المعلمون في الجزائر...من "جراثيم" بن عروس إلى "قرصان" أويحيى

المعلمون في الجزائر...من "جراثيم" بن عروس إلى "قرصان" أويحيى

20 فبراير 2018
إضراب المعلمين في ولاية بجاية الجزائرية(فيسبوك)
+ الخط -
بخلاف ما قاله الشاعر "قمْ للمعلم وفّه التبجيلا"، انزلقت شخصياتٌ عامة في الجزائر، سياسية وإعلامية، إلى توصيف المعلمين والأساتذة بأوصاف لقيت استهجاناً، كان آخرها وصفهم من قبل رئيس الحكومة أحمد أويحيى بالقراصنة.

ولم تكن الواقعة الأولى من نوعها، إذ وصفت زهية بن عروس، الإعلامية ومقدمة الأخبار الأشهر في الجزائر في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، الأساتذة بـ"الجراثيم" التي تفسد وتشوش الاستقرار الاجتماعي، خلال عرضها خبراً عن إضراب للأساتذة.

وتظهر قصة المعلمين "الجراثيم" وزهية بن عروس من جديد، بعد إطلاق رئيس الحكومة وصف "القراصنة" على الأساتذة الذين يخوضون إضراباً منذ أسابيع دفاعاً عن الكرامة وحقوقهم الاجتماعية المهنية، وحقهم في التنظيم والمطالبة السلمية، وذلك خلال مؤتمر سياسي لحزبه، التجمع الوطني الديمقراطي، يوم الجمعة الماضي.

مرّت عقودٌ على زخم الأحداث المتلاحقة، لكن الأساتذة والمعلمين لم ينسوا إساءة زهية بن عروس، التي لم تتمكن من محو هذه الزلة اللفظية رغم فوزها لاحقاً بمقعد نيابي في البرلمان، وتبوئها منصب كاتبة دولة مكلفة بالثقافة. وتؤكد بن عروس في حوار صحافي مع مجلة "الشروق" الجزائرية، عندما سئلت عن أسوأ ذكرى لها في مسارها المهني، أن "أسوأ ذكرى تلاحقني منذ 30 عاماً هي أنني اُتِّهمت بوصف الأساتذة بالجراثيم، والحقيقة أنه كان فيه تشبيه بحيث فيه سلة من الفاكهة فيها حبة واحدة فاسدة وهي جرثومة تفسد الآخرين، كان تعبيراً قاسياً، فيه كذلك كلمة أخرى في التلفزيون وهي شرذمة، ولو أستطيع التصحيح في مساري المهني سأشطبهما من قاموسي".

يتذكر الأستاذ إبراهيم الرحماني حسين الذي كان يشارك في الإضراب حينها، قائلاً "كنت مضرباً في ذلك اليوم وآلمتني تلك العبارة المشؤومة، لن أسامح بن عروس على تلك الكلمة ومثلي الآلاف من الأساتذة وسنقتص منها أمام الله". وقال حميد الذي كان حينها أستاذاً شاباً: "كنا أساتذة شباباً عندما وصفت مقدمة نشرة الأخبار المعلمين بالجراثيم، الغريب أنها سكتت عن ذلك طول مشوارها المهني والسياسي، لكني أعتقد أنها شعرت لاحقاً بتأنيب الضمير".





أما وصف رئيس الحكومة للأساتذة والمعلمين بالقراصنة، فخلف استياءً بالغاً لدى الرأي العام والأساتذة أنفسهم، وقطاع واسع من الناشطين الذين ردوا عليه باتهامه بـ "سرقة الأصوات في الانتخابات" بعد تصريحه بأن المعلمين والأساتذة هم "القرصان الأكبر في الجزائر".

ويعتبر هؤلاء أن رئيس الحكومة، الذي قاد حكومات منذ عام 1995، أخفق في تحقيق أي منجز، وتلاحقه لطمة التزوير الفادح للانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار 1997، وأقرته لجنة التحقيق البرلمانية التي شكلت في حينه، ولا زالت تلاحقه رغم فوز حزبه بتلك الانتخابات المزورة.

ورد الناشطون والأساتذة على التصريح بسخرية بالغة. وعلّق الناشط حمزة شيبان بالقول: "مبروك على الأساتذة لقد تم استحداث رتبة جديدة في القانون الأساسي الجديد وهي قرصان". وقال الأستاذ عبد النور عثمان: "أنا قرصان لغة عربية وآدابها، وأنت". وكتب الأستاذ أحسن لقوي "بعد 28 سنة خدمة في تعليم أبنائنا التلاميذ، و27 سنة في تأطير الأقسام النهائية، أصبحت أشغل منصب قرصان مكون في التعليم الثانوي مادة الرياضيات، إنه المنصب الجديد في عين رئيس الحكومة".

مثلما طاردت كلمة "جراثيم" الإعلامية زهية بن عروس 30 عاماً، ستلاحق كلمة قرصان أحمد أويحيى لعقود، وربما يقول في حوارات لاحقة إنها أسوأ ذكرى في مساره السياسي.

المساهمون