تشكيل لجنة تقصي حقائق في أسباب تدهور القضاء بفلسطين

تشكيل لجنة تقصي حقائق في أسباب تدهور القضاء في فلسطين

27 فبراير 2018
محاسبة كل من انتهك استقلال القضاء (تويتر)
+ الخط -
قررت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، تشكيل لجنة وطنية مستقلة لتقصي الحقائق، من أشخاص مشهود لهم/ن بالكفاءة والمهنية والاستقلالية والحياد، لمتابعة كافة القضايا والمسائل التي طرحها القاضي عبد الله غزلان، وغيرها من القضايا التي أدت إلى استمرار النزيف في القضاء.

وأشارت تلك المؤسسات في بيان لها عقب اجتماع لها في رام الله، أمس الإثنين، إلى أنه سيتم نشر النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها اللجنة الوطنية المستقلة ومتابعة تنفيذها، تأكيداً على نهج الشفافية وأهمية الرقابة الشعبية في الإصلاح القضائي.

وقالت إنها "تداعت لاجتماع موسع، عُقد في مؤسسة الحق في رام الله، لبحث تطورات ومستجدات الأزمة العميقة التي تعصف بالقضاء الفلسطيني، في إطار سلسلة من اللقاءات المستمرة التي تسعى إلى وقف النزيف الحاصل في القضاء، وصولاً إلى تحقيق هدف محدد بالمحصلة النهائية، يتمثل في بناء سلطة قضائية مستقلة ونزيهة وفاعلة، باعتباره قيمة وطنية ودستورية عليا، وحقاً طبيعياً للمجتمع".

ووفق البيان، توقفت مؤسسات المجتمع المدني مطولاً أمام التصريحات الإعلامية التي أدلى بها القاضي عبد الله غزلان في برنامج المنتدى القضائي بتاريخ 20 من الشهر الجاري، وما تحمله من أبعاد ودلالات، سلطت الضوء على الخلل البنيوي البشري المزمن في القضاء، باعتباره خللاً هرمياً يبدأ بمجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا، وكشفت عن خلل عميق في الاستقلال الذاتي للقضاة الذي يعد حجر الأساس لاستقلال القضاء وهيبته؛ ولا سيما في ظل ما أشارت إليه التصريحات بشأن توزيع دعاوى على هيئات قضائية على نحو مخالف لقانون السلطة القضائية ودلالاته، وعدم ثقة بعض القضاة بالاحتكام إلى القضاء، وقضاة يوقعون على قرارات قضائية لا يدرون عنها شيئاً رغم مخالفتها أحكام القانون، وعبارات صدرت عن بعض القضاة تخالف معايير السلوك القضائي.

وأكد أقدم قضاة المحكمة العليا، عبد الله غزلان، في تصريحاته الإعلامية، أنه ورغم انتخابه من قبل الهيئة العامة للمحكمة العليا عضواً في مجلس القضاء الأعلى وفق القانون، إلّا أن المجلس لم يوجه له دعوات لحضور اجتماعاته خلافاً للقانون، وأن مجلس القضاء الأعلى طلب من الهيئة العامة للمحكمة العليا اختيار عضو آخر للمجلس بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2017، فأودعت الهيئة العامة ردها بتاريخ 24 من الشهر الماضي، بتجديد الثقة بالقاضي، ورغم ذلك ما زال المجلس يمتنع عن دعوته لحضور جلساته خلافاً للقانون.

واستعرض غزلان المخالفات القانونية التي شابت إجراءات إحالته للتحقيق وللمجلس التأديبي وأبعادها ودلالاتها، إضافة إلى العديد من القضايا الخطيرة التي أثارها وتستدعي تشكيل لجنة تقصي حقائق مجتمعية مستقلة للوقوف عليها ومتابعتها، نظراً لدورها المباشر في استمرار حالة النزيف الحاصل في السلطة القضائية.

وقالت مؤسسات المجتمع المدني، إنها "تطرقت للبيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 22 من الشهر الجاري، الذي لم يقدم أية إجابات بشأن جميع القضايا والمسائل الخطيرة التي تحدث عنها القاضي غزلان، ولم يقدم إجابات أيضاً بشأن البيان الصادر عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بتاريخ 15 من الشهر الجاري، الذي طالب مجلس القضاء الأعلى باحترام حق القضاة في التعبير عن آرائهم، باستثناء ما ورد في البيان المذكور بأن (معظم الانتقادات والتصريحات يعتريها عدم الصحة وتعبر عن أجندات شخصية ليس هدفها الصالح العام)".

وأشارت المؤسسات إلى أنه "بذات الأسلوب المتبع مع القضاة، عبر تعميمات تحظر عليهم إبداء تصريحات إعلامية إلا بإذن من رئيس مجلس القضاء الأعلى أو من ينيبه تحت طائلة المسؤولية، ورد في البيان المذكور الصادر عن مجلس القضاء الأعلى أنه (يحذر من المساس بهيبة الجهاز القضائي أو الإساءة لأي من السادة القضاة تحت طائلة اتخاذ المقتضى القانوني في ملاحقة أية مخالفات من شأنها المساس بالجهاز القضائي كمؤسسة أو السادة القضاة كأفراد)".

وذكرت المؤسسات بالبيانات السابقة الصادرة عنها، التي أكدت أن مجلس القضاء الأعلى كان وما زال يشكل العنوان الأبرز لتدخلات السلطة التنفيذية في القضاء وبأشكال مختلفة؛ من قبيل أن مجلس القضاء الأعلى الحالي، كما المجلسين اللذين سبقاه، شكلتهما السلطة التنفيذية خلافاً للقانون، وأن رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي ونائبه جرى تعيينهما خلافاً للقانون، وأن رؤساء المحكمة العليا منذ نشأتها جرى تعيينهم خلافاً للقانون، وأشكال أخرى عديدة تدلل على تآزر مجلس القضاء الأعلى مع السلطة التنفيذية لإجهاض جهود الإصلاح القضائي.

وطالبت في بيانها، مجلس القضاء الأعلى باحترام حق القضاة في التعبير عن آرائهم المكفولة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الفلسطينية، فيما طالبت بتوضيح موقفه من كافة القضايا والمسائل الخطيرة التي طرحها القاضي عبد الله غزلان ومتابعتها بما يضمن مساءلة ومحاسبة كل من انتهك استقلال القضاء وأضعف الثقة بالقضاة.

وأكدت على استمرار لقاءاتها، وتكثيف جهودها، بالشراكة مع مختلف شرائح ومكونات المجتمع المدني الفلسطيني، وصولاً إلى بلورة رؤية موحدة من أجل وقف النزيف المستمر في القضاء وبناء سلطة قضائية مستقلة وفاعلة.

وطالبت مجلس القضاء الأعلى بطرح رؤيته للإصلاح القضائي والقيام بخطوات عملية ملموسة تساهم في وقف حالة التدهور المستمر في القضاء، وصيانة استقلاله وهيبته، واستعادة ثقة المواطنين بالجهاز القضائي.


وشددت المؤسسات على أن الحق في حرية التعبير عن الرأي حقٌ أساسيٌ من حقوق الإنسان، وهو حقٌ طبيعيٌ لصيقٌ بالإنسان، وليس منّة من أحد، وأنه بالغ الأهمية في عملية وقف النزيف في القضاء وتحقيق الإصلاح القضائي المنشود.

وأكدت تلك المؤسسات أن هيبة واستقلال القضاء لا تتحقق من خلال تحذيرات غير مجدية، وأنها "قناعة يقينية تسكن ضمير القاضي بأن استقلاله الذاتي هو السبيل لحماية استقلال القضاء وهيبته، باعتباره قيمة وطنية عليا، وحقاً للمجتمع، لا ميزة لمن يشغل منصباً في القضاء، وبذلك تغدو الرقابة الشعبية على القضاء مسؤولية المجتمع وحقّه".

دلالات