وزير الصحة اللبناني: حرق النفايات يزيد الإصابات بالسرطان

وزير الصحة اللبناني: حرق النفايات يزيد من نسب الإصابة بالسرطان

05 فبراير 2018
حرق عشوائي للنفايات في الهواء الطلق (تويتر)
+ الخط -


أعلن وزير الصحة اللبناني ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، أن الحرق العشوائي للنفايات منذ عام 2015 وحتى اليوم أدى إلى ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب وسرطان القولون والرئة.

وأشار خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده اليوم مع مديرة مكتب لبنان في منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمى فقيه، إلى أن "الأرقام غير دقيقة بعد، لكن الربط الطبي بين الأزمة وارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المذكورة قائم وموثق".

ولفت إلى أن "عدد المواطنين الذين تغطي وزارة الصحة مصاريف علاجهم من مرض السرطان يبلغ أكثر من 6 آلاف مريض، وأن عدد مرضى سرطان الرئة عام 2015 كان 1212 مريضاً، وعدد المصابين بسرطان القولون كان 1090 شخصاً".

ودعا حاصباني إلى إقرار سريع لخطط معالجة النفايات التي تقوم على مبدأ اللامركزية الإدارية، كما دعا إلى التفريق "بين حرق النفايات في الهواء الطلق وبين التفكيك الحراري للنفايات في معامل خاصة ومضبوطة كما تنص بعض الخطط الموضوعة لمعالجة النفايات".

وكانت "هيومن رايتس ووتش" قد أكدت في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن عدم اتخاذ السلطات خطوات لإنهاء حرق النفايات في الهواء الطلق في مختلف أنحاء لبنان، يعرّض السكان المجاورين لمواقع الحرق لمخاطر صحية، وينتهك حقهم بالصحة. 

وكشفت في تقرير نُشر بعنون "كأنك تتنشق موتك": المخاطر الصحية لحرق النفايات في لبنان"، أن عدم اتخاذ السلطات اللبنانية إجراءات فعالة لمعالجة انتشار حرق النفايات في الهواء الطلق، وغياب المراقبة المناسبة أو المعلومات حول الآثار الصحية لهذا الحرق، ينتهكان التزامات لبنان بموجب القانون الدولي.

مواطنون لا يدركون جسامة الخطر على صحتهم(فيسبوك) 


وأشارت إلى أن "حرق النفايات في الهواء الطلق خطر، لكن يمكن تجنبه وهو نتيجة عقود من عدم تعامل الحكومة مع النفايات الصلبة بطريقة تحترم القوانين البيئية والصحية المصممة لحماية الناس".

وقال نديم حوري، المدير المؤقت لمكتب المنظمة في بيروت: "مع كل كيس نفايات يُحرق، يزداد الضرر بصحة السكان المجاورين، لكن السلطات لا تقوم بشيء تقريبا لاحتواء الأزمة. يظن البعض أن أزمة النفايات بدأت في 2015، لكن الوضع مستمر منذ عقود، إذ تتنقل الحكومة من خطة طوارئ إلى أخرى متجاهلةً ما يجري خارج بيروت ومحيطها".

ووثّقت دراسات علمية المخاطر التي يشكلها دخان حرق النفايات المنزلية في الهواء الطلق على صحة الإنسان، والأطفال والمسنين خصوصاً.

ودعت المنظمة لبنان إلى إنهاء حرق النفايات في الهواء الطلق، وتطبيق استراتيجية وطنية مستدامة لإدارة النفايات، تتماشى مع أفضل الممارسات في مجاليّ البيئة والصحة العامة ومع القانون الدولي.

سوء إدارة مزمن لأزمة النفايات (تويتر) 


كما بيّن التقرير أن سوء إدارة لبنان نفاياته الصلبة برز في 2015 بعدما تكدست في شوارع العاصمة، لكن وجدت المنظمة أن أزمة صامتة كانت تؤثر على باقي أنحاء البلاد لعقود. ولا يملك لبنان خطة لإدارة النفايات الصلبة للبلد بأكمله.

وفي التسعينيات، نظّمت الحكومة سبل تجميع النفايات والتخلص منها في بيروت وجبل لبنان، بينما تركت باقي البلديات تتدبر أمورها بدون رقابة كافية أو دعم مادي أو خبرات تقنية، فكثرت المكبات المكشوفة، وازداد الحرق في الهواء الطلق عبر البلاد.

وبحسب باحثين في "الجامعة الأميركية في بيروت" إن 77 في المائة من النفايات إما تُرمى في مكبات مكشوفة أو تُطمَر، مع أنهم يقدّرون أن 10 إلى 12 في المائة فقط من نفايات لبنان لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد عضوي.



وأجرت المنظمة مقابلات مع أكثر من 100 شخص من السكان المجاورين لمكبات مكشوفة، وخبراء في الصحة العامة، ومسؤولين حكوميين، وأطباء، وصيادلة، وناشطين. كما زار باحثون مواقع يتم فيها الحرق واستخدموا طائرة من دون طيار لتصوير 3 مكبات كبيرة.

وأظهرت الصور آثارا سوداء من عمليات حرق حديثة ورواسب رماد تشير إلى عمليات حرق كبيرة سابقة. كما وثقت 3 حالات حرق في الهواء الطلق مجاورة لمدارس وواحدة بجوار مستشفى.

617 مكباً عشوائياً للنفايات بدون رقابة في لبنان(فيسبوك) 


وحصلت من وزارة البيئة و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" على خريطة لـ 617 مكبا للنفايات الصلبة في جميع أنحاء لبنان لا تخضع للرقابة، أكثر من 150 منها تُحرَق أسبوعيا على الأقل. وبحسب الدفاع المدني، ازداد حرق النفايات في الهواء الطلق في بيروت وجبل لبنان بعد انهيار نظام إدارة النفايات في هاتين المنطقتين في 2015، مع زيادة 330 في المائة في جبل لبنان.

وأظهرت الخريطة أن الحرق في الهواء الطلق يزداد في المناطق الأكثر فقرا بطريقة غير متناسبة.

وأبلغ أغلب السكان الذين نقلت المنظمة شهاداتهم عن آثار صحية ردّوها إلى حرق النفايات المفتوح وتنشق الدخان المنبعث منه، منها مشاكل تنفسية مثل الانسداد الرئوي المزمن، السعال، تهيج الحلق، والربو. تتفق هذه الأعراض مع التعرّض إلى حرق النفايات في الهواء الطلق، الموثّقة آثاره في العديد من المؤلفات العلمية.

وقال السكان المجاورون للمحارق المكشوفة إنهم لا يستطيعون إمضاء الوقت في الخارج، ويعانون من صعوبة في النوم بسبب تلوث الهواء، أو اضطروا إلى الرحيل وقت الحرق. وقال بعضهم إنهم انتقلوا نهائيا لتجنب الآثار الصحية المحتملة.

أمراض تنفسية وسرطان تستشري (فيسبوك)


وذكر هؤلاء أن بلدياتهم لم تقدم أي معلومات عن مخاطر الحرق في الهواء الطلق أو احتياطات السلامة. وقالت المنظمة إن على الحكومة اللبنانية تقديم معلومات بهذا الشأن، إضافة إلى الاحتياطات التي يجب أن يتخذها السكان لحماية أنفسهم من الدخان.

وتقول وزارة البيئة إن حرق النفايات في الهواء الطلق يخرق القوانين اللبنانية لحماية البيئة. وعدم اتخاذ الحكومة إجراءات فعالة لمعالجة هذه القضية ينتهك التزامات لبنان بموجب القانون الدولي، بما فيها واجب الحكومة احترام الحق بالصحة وحمايته وتحقيقه.



وذكر التقرير أن مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون في 2012 من شأنه إنشاء مجلس موحّد لإدارة النفايات الصلبة ترأسه وزارة البيئة، "ومن المفترض أن يكون مسؤولا عن اتخاذ القرارات ومعالجة النفايات على المستوى الوطني، بينما يترك مهمة جمع النفايات للسلطات المحلية. غير أن البرلمان لم يوافق عليه بعد".

ودعت "رايتس ووتش" لبنان إلى تبنّي خطة طويلة الأمد لإدارة النفايات في البلد بأكمله، تأخذ بعين الاعتبار الآثار البيئية والصحية المرافقة.

وقال نديم حوري: "أحد أسوأ أوجه هذه الأزمة هو عدم تقديم معلومات للسكان حول مخاطر العيش قرب مواقع الحرق. يحق للناس معرفة المخاطر المحتملة في بيئتهم، وعلى لبنان قياس أثر أزمة النفايات على سلامة الهواء، التربة، والمياه، ونشر النتائج".

المساهمون