فتيات في خطر

فتيات في خطر

16 فبراير 2018
أزمة اللجوء فاقمت حدة المشكلة (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -
أذكر الجملة التي كان يخبرنا بها أبي والتي كانت تتردد في بيت أهله: "يا ستي (جدتي) ردّي على ستك (جدتك)"، في إشارة إلى وجود عدة أجيال في بيت واحد. السبب أن النساء كن يتزوّجن مبكراً في عمر 13 أو 14 عاماً، بحيث أنهن حين يصبحن في عقدهن السادس، ونتيجة توريث عادة الزواج المبكر للبنات والحفيدات، فإنّهن يشهدن على حياة الأحفاد من عدة أجيال. اليوم، وبعد مرور عشرات السنوات على تلك العادة، ها هي تعود من بابها الواسع في أوساط المراهقين والمراهقات لا سيما الفتيات بين 13 و18 عاماً.

لماذا يتم تزويج الفتيات الصغيرات؟ ربط الزواج المبكّر بأزمة اللجوء قد لا يكون أمراً دقيقاً، لأنّ الزواج المبكّر هو من التقاليد التي كانت ولا زالت تُمارس في بعض الأوساط الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لا سيما في الأرياف. ولبنان ليس بعيداً عن هذه الممارسات. ففي لبنان، ثمة 15 قانوناً يحدد كل منها "حداً" أدنى للزواج يترواح بين عمر 12 عاماً لدى بعض الطوائف و17 عاماً لدى أخرى، ويُترك لدى بعض الطوائف للقاضي الشرعي "حسن تقدير سن الفتاة ومدى أهليتها للزواج".

تتمثل الأسباب بشكل أساسي بالتفكير البطريركي الذي يمحي فترة "المراهقة" من حساباته بالنسبة للنساء، فهن ينتقلن بشكل مباشر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد ليصبحن نساءً ولو لم يتجاوزن الـ15 عاماً. والقانون يُكرّس هذا الأمر، لا سيما في المادة 505 من قانون العقوبات (في حالة الخطيفة).

لا شك أن أزمة اللجوء فاقمت حدة المشكلة بشكل كبير، حيث إن دفع الفتيات للزواج بشكل عشوائي، اتخذ في كثير من الأحيان شكلاً من أشكال الاتجار بالفتيات. وهكذا زُوّجت الفتاة مقابل بدل مادي للأسر لتسوية أوضاعها. كما أنّ دافع الأهل للقيام بمثل هذه الخطوة هو بنظهرهم حماية الفتيات من العنف.

هكذا، ولأسباب مادية أو ثقافية ذكورية، تدفع الفتيات الثمن بشكل مضاعف وحادّ. ولعل مشكلة إجبار الفتيات على الزواج تبرز في مستويات عدة، أبرزها حرمانهن من حقوقهن بفرص التعليم واللعب والصحة والتطور وبناء العلاقات الاجتماعية. كما أنه يُعرضهن بشكل مضاعف لخطر التعرض للعنف والإهمال والاستغلال. وبالرغم من توفّر خدمات الصحة الإنجابية والجنسية للمراهقات، إلا أنه "ممنوع عليهن" الوصول إليها.

غريب أمر هذا المجتمع وثقافته التي تتوقع من الفتيات الزواج والحمل والإنجاب، وليس لديهن الحق بالحصول على خدمات صحة جنسية، في الوقت الذي يبلغ فيه احتمال تعرّض الفتيات للوفاة نتيجة مضاعفات الولادة 5 مرات أكثر من النساء الحوامل في العشرينيات من أعمارهن.

*ناشطة نسوية

المساهمون