى أو منحة التقاعد التي عادة ما تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية للمعوزين. ومن حين إلى آخر، تنتشر أخبار عن ضياع مسن أو وفاة آخر في بيته الذي يقطنه بمفرده.

وبحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء، ارتفعت نسبة الأشخاص المسنين من 5.1 في المائة إلى 10 في المائة خلال الخمسين عاماً الماضية. ويتوقع أن ترتفع إلى 17.7 في المائة بحلول عام 2029، و21 في المائة في عام 2034، استناداً إلى وزارة المرأة والأسرة والطفولة. وما من دراسات تقدّر عدد المسنين من فاقدي السند في تونس.

الحكومة التونسية وفّرت مراكز لرعاية المسنين في جهات عدة، ويبلغ عددها 12 مركزاً، وتضم 800 سرير، وتقدّم الرعاية الصحية والاجتماعية لنحو 700 مسن. ومنذ عام 1994، سنّت تونس قانوناً يتعلق بحماية المسنين، وينص على أنّ حمايتهم تعني حماية صحتهم وضمان كرامتهم من خلال مساعدتهم على مجابهة الصعوبات التي تعترضهم في حياتهم اليومية بحكم تقدّمهم في السن. وينص الفصل الثالث من القانون على أنّ "تتولى السلطات العمومية المعنية اتخاذ الإجراءات الملائمة بغية تمكين المسنين من التسهيلات اللازمة، خصوصاً في ما يتعلق بالتداوي والسكن والنقل العام والخدمات الإدارية".

وفي عام 1996، وضع برنامج وطني للتكفل بالمسنين فاقدي السند، على أن تحتضن عائلات مسنين استناداً إلى شروط تحدّدها وزارة المرأة، لتأمين وجودهم في محيط عائلي. وتقدّم الوزارة منحاً قيمتها نحو 70 دولاراً لكل عائلة تحتضن مسناً. ويبلغ عدد المسنين المتكفل بهم حالياً نحو 70، وهو رقم ضئيل بسبب قلّة الوعي من جهة، وعدم علم العائلات بالبرنامج من جهة أخرى.

تقول مديرة إدارة المسنين في وزارة المرأة والأسرة والطفولة، سامية نقرة، لـ "العربي الجديد": "تسعى وزارة المرأة والأسرة والطفولة للإحاطة بكبار السن في كنف أسرهم. وفي ظلّ غياب الأسرة والسند العائلي، تحاول دمجهم في عائلات بديلة، على أن تساعد الوزارة العائلة الكافلة بمنحة شهرية رفعت قيمتها من 70 دولارا إلى 100 دولار. والهدف هو الحفاظ على كبار السن في المحيط العائلي، لما لذلك من أثر إيجابي على توازنهم النفسي والعاطفي، وترسيخ قيم التضامن والتآزر والتكافل".

وتؤكد نقرة أن هذا الخيار يتطلّب أن يكون المسن فاقداً للسند العائلي، على أن يوافق على إيداعه لدى أسرة كافلة، وأن يكون سليماً من كل مرض معد، وغيرها من الأمراض النفسية والعقلية التي قد تزعج العائلة الكافلة. وعلى المسن الراغب في الانتفاع بهذا البرنامج أن يقدم ملفاً يتضمن طلباً كتابياً، وشهادة عن الدخل، وموافقة على قبول العيش لدى العائلة المستضيفة، وشهادة طبية تؤكّد سلامة المسن من الأمراض المعدية والأمراض النفسية، التي قد تشكل خطراً على أفراد العائلة. ويودع الملف في المندوبية الجهوية التي ينتمي إليها.

في المقابل، يُشترط على العائلة الكافلة موافقة الزوجين، وتوفّر مسكن ملائم وغيرها، إضافة إلى خلو أفراد العائلة من أمراض معدية وأخرى نفسية وعقلية. وتشرح نقرة أن رؤساء مصالح المسنين في المندوبيات الجهوية لشؤون المرأة والأسرة، والفرق المتنقلة التابعة للجمعيات الجهوية والمحلية لرعاية المسنين، يتولون متابعة ظروف عيش المسنين.

وتعمل الوزارة على إعداد بنك خاص بالعائلات الراغبة في التكفل بمسنين، بالتعاون والتنسيق بين الوزارة وهياكلها الجهوية والجمعيات المهتمة بالمسنين.


بلا مأوى
يشير رئيس الجمعية التونسية لكفاءات المتقاعدين والمسنين، علي بن محمد، لـ "العربي الجديد"، إلى غياب مندوبيات جهوية توثّق أوضاع كبار السن في كل جهة، خصوصاً المهمشين في أوساطهم العائلية، أو الذين لا يملكون مأوى. ويؤكد ضرورة تأمين رقم أخضر للتبليغ عن أي مسن قد يكون مشرداً أو يحتاج إلى رعاية، إضافة إلى القيام بحملات توعوية عن أهمية برنامج التكفل بالمسنين.