إخفاء قسري لمواطن مصري وتعذيبه حتى الموت

إخفاء قسري لمواطن مصري وتعذيبه حتى الموت على يد 6 ضباط وشرطيين

04 فبراير 2018
وثائق رسمية أكدت الواقعة (العربي الجديد)
+ الخط -


في إطار حالات الإخفاء القسري التي تم رصدها في مصر، حصل "العربي الجديد" على مستندات ووثائق رسمية من ملفات النيابة العامة، عن حالة اختفاء قسري لمواطن مصري (مجند) يدعى محمود سيد محمد حسين، داخل قسم الشرطة، وتعريضه لتعذيب وحشي ممنهج ما أدى إلى وفاته.

وأكد أفراد أسرة حسين، وصديقه، احتجازه من دون إذن قضائي وتعذيبهم، ومحاولة إخفاء معالم الجريمة من خلال تزوير أسباب وفاته ووجوده داخل القسم.

وتكشف أوراق القضية رقم 13 لسنة 2017، عن ساعات رعب شهدها قسم شرطة الهرم في محافظة الجيزة المصرية، تمثلت بإقدام 6 ضباط وأمين شرطة، باحتجاز المجند العشريني، والتحقيق معه داخل القسم مدة 22 يوماً دون إذن قضائي، وتعذيبه بأبشع الوسائل وهتك عرضه، حتى وفاته.

ضمت قائمة المتهمين بالقضية كلا من: بهاء الدين محمد سالم(47 عاما) مفتش مباحث فرقة قسم الأهرام، وعصام نبيل رجب (43 عاماً) وكيل مباحث فرقة الأهرام، وعمرو أحمد حجازي (38 عاماً) رئيس مباحث قسم شرطة الأهرام، وطارق مدحت عبد الحميد (31 عاماً) معاون مباحث قسم شرطة الأهرام، وهاني محمود عجلان (28 عاماً) معاون مباحث قسم شرطة الأهرام، ومحمد أحمد عتلم (30 عاماً) معاون مباحث قسم شرطة الأهرام، ورجب نعمان عبد الظاهر (46 عاماً) أمين شرطة بقسم الأهرام، وأمير إسماعيل عبد اللطيف(32 عاماً) أمين شرطة بقسم الأهرام".

وبيّنت الوثائق أن الواقعة تعود إلى تاريخ تلقي النيابة العامة بتاريخ 6 مارس/ آذار 2017 إخطاراً بوفاة المجند "المجني عليه"، ووجود شبهة جنائية بوفاته، ووجود آثار تعذيب شديدة ونزيف من أماكن متفرقة في الجسد. وادعى المتهم الأول، بهاء الدين محمد سالم تعرُّض المجني عليه لهبوط في الدورة الدموية سببت وفاته، نتيجة استدعائه المتكرر إلى القسم لاستجوابه في جريمة قتل جدته، وسرقة مصوغاتها الذهبية.

وذكرت الوثائق أيضاً أن النيابة العامة المصرية حققت في الواقعة، واستمعت لأقوال الشاهد الأول محمد سيد حسين (18 عاماً) وهو شقيق المجني عليه، الذي أقرّ أنه ضبط وشقيقه قبل أكثر من 20 يوما من وفاة الأخير، بقضية قتل جدتهما زكية فرغلي منصور، بعلم الضابطين عصام نبيل وهاني عجلان، بتاريخ اكتشاف واقعة القتل.




ونقلت الوثائق اعترافات ومشاهدات الشقيق، ومنها أن الضابط عصام نبيل استدعى المجني عليه قبل أسبوع من وفاته، واقتاده إلى أحد مكاتب ضباط المباحث، ووضع على ظهره خشبتين متقاطعتين رابطاً يديه إلى أعلى، وتعدَّى عليه بالضرب بالعصيّ، أعقبها اقتياد صديق المجني عليه هشام، والتعدي عليه بالأسلوب ذاته. كما أشار إلى أنه رأى شقيقه ذات مرة مقيد اليدين بالأصفاد الحديدية وكان يبكي، وبدت آثار التعديات عليه في أنحاء جسده.

وتضمنت الوثائق أقوال الشقيق بأن المجني عليه أكد له أن الضابط عصام نبيل، هو من تعرض له، وأنه وأعوانه علقوه من يديه بالأصفاد الحديدية، وأن إصابة وجهه ناتجة عن ضربه بالعصي، وأن البقع الحمراء على صدره جراء صعقه بالكهرباء. وعن يوم حدوث الوفاة، رآه شقيقه محتجزا بغرفة "التسجيل" الملاصقة لقفص الحجز الإداري، وكان معلقاً من أصفاده الحديدية إلى نافذة غرفة الحجز. وتعرض له الضباط بالعصي وخراطيم بلاستيكية قرابة 15 دقيقه، ثم حضر الضابط هاني عجلان، وضربه قرابة 15 دقيقة أخرى.

وبحسب الوثائق، شهد الشقيق أن المجني عليه بعد تعرضه لجولات من الضرب والتعذيب، بدأ بالاستغاثة لعدم قدرته على التنفس دون أن يستجب له أحد، ثم رآه قد أحنى رأسه للخلف وسكن وهو معلق، فأيقن أنه توفي.

وعن تحقيقات النيابة العامة، ذكرت أن الأخيرة استدعت الشاهد الثاني هشام السيد حسانين (24 عاما) وهو صديق المجني عليه، الذي أقر أنه في اليوم الثاني لمقتل الجدة، فوجئ بالضابط محمد عتلم، وأفراد شرطة يُلقون القبض عليه من مسكنه، واصطحبوه إلى ديوان قسم شرطة الهرم، حيث ظل محتجزا أكثر من 20 يوما. وقال إنه سمع أصوات التعدي على المجني عليه واستغاثته، ومّيز من بين الأصوات صوت الضابط هاني عجلان، الذي نطق المجني عليه باسمه في استغاثاته.



كذلك، روى شهود الإثبات من المحتجزين في القسم وعددهم 8 شهود آخرين ساعات الرعب داخل القسم التي عاشوها ليلة مقتل المجني عليه. وأنهم سمعوا صراخا صادرا من غرفة ملاصقة للحجز الإداري من جهة اليسار، وشاهدوا المجني عليه معلقا وهو يستغيث ويتم التعدي عليه بالضرب بالتناوب من أشخاص عدة حتى وفاته.

وأكدت أقوال الطبيب الشرعي أيمن أحمد حسان، أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابات التي لحقت به، وقدم تقريرا مفصلا بالإصابات الكبيرة في جميع أنحاء جسده تقريبا، واحتمالية حدوثها وفقا لرواية الشهود.

وعاينت النيابة العامة ديوان القسم، وكاميرات المراقبة المثبتة ببعض أرجائه، واكتشفت بعد تفريغ محتواها كذب المتهم الأول مفتش مباحث فرقة قسم الأهرام، والذي ادّعى أنه جاء يوم 6 مارس/آذار 2017، بينما أثبتت الكاميرات وجود الضحية في تاريخ سابق، واحتجازه دون إذن قضائي، وتزويره للمحضر.

وأجريت عملية التصوير الفوتوغرافي للمتهمين الستة الأوائل أثناء استجوابهم بمعرفة أحد خبراء مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية لعرضهم على شهود الواقعة الذين تعرفوا عليهم. وانتهت تحقيقات النيابة التي باشرها المستشار محمد خالد عوض وكيل النائب العام بنيابة حوادث جنوب الجيزة، تحت إشراف المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول لنيابة جنوب الجيزة، باكتشافها قيام المتهمين خلال الفترة من 13 فبراير/ شباط 2017 وحتى 6مارس/ آذار 2017، بتعذيب المجني عليه داخل قسم شرطة الهرم حتى الموت، لحمله على الاعتراف بارتكاب جريمة قتل جدته وسرقة مصوغتها الذهبية في جناية القتل رقم 2770 لسنة 2017 إداري قسم الهرم.

ووجهت النيابة اتهامها للأمنيين الستة السابق ذكرهم باحتجاز المجني عليه وأقاربه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك، وبغير الأحوال المصرح فيها بالقبض على ذوي الشبهة، واقتادوه لقسم شرطة الأهرام، وحجزوه مقيدا لمدة جاوزت 20 يوما. ونسبت للمتهمين الثاني (وكيل مباحث القسم)، والثالث (رئيس المباحث) تهمة هتك عرض المجني عليه بالقوة بعدما جرّداه من ملابسه وكشفا عورته وأبقياه عارياً على مرأى منهما ومن الموجودين في وحدة البحث الجنائي بقسم الشرطة.

المساهمون