منظمة خيرية توزع الطعام للألمان فقط...وميركل تردّ: هذا خطأ

موجة انتقادات لـ"تافل" بسبب تخصيص الطعام المجاني للألمان فقط

28 فبراير 2018
كانت توزع الطعام من دون اعتبار لجنس أو لون(تويتر)
+ الخط -
أثار قرار المنظمة الخيرية التطوعية "إيسينر تافل" في إيسين، المنتشرة في 930 منفذ توزيع حول المدن الألمانية، إدخال تعديل على توزيع المواد الغذائية المجانية التي تجمعها لحاملي الجواز الألماني فقط، استهجاناً كبيراً وجدلاً بين الألمان، وصل حد وسم شاحنات "تافل" بشعارات تتهمها بـ"النازية"، على اعتبار أن هذه المنظمة تعمل منذ 1995 على مساعدة المحتاجين وكبار السن، من دون اعتبار لجنس أو لون.

المنظمة ترفض هذه التهمة وتذكر، بحسب الصحف الألمانية، أن "نسبة الأجانب (مهاجرين ولاجئين) ممن يتلقّون هذه المواد ازدادت، خلال الفترة الأخيرة، إلى 75 في المائة". ووفقا لمدير المنظمة، يورغ سارتور، فإن كبار السن الألمان والأمهات الوحيدات أصبحوا خائفين من التزاحم على منافذ التوزيع "بعد أن أصبح معظم المتدافعين هم من جيل الشباب الأجانب، في مراكز التوزيع التابعة لتافل، وهؤلاء سببوا مشاكل كبيرة".

ووفقا لما تذكر "دويتشه فيليه"، نقلا عن سارتور، بأن الأمر وصل "حد أن يمسك بي هؤلاء الشبان وهم غاضبون بعد خلق مشاكل وتدافع عنيف، هذا القرار لا علاقة له بالعنصرية".

ويعلل مدير "تافل" قراره بضرورة إظهار جواز السفر الألماني لتلقي الغذاء المجاني، بالقول لدويتشه: "أريد من الناس التصرف بشكل صحيح تجاه بعضهم البعض، فالنظام لا يعمل حين لا يكون هناك توازن بين الألمان والأجانب (في التوزيع)". وتذكر عضوة مجلس إدارة في المنظمة، بعد التعرض لانتقادات عنيفة في الآونة الأخيرة، ريتا نيبل، أنه "من بين الآلاف ممن كانوا يتقاطرون على المساعدة يمكنك أن تجد عددا قليلا من الألمان".

الجدل الذي أثاره القرار، بالتوزيع للألمان أو حاملي الجنسية في عموم ألمانيا، وتلقفته أحزاب دول محيطة تحمّل ألمانيا مسؤولية "تدفق ملايين اللاجئين"، دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التدخل رافضة "طلب إشهار جواز السفر". واعتبرت، في حديث لقناة أر تي إل الألمانية، أنه "لا يجب فرز الناس على هذا النحو، فهذا ليس أمراً جيداً".

مهاجمة ميركل بسبب قضية تافل عن موقع حزب البديل


وكانت ألمانيا شهدت تدفق أكثر من مليون لاجئ، خلال عامي 2015 و2016، ما عرّض المستشارة الألمانية لحملات عنيفة داخل وخارج بلدها بشعارها الذي رفعته ترحيباً بهؤلاء وقولها "نعم نحن قادرون". ولكن سياسة الانفتاح على اللجوء، بعد تناول معظم وسائل الإعلام الألمانية قضية "تافل" وكيف تتهم منظمة خيرية بـ"النازية والعنصرية"، تدفع الحزب البافاري، تس اس أو، الشقيق لحزب ميركل، تس دي أو، على لسان رئيس المجموعة البرلمانية فيه، ووزير المواصلات السابق، ألكسندر دوربينت، إلى إظهار "تفهّم قرار تافل في إدخال تعديلات".

وبحسب ما يقول دوربينت لشبيغل، فإن "التصرف غير المحترم يتطلب نقاشاً عن قدرات دمج اللاجئين في المجتمع". هذا الموقف يظهر كيف أن التعارض في المعسكر الديمقراطي المسيحي الذي يتزعم الحكومة الائتلافية يعاني من اختلاف كبير في سياسة اللجوء والدمج بين أطرافه، بتحد واضح لموقف ميركل من عدد من السياسيين في بافاريا وغيرها.

ومن ناحية ثانية ذهب الحزب اليميني المتشدد بشأن الهجرة، "البديل لأجل ألمانيا"، الذي حل ثالثاً في البرلمان إثر الانتخابات الأخيرة في سبتمبر/أيلول الماضي، وتعطيه التقديرات تقدماً إضافياً، لاستغلال هذه القضية والدفاع عن موقف المنظمة الخيرية.

وكتب الحزب على موقعه في فيسبوك، "إن المنظمة الخيرية لم تنشأ لأجل التعامل مع الفوضى التي خلقتها سياسة ميركل للجوء، لكنها أنشئت لأجل أن تأخذ على عاتقها حاجات الناس الموجودة قبل اللجوء"، وهاجم الحزب بشكل عنيف، أمس الثلاثاء، سياسة المستشارة ميركل، محملا إياها "مسؤولية الفوضى، وهي تشيح بنظرها عن حاجات الفقراء والمحتاجين الألمان".

موقف الحزب الاجتماعي الديمقراطي جاء على لسان وزيرة الشؤون الاجتماعية، كاترينا بارلي، باعتبار أن "استبعاد مجموعة محددة من الناس بشكل دائم يشجع على التعصب والإقصاء، ما يجب تطبيقه هو على أساس الحاجة وليس جواز السفر".


بالنسبة للمسؤول عن هذه المنظمة الخيرية، يورغ سارتور، الذي عمل فيها على مدى 13 سنة، فهو يرى أن ما يجري من نقاش عن "أنني نازي وعنصري، لا يعنيني كثيرا، بقدر مساعدتي للمتقاعدين والأمهات الوحيدات والمحتاجين، وهذا نظام فرضناه حتى يفهم الشبان أنه لا يمكن التدافع واستخدام وسائل عنيفة للحصول على المساعدة، إنه سيفيد كبار السن الذين باتوا يتركون منافذ التوزيع ويشتكون من مناظر غير محترمة معهم"، بحسب ما تنقل "بيلد" عنه.

وفي الموقف الأخير لاجتماع مجلس إدارة المنظمات الخيرية، يوم أمس الثلاثاء، فإن "تافل" "مصممة على المضي بقرارها توزيع الغذاء للمحتاجين الألمان من كبار السن والأسر التي لديها أطفال صغار، وستعيد النظر بعد أسابيع في هذا القرار"، بحسب بما تذكر صحيفة فرانكفورت ألغيماينه.