تقييم المساواة بقوانين 18 دولة عربية...دستور لبنان ضمن الأسوأ

تقييم المساواة بقوانين 18 دولة عربية... دستور تونس يتصدر ولبنان ضمن الأسوأ

10 ديسمبر 2018
مجسمات ترمز لنساء قتلن بيد الشريك بلبنان(أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -


أصدرت منظمات "إسكوا" وصندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، تقييماً للقوانين المؤثرة على المساواة بين الجنسين في 18 دولة عربية، خلال مؤتمر بدأته اليوم، الاثنين، في فندق الموفمبيك في العاصمة اللبنانية بيروت، حول عدالة النوع الاجتماعي والقانون، ويستمر حتى يوم غدٍ، الثلاثاء.

وشملت الدراسة التي أصدرتها المنظمات الثلاث قوانين من 18 بلداً عربياً، هي: لبنان، وسورية، وفلسطين، والأردن، والعراق، واليمن، والسعودية، وقطر، والبحرين، وسلطنة عمان، والجزائر، وجيبوتي، وتونس، ومصر، وليبيا، والسودان، والصومال، والمغرب. واعتمدت في تقييمها على دراسة موقف كل بلد من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، ونص الدستور، وقانون الجنسية، والقوانين الجنائية، وقوانين الأحوال الشخصية وقوانين العمل.

لم يقدم التقييم أرقاماً، بل استخدم رموزاً لونية لتصنيف القوانين وفق ثلاث خانات. خانة نعم: يكفل المساواة بين الجنسين و/أو الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وخانة جزئياً: تناول بعض جوانب عدالة النوع الاجتماعي في القانون ولكن لا تزال هناك أوجه انعدام مساواة. وخانة كلا: لا ينص على المساواة بين الجنسين و/أو لا يوفر الحد الأدنى من العنف القائم على النوع الاجتماعي.


وأظهر التقييم أن القوانين التونسية هي الأكثر تحقيقاً للمساواة بين البلاد المستطلعة، علماً أن دولاً أخرى تقدمت عليها في بعض القوانين. أما الملفت في التقييم فهو أن الدستور اللبناني اعتبر من بين الأسوأ إلى جانب الدستورين الأردني والسعودي لجهة أنه لا يكفل المساواة بين الجنسين، ولا يؤمن الحد الأدنى من الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. في حين اعتبر الدستور اليمني أقل سوءاً كونه يتناول بعض جوانب عدالة النوع الاجتماعي. أما بقية الدول فصنف دستورها على أنه يكفل المساواة والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

كما في الدستور كذلك في قانون الجنسية ظهر لبنان من بين الأسوأ، فلا يسمح القانون للمرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأبنائها أو لزوجها، وتتساوى في ذلك مع سورية والسعودية والأردن وعمان والبحرين وليبيا وقطر. أما البلدان العربيان اللذان يؤمنان المساواة عبر السماح للمرأة بمنح جنسيتها لأبنائها ولزوجها فهما الجزائر وجيبوتي. وتسمح بقية الدول العربية للنساء بمنح جنسياتهن لأبنائهن بشروط متفاوتة.

وفي ما يتعلق باتفاقية سيداو، التي صادقت عليها ثلاث دول عربية دون تحفظ هي تونس وفلسطين وجيبوتي، فرفض الصومال التوقيع عليها. أما بقية الدول فقد وقعتها مع التحفظ على بعض المواد الواردة فيها.


وبالنسبة لقانون الأحوال الشخصية، وحدها تونس تميزت لجهة تحقيق المساواة في أمور الزواج والطلاق، ومنع تعدد الزوجات. في حين صنف لبنان على أنه يؤمن المساواة جزئياً، نتيجة اختلاف قانون الأحوال الشخصية بحسب الطوائف، وباعتبار تعدد الزوجات أمرا نادر الحدوث. والملفت أن الاغتصاب الزوجي غير مجرّم في كل البلاد باستثناء جيبوتي، التي تعرّفه في قانون العقوبات، وعلى الرغم من ذلك نادراً ما تحدث ملاحقات قضائية بسبب هذه الجريمة. وتمنح كل القوانين الأب الوصاية على أطفاله، باستثناء القانون الليبي الذي "يمنح الوصاية للأم والأب وفق القانون لكن الموقف بعد الطلاق غير واضح وتطبق أحكام الشريعة".

في تقييم القوانين الجنائية، يسمح القانون في تونس والسودان بالإجهاض للناجيات من الاغتصاب، وهو ما صنف ضمن الخانة التي تكفل المساواة والحماية. في حين تسمح الجزائر بالإجهاض للناجيات في حال كان ضرورياً لصحة المرأة العقلية. أما مصر فسمحت بالإجهاض بعد صدور فتوى تشترط حصوله في الأشهر الأولى من الحمل.


ولا تؤمن قوانين الدول العربية المتعلقة بالعمل بالجنس وقوانين مكافحة البغاء الحد الأدنى من الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. يعتبر قانون تونس الأفضل كونه يؤمن حماية جزئية، إذ إن القانون ينظم ممارسة البغاء في منازل محددة، مع اشتراط أن تخضع العاملات في تجارة الجنس للفحص الصحي ودفع الضرائب والتسجيل في وزارة الداخلية. وتؤمن قوانين 14 دولة الحماية من الاتجار بالبشر. في حين يؤمن لبنان والسعودية والجزائر وليبيا حماية جزئية.

وينص  قانون العمل في 16 دولة على حق المرأة في الأجر المتساوي عن العمل نفسه الذي يقوم به الرجل. لكن قانون العمل في كل من السعودية والأردن لا ينص على المساواة في الأجر. ورغم إيجابية هذا الرقم، غير أن رنا غندور سلهب، عضو اللجنة التنفيذية في "ديلويت"، تلفت خلال مشاركتها في إحدى جلسات الحوار، إلى عدم تطبيق هذ القانون.

يعد وضع عاملات المنازل الأسوأ لناحية الحماية القانونية في لبنان وتونس والصومال واليمن ومصر. فيما تؤمن قوانين العمل في الجزائر والعراق وليبيا حماية للعاملات المنزليات، أما في جيبوتي، فلا قانون واضحا بهذا الشأن. وتؤمن قوانين العمل في بقية الدول بعض الحقوق للعاملات.


تضع كل الدول العربية الـ18 قيوداً قانونية على عمل النساء، لكن الجزائر الأكثر تقدماً بين هذه الدول، وإن لم يحقق المساواة في هذا المجال، لكنه أزال معظم القيود المفروضة على توظيف النساء في الصناعات. فيما يحظر القانون توظيف النساء في العمل الليلي ما لم تمنح استثناءً خاصاً.

ورغم التقييم الإيجابي للعديد من القوانين في الدول العربية، إلا أن العديد من المتحدثين في جلسات الحوار لفتوا إلى عدم تطبيق القوانين وعدم وجود آليات لمراقبة تطبيق العديد منها. فيما اعتبر رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، سمير العيطة، أن الحروب تفتح المجال لتحصيل حقوق النساء، وأن الحالة التي تعيشها البلاد العربية ستسمح للنساء بتحصيل حقوقهن.

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مراد وهبة، إن الهدف من حلقة نقاش القوانين الموجودة في الدول العربية هو ردع العنف ضد المرأة. واعتبر وهبة أن الدول العربية قطعت شوطاً كبيراً باتجاه المساواة بين المرأة والرجل، لكنه يرى أن أخطر ما تشهده هو عدم إقرار العديد من القوانين المرتبطة بالعنف ضد النساء، مضيفاً "تواصلنا مع السلطات في البلاد العربية وراجعنا بعض الحكومات التي تعاطت بإيجابية. على كل الدول أن تخرج باستنتاجات من التقييم الذي أجريناه وأن تعدل قوانينها".

المساهمون