أطفال أفغان يُرحّلون من إيران

أطفال أفغان يُرحّلون من إيران

25 فبراير 2018
طفلان أفغانيان يجمعان الحطب للتدفئة (فرشاد أوزيان/فرانس برس)
+ الخط -
في وقت تستمرّ المباحثات حول قرار باكستان المتعلق بعودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم، وإعطائهم شهراً واحداً للخروج، وهي المهلة التي انتهت، أعلنت السفارة الأفغانية في إسلام أباد أن المباحثات بشأن قرار باكستان ما زالت متواصلة. في المقابل، تفيد إدارة اللاجئين في إقليم هرات غرب أفغانستان، بأنّ إيران سرّعت في ترحيل اللاجئين الأفغان على الرغم من البرد القارس، ومن دون مراعاة حال الأطفال والمعوزين، ما يشكّل خطراً على حياتهم ويحول دون تقديم المساعدات لهم.

تضيف إدارة اللاجئين أنّه خلال الشهرين الماضيين، سرّعت إيران عمليّة ترحيل اللاجئين الأفغان، لا سيما الأطفال، وتحديداً أولئك الذين يذهبون إليها عن طريق مهرّبين بهدف العمل. وفي العادة، تعتقلهم وترحّلهم بعدما يقضون بعض الوقت في السجن. ويقول مسؤول مخيم "أنصار" للنازحين في إقليم هرات، عين الدين أسلمي: "نواجه صعوباتٍ كبيرة هذه الأيام، بعدما سرّعت السلطات الإيرانية عملية ترحيل الأفغان، خصوصاً الأطفال منهم. وعادة ما يتوجه هؤلاء إلى إيران للعمل عن طريق المهربين، ثم تُرحّلهم السلطات الإيرانية عنوة".

ويذكر عين الدين أنّ هؤلاء الأطفال، وجميعهم ما دون 18 عاماً، يواجهون مشاكل كثيرة على الطريق، بعد خروجهم من إيران، فيما يمكث بعضهم أياماً أو شهوراً في السجون الإيرانية.
ومن بين الأطفال الذين رُحّلوا من إيران مؤخراً، محمد مدثر وهو من سكان إقليم نيمروز، الذي يعيش حالياً في مخيّم "أنصار". الطفل البالغ من العمر 15 عاماً، قدم إلى المخيم بعدما رحّلته السلطات الإيرانية. نتيجة الفقر، أرسله والده مع أحد تجار المنطقة إلى مدينة هرات للعمل وكسب الرزق. عمل لأشهر عدة في هرات، وكان يرسل عشرة آلاف أفغانية (نحو 150 دولاراً تقريباً) شهرياً إلى والده.



بعد فترة، اتصل التاجر بوالده، وأخبره أنه ينوي أخذ ابنه إلى إيران للعمل. وبعد تردد، وافق الوالد، على أن يتحمل التاجر كلفة السفر، علماً أن شرطه لم يتحقّق. وصل الطفل محمد إلى مدينة أصفهان، وعمل أشهراً عدة قبل أن تعتقله السلطات الإيرانية ثم ترحّله إلى أفغانستان.
في تلك الفترة، عاش الطفل مع أشخاص مدمنين على المخدرات، وأصبح مدمناً بدوره. في الوقت الحالي، يعيش في مخيم "أنصار" ويعاني آلاماً حادة في الجسم، إضافة إلى مشاكل نفسية. وأكثر ما يُشغل باله هو حال أسرته الفقيرة، خصوصاً أن والده رجل كبير في السن، وأشقاءه صغار.

إضافة إلى محمد، يعيش كثيرون ظروفاً مأساوية في الاقليم، ولا يجد المئات فرصة للعيش في المخيم. وبحسب أسلمي، رحّلت السلطات الإيرانية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي 470 طفلاً، جميعهم ما دون 18عاماً. وتُفيد إدارة اللاجئين الأفغان في إقليم هرات بأنّ ما بين 400 و500 لاجئ يُرحلون يومياً من إيران، بينهم عدد كبير من الأطفال، يعيش بعضهم في مخيم أنصار. ولأنه لا يمكن للمخيم إيواء عدد كبير، يتوجه جلّ هؤلاء إلى التسول، وقد يتحولون إلى مجرمين.



وتؤكّد الإدارة أنّ الحكومة تسعى إلى مناقشة القضية مع السلطات الإيرانية، بهدف وضع آلية لترحيل النازحين، مع مراعاة حالة الأطفال والنساء وذوي الإعاقة، على ألّا يحصل الترحيل خلال البرد. وبجهود الإدارة، أنشأ مخيم "أنصار" في إقليم هرات، عند الحدود الإيرانية ـ الأفغانية. يؤوي المخيّم الأطفال والنساء وأصاحب الاحتياجات لفترة وجيزة، ويتولى متخصصون علاجهم في حال كانوا يعانون من أمراض، والاستماع إليهم. ويقول المسؤول عن المخيّم إن المدمنين من الأطفال والنساء يبقون فترات أطول، رغم شح الوسائل والإمكانيات.

من جهته، يطالب أحد رموز مدينة هرات صلاح الدين الحكومة الأفغانية وضع برامج منسّقة لمنع تفاقم هذه المشكلة من خلال إيواء هؤلاء الأطفال في أماكن خاصة، تراعى فيها حالتهم، إضافة إلى تأمين التعليم والعلاج لهم.

أعمال إجرامية

يقول أحد رموز مدينة هرات صلاح الدين إنّ بعض الأطفال يُؤخذون عن طريق المهربين إلى إيران بذريعة العمل، ثم يستخدمون في تهريب المخدرات وأعمال إجرامية أخرى. وحين يُرحّلون إلى أفغانستان، إما يتوجهون نحو الإدمان أو يتسولون في الأسواق أو يلجؤون إلى أعمال إجرامية أخرى كالسرقة وغيرها.

المساهمون