الأسير نائل البرغوثي... 39 عاماً في سجون الاحتلال

الأسير نائل البرغوثي... أقدم أسير في سجون الاحتلال

27 ديسمبر 2018
مطالبات بالحرية لنائل البرغوثي أقدم أسير فلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -

دقائق صامتة عاشتها الأسيرة المحررة أمان نافع مع زوجها الأسير نائل البرغوثي (62 سنة) من قرية كوبر شمال غرب رام الله، حين زارته في سجن "هداريم" الإسرائيلي لأول مرة في السابع عشر من الشهر الجاري، بعد إعلان استشهاد ابن شقيقه صالح البرغوثي، قبل أن يتبادلا الحديث عن أحوال العائلة وصمودها.


كانت زيارة أمان لنائل زيارة تعزية، ولم تكن تعرف ماذا تقول. تلعثمت بالكلام حينما اغرورقت عينا نائل بالدموع، والحديث الذي يتم عبر الهاتف، ومن خلف الزجاج الفاصل، ليس سهلا.
وأوضحت أمان نافع لـ"العربي الجديد"، أن زوجها حدثها عن مواقف الأسرى معه بعد علمه باستشهاد ابن شقيقه صالح، وأن زملاءه الأسرى تجمعوا حوله معزين ومواسين، قبل أن ينتقلوا للحديث عن أحوال الأسرة.


وقتلت وحدات خاصة إسرائيلية في 11 من الشهر الجاري، الشاب صالح البرغوثي، ثم تلا ذلك عقوبات جماعية بحق عائلته وأهالي قريته، شملت اعتقال والده الأسير المحرر عمر البرغوثي، وشقيقه عاصف ومطاردة شقيقه الآخر عاصم.

لم يكن صالح مولودا حين اعتقال نائل عام 1978، في سن التاسعة عشرة، وحينما خرج من السجن في صفقة "وفاء الأحرار" التي أبرمتها حركة حماس عام 2011، جمعتهما علاقة مميزة، وفي حفل زفاف صالح كان نائل فرحا "يدبك" ويصفق فرحا بابن الأخ الوحيد الذي حضر حفل زفافه بسبب غيابه عن المناسبات السعيدة والحزينة قسرا داخل سجون الاحتلال بشكل متواصل 34 عاما.

لم تكتف قوات الاحتلال بتلك المدة الطويلة التي قضاها نائل في سجونها، فعاودت اعتقاله مجددًا في 18 يونيو/حزيران 2014، مع عشرات المحررين في الصفقة، وأعيد حكمه المؤبد مجددا، لتطول مدة سجنه إلى أكثر من 38 عاما، منها 34 عاما بشكل متواصل بتهمة مقاومة الاحتلال.

كانت حنان البرغوثي تبلغ من العمر 13 سنة فقط حين اعتقال شقيقها نائل في 1978، وبالكاد تتذكر تفاصيل الحياة الأسرية مع شقيقها الذي غيبه السجن عن أجواء أسرته، ليبدأ عامه التاسع والثلاثين داخل سجون الاحتلال في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. سنوات نائل داخل سجون الاحتلال أكثر من سنوات الحرية التي عاشها مع عائلته، وحاولت شقيقته حنان أن تعوضه بعد الإفراج عنه في 2011.
وتذكر حنان لـ"العربي الجديد"، بعض ملامح الحياة الأسرية قبل اعتقال شقيقيها عمر ونائل، وابن عمها فخري، عام 1978. أفرج عن عمر في 1985 ضمن إحدى صفقات المقاومة آنذاك، وبقي نائل وفخري، إلى أن تم الإفراج عنهما في صفقة "وفاء الأحرار".



وأضافت: "جميع صفقات التبادل التي أبرمت استثنت نائل وفخري، عشنا أفراحا وأحزانا بدونهما، وكانت سلطات الاحتلال حتى صفقة وفاء الأحرار تريد إبعاد نائل إلى خارج الوطن، وحينما وافقت على الإفراج عنه بالصفقة كان الإفراج مشروطا ويحدد مكان إقامته وحرية حركته في محافظة رام الله والبيرة، ومن ثم الذهاب للتوقيع لدى الاحتلال لإثبات وجوده".

كانت حنان تأمل أن يفرج عن شقيقها نائل ليشارك بحفل زفافها، لكن إسرائيل واصلت اعتقاله، وصار لها أبناء ثم أحفاد ونائل داخل السجن، وصارت أما لأسيرٍ بعدما اعتقل ابنها عناد (31 سنة)، والذي يقضي حاليًا حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات.


أجيال كثيرة تعاقبت في قرية كوبر ونائل داخل سجون الاحتلال، ولم يعش كثيرا من الأحداث، تقول حنان: "بلدتنا تغيرت، والحياة تغيرت، كنا نعيش بلا كهرباء ونطبخ على وسائل تقليدية كالبابور، ونشعل مصابيح الكاز للإضاءة، وحينما خرج نائل في 2011، كان كل شيء قد تغير، وكوبر زاد عدد سكانها إلى 5 آلاف نسمة بعدما كان ألف نسمة فقط، واختلفت الأبنية في القرية وتطورت الحياة".

ورغم أن نائل البرغوثي مليء بالأمل والصبر والصمود داخل سجون الاحتلال لكنه يبحث عن الحرية، ومن سجنه في معتقل هداريم، بعث برسالة إلى عائلته مع دخوله عامه التاسع والثلاثين في الأسر، تظهر حسابه لأيام وشهور وسنوات السجن، وكيف يشتاق للحرية التي حاول خلالها استكمال دراسته الجامعية والتحق بجامعة القدس المفتوحة لدراسة تخصص التاريخ.
كما حاول تكوين أسرة بعد شهر من الإفراج عنه في 2011. بعد شهر من الإفراج عنه، تزوج نائل البرغوثي في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، من رفيقة دربه الأسيرة المحررة أمان نافع، لكن الزوجين تفرقا مجددًا بعد 37 شهرًا، وبدأت زوجته أمان رحلة معاناة جديدة مع معاودة الاحتلال اعتقاله.