بالون إلى السماء

بالون إلى السماء

04 ديسمبر 2018
في طريقه إلى الأعلى (ألتان غوشير/ Getty)
+ الخط -
ما زال البالون في حجمه الأصلي. مشروع بالون يُفترض أن يطير إلى السماء، لأنّ في داخله رسالة إلى عزيز انتقل إلى الأعلى قبل سنوات. الطفل يخال عزيزه هيكلاً عظمياً يتنقّل بين الغيوم. من خلاله، بدأ علاقته مع الموت، ذلك الحدث المجهول في حياة كلّ واحد منّا.

مات وموت. كلمتان غامضتان في حياة كثير من الأطفال، وإن كانت عائلات ترفض إشراكهم في التفاصيل... فما قبل السماء تابوت وقبر. والقول إنّ شخصاً ما صعد إلى السماء لن يكون حدثاً لطيفاً، لكنّ القبر قد يكون ثقيلاً ومخيفاً. ما نراه حين ننظر إلى أعلى يمنحنا إحساساً بالفرح والأمل والراحة. صفاء وغيوم وطيور تحلّق معاً. وما لا نراه في جوف الأرض هو ديدان وحشرات ورطوبة ولون داكن. كما أنّ البالونات تطير إلى أعلى فقط، قبل أن ترسم ابتسامات على وجوه من كانوا يحملونها.

يشتاق إلى عزيزه ويرغب في محادثته. ينظر إلى السماء ويصمت. هل يسمعني؟ وإن كان الجواب إيجابياً، يعود إلى الصمت.

المشهد نفسه من جديد. هو على شكل هيكل عظمي، مثل فيلم "كوكو" الذي تدور أحداثه في أرض الموتى. مجموعة من الهياكل العظميّة تعيش حياة موازية للأحياء، هي تتمّة لما كانوا يعيشونه على الأرض. في هذا المكان، ستلتقي العائلات والأصدقاء حين ينتهي وجودهم على الأرض.

باتت الصورة أوضح من خلال الفيلم، أقلّه لبعض الوقت. إذاً، يُتابع الموتى حياتهم، ويشاركون في حفلات ويتناولون الطعام. لكنّ هؤلاء مجهولون بالنسبة إليه. ماذا عن الموتى الذين يعرفهم؟ وكيف تكون أشكالهم في سماء يراها من خلال لون أزرق يومياً، ويتمنّى أن يطير من خلالها إلى سماء أخرى، ويرى الغيوم عن قرب؟

ثمّ يسأل: "هل سنرى بعضنا بعضاً حين نموت؟". لكن، ألا يفترض أن يكون الجواب حتمياً؟ أرتبك ولا أجيب. ثم أقول بالطبع. لكنّه قد يحتاج إلى دليل. "كيف سنعرف بعضنا بعضاً حين نصير هياكل عظمية؟". قلت له إنّنا سنتّكل على مشاعرنا. وصمت.




لم يبد مقتنعاً، لكنّه أمل أن يكون ذلك صحيحاً. لا بد أن يعلق بعض من رائحتنا على عظامنا. لا بدّ أن تبقى تفاصيلنا على حالها. وربّما تساعدنا بالونات كنّا قد حصلنا عليها في وقت سابق. ماذا لو تمكنّا من تهريب سلسلة إلى السماء، فيها أحرف أسمائنا، وأسماء أولئك الذين نحبّهم؟ وإلى حين يأتي يومنا، سيكون الرقم قد تراجع كثيراً، وربّما تسع أسماؤهم في سلسلة واحدة.

هل أقنعتك الآن؟ لا تستطيع قراءة وفهم هذه الكلمات بعد. لكنّها باقية. ستكبر وتبحث عن الاسم على "غوغل"، الذي اكتشفته حديثاً، وستقرأ أنّ شيئاً لن يفرقّنا. وبكلّ شاعريّة، أقول لك: "حتى الموت".

المساهمون