طائرات إلى الهاوية

طائرات إلى الهاوية

طهران

فرح الزمان شوقي

avata
فرح الزمان شوقي
19 فبراير 2018
+ الخط -
أثار تحطّم الطائرة الإيرانية أمس، التي كانت متجهة من طهران إلى ياسوج جنوب غرب البلاد، قلق الإيرانيين مجدداً، على الرغم من اعتيادهم سماع أخبار تتعلّق بحوادث الطائرات المدنية، عدا عن تعطّل محرك أو تأخر الإقلاع نتيجة أعطال فنية، أو الهبوط اضطرارياً وغيرها.

وتشير التقارير الأوليّة إلى أنّ أسباب تحطّم الطائرة التابعة لخطوط آسمان ترتبط بسوء الأحوال الجوية، ما أدى إلى ارتطامها بجبال دنا الواقعة جنوب أصفهان وسط البلاد. وعلى الرغم من أن الإيرانيّين اطمأنّوا قليلاً بعد رفع الحظر المفروض على قطاع الطيران المدني الإيراني بموجب الاتفاق النووي، الذي توصّل إليه المفاوضون قبل أكثر من عامين، ما سمح للبلاد بتوقيع صفقات شراء طائرات جديدة من شأنها تغيير شكل أسطول البلاد المتهالك، الذي لم يطبق بالشكل الأمثل حتى اللحظة، فإن ما حدث أثار المخاوف مجدداً.

في ما يتعلّق بالطائرة المنكوبة، وبعد مرور خمسين دقيقة على إقلاعها من مطار مهر أباد الواقع غرب العاصمة، اختفت عن الرادارات، وتحطمت قبل 80 كيلومتراً من وصولها إلى وجهتها، بحسب بعض المصادر. وطالت عمليات البحث عن الحطام وأشلاء الضحايا، بسبب تردّي الأحوال الجوية، ولم تستطع المروحيات التحليق فوق تلك المنطقة الجبلية ذات التضاريس الصعبة، كذلك لم تتمكّن سيارات الإسعاف من اجتياز الصخور بسهولة، تزامناً مع هطول الثلوج وكثافة الضباب.

وبعد ساعات من تحطّمها، نقلت المواقع عن شهود عيان من السكان المحليين في قرى واقعة في سميرم جنوب أصفهان، قولهم إنّهم رأوا دخاناً يتصاعد من تلك المناطق الجبلية، فانطلق بعضهم للبحث عن الحطام، لكن الهلال الأحمر، الذي أكد أن مركباته وطواقمه تحاول الوصول إلى المكان، دعا السكان وحتى متسلقي الجبال هناك إلى عدم الإقدام على أية خطوة قبل التنسيق مع المعنيين، خشية وقوع أي حوادث أخرى تزامناً مع استمرار سوء الأحوال الجوية.



وعلى الرغم من أن المؤشرات الأولية تحدّثت عن أن الأحوال الجوية والارتطام بالجبل أدّيا إلى الحادث، وتأكيد مقتل جميع الركاب البالغ عددهم 66 شخصاً، رفضت شركة آسمان الإدلاء بأي تصريح، مشيرة إلى أنه من المبكّر تأكيد مقتل الجميع، وفضّلت انتظار الصندوق الأسود لتحديد الأسباب. إلا أنّ تصريحات أخرى من الشركة أشارت إلى أن عمر الطائرة التي تحطمت، وهي من طراز "آيه تي آر" الإيطالي الفرنسي، يصل إلى 25 عاماً، فيما أكدت مواقع إخبارية أنها الطائرة ذاتها التي تعرضت لعطل فني قبل نحو عشرين يوماً، وعادت أدراجها إلى مطار مهر أباد في طهران بعد إقلاعها بفترة وجيزة.

وإن كانت هناك عوامل مختلفة تؤدّي إلى تحطم الطائرات، إلا أن أسطول الطيران المدني الإيراني يعدّ من أقدم الأساطيل في العالم، في ظل الحظر الأميركي بالدرجة الأولى، الذي فرض عقب انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، وشُدّد لاحقاً، ومنعت طهران من شراء طائرات وقطع غيار أو حتى الحصول على صيانة واستشارات فنية، ما اضطرها إلى استخدام طائرات قديمة، عدد كبير منها من طراز بوينغ كانت قد اشترتها قبل أكثر من أربعة عقود، إضافة إلى اعتمادها على طائرات روسية تعود للحقبة السوفييتية، ويصعب الحصول على قطع غيار لها.

وتشير التقديرات إلى حاجة إيران إلى نحو 400 طائرة جديدة لتأمين كافة احتياجاتها، سواء من الطائرات التي تسيّر رحلات داخلية، وفيها خمسون مقعداً أو أقل، أو تلك التي تحوي على ما يزيد عن مائة مقعد، لاستخدامها في النقل بين المحافظات الكبرى وفي الرحلات الإقليمية والدولية، ولديها بالمجمل في الوقت الراهن 250 طائرة، وعدد كبير منها يبلغ متوسط عمره 23 عاماً.

لكنّ المعنيّين في وزارة الطرق والمواصلات استطاعوا توقيع صفقات بعد الاتفاق، بعضها مع شركة "آيه تي آر" نفسها، وتسلّمت إيران طائرات جديدة منها، إضافة إلى توقيع صفقات ثانية مع شركة "إيرباص" الفرنسية و"بوينغ" الأميركية، لشراء ما يزيد عن مئتي طائرة. وتسلّمت البلاد عدداً قليلاً من طائرات "إيرباص" وما زالت في انتظار البقية، في وقت تتّهم الخزانة الأميركية وحتى الكونغرس بتعطيل صفقة "بوينغ".

ينتظرون سماع أية أخبار (عطا كيناري/ فرانس برس) 


تجدر الإشارة إلى أن حادثة طائرة ياسوج أعادت إلى الأذهان ذكريات مؤلمة، على الرغم من اختلاف العوامل والأسباب، إذ أثارت مزيداً من المخاوف من استخدام الطيران المدني للتنقل بين المحافظات والمدن الإيرانية، كما أن سقوط هذه الطائرة أعقبه هبوط اضطراري لطائرة ثانية كانت متجهة من مشهد إلى إيلام، فحطّت في مطار كرمانشاه بسبب عطل فني. وفي اليوم نفسه، نقل صحافيون، كانوا على متن طائرة تستعد للإقلاع من طهران إلى كيش لتغطية بطولة لكرة الطائرة هناك، أن المعنيين كانوا يقومون بإصلاح أجنحة الطائرة أمام أعينهم.

وتاريخ حوادث الطيران في إيران طويل ومرير، فقد تعرّضت أكثر من 70 طائرة مدنية وعسكرية لحوادث بالغة الخطورة منذ انتصار الثورة في عام 1979، ما أدى إلى مقتل وإصابة كثيرين بين مدنيين وعسكريين. قبل تحطّم طائرة ياسوج، قتل 39 شخصاً وأصيب آخرون من جرّاء سقوط طائرة من طراز انتونوف التي تسمّى إيران - 140، وهي تابعة لشركة سباهان، في أغسطس/ آب في عام 2014، قرب منطقة سكنية بعد إقلاعها بدقائق من طهران، نتيجة عطل أصاب محرّكها.



وفي عام 2011، سقطت طائرة بوينغ 727 تابعة لشركة إيران اير، كانت متوجهة من طهران إلى أرومية، ما أدّى إلى مقتل 78 شخصاً. وفي عام 2009، قتل 168 شخصاً في تحطم طائرة روسية الصنع سقطت في قزوين، كانت متوجهة من طهران إلى أرمينيا. وشهد العام نفسه حوادث متكررة مدنية وعسكرية اختلفت حصيلتها. وفي عام 2006، سقطت طائرة فالكن، ما أدى إلى وفاة 20 شخصاً، منهم قادة في الحرس الثوري.

وفي عام 2005، تحطّمت طائرة سي ــ 130 تابعة للجيش، وكان على متنها صحافيون وعسكريون، وسقطت فوق مجمعات سكنية غرب العاصمة طهران، ما أدّى إلى مقتل 110 أشخاص من الركاب وسكان البيوت على حد سواء. وفي عام 2003، تحطّمت طائرة روسية أيضاً جنوب شرق إيران، ما أدى إلى مقتل 203 أشخاص.

ذات صلة

الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.
الصورة

سياسة

توعّد الحرس الثوري الإيراني، اليوم السبت، بـ"إغلاق بقية الممرات" المائية الدولية، إذا واصل الاحتلال الإسرائيلي جرائمه بحق سكان غزة.
الصورة

مجتمع

بين ركام عمارات سكنية دمّرتها غارات إسرائيلية في غرب مدينة غزة، تجمّع فلسطينيون لرفع كتلة إسمنتية كبيرة أمام ثلاثة مسعفين سحبوا من المكان جثة هامدة. ويصرخ شاب باكياً "لماذا؟ لم نفعل شيئا يا الله".
الصورة
إيمان بنسعيت (العربي الجديد)

مجتمع

تركت كارثة زلزال المغرب آثاراً مأساوية على عدد من سكان منطقة ثلاث نيعقوب، وبينهم الشابة إيمان، البالغة 20 عاماً التي نجت من تحت أنقاض منزل عائلتها، بسبب وجودها خارج القرية، لكنها شربت من كأس الموت المر